عندما كنت صغيراً سألتهم عن الوطن فأخبروني بأنّه حزم حقائبه ومضى …
سألتهم مضى إلى أين ؟
قالوا : ” أسكت ” الحيطان ليها ودان !
فتساءلت كيف يمكن للحيطان التي تواري سوأتي أن توشي بنا ..
وكنت كل يوم أأوي إلى فراشي وأنا أظن بأن الوطن ذهب إلى منفاه بوشاية من جدرانه .!

وعندما كبرت علمت أن الجدران ليس لها ودان
وأنها عكس البشر عاجزة عن الوشايه
وتيقنت أنهم أرادو للجميع أن يسكت
وأن الوطن نفي نفسه لأنّه اختنق بالصمت ..

علمت بأنّ الوطن كان يريد ألبقاء
ولولا أن قومه أخرجوه ما خرج
أرادوه أن يضحك حين يبتسم ابن الوالي
وأن يبكي حين يتعثر ابن الوزير
وأن يُغني حين يعربد ابن الخفير
وأنْ يلبس السواد حين يموت الكبير
وأن يبايع في اليوم التالي كبيراً آخر يجفف دموعه .

علمت ايضاً حين كبرت بأنهم لم يمسكوا بتلابيب الوطن ومحاولة منعه من الرحيل
هم لوحوا له بمناديلهم فقط وهو يبحث عن الطريق
ولحظة وصوله الى آخر نقطة في الوجع
ثم قالوا له : الوطن وطنك متى أردت الرجوع !
وكانوا يعرفون أنه لن يرجع
وكان يعرف الوطن بأنهم لا يريدونه أن يرجع
معرفة الحقيقة عذاب حق !
كان وطنهم هم
وطن الذين يأمرون بالمعروف
ونسوا أن سكوتهم عن أشياء أخرى منكر أكبر !
وطن الذين ينهوا عن المنكر
ولو أراحوا الوطن من خطاباتهم لكان معروفاً أكبر !

……….

كفل الدستور حقكم في الحياة ولكن عليكم أن تموتوا كل يوم ألف مره
موتوا كي تكونوا جديرين بالوطن !

أعترف الدستور بحقك في انتخاب برلمان وحاكم
ليخبروك أن الطريق إلى سد العجز يمر من جيبك !

يعترف الدستور بحقك في المساواة ولكن
مت أولاً !
ففي المقابر فقط يتساوى الجميع ،الغني ،والفقير ..

يُقر الدستور بحقك في المغادرة متى شئت
لا اعترافاً بحريتك في المغادرة ،
بل لأن هناكَ الكثير منك
رحيلكَ لنْ يحدثَ فرقاً
فقدَ رحلَ الوطنُ وبقيت الحكومة تسيِّرُ الأمور
لا أحد يلوي ذراعَ الحكومَة ولا حتى الوطن
هل عرفتم لماذا حزمَ الوطنُ حقائبَه ؟

يكفلُ الدستورُ حقكَ في الحياةِ ولكن عليكَ أن تموتَ كلّ يومٍ ألفَ مرّة
مُتْ كي تكونَ جديراً بالوطن
.
يُكفّن الدستور حقكَ في الحياة بكفن الصمت، لكي تكون جديراً بالمواطنة !

يعترفُ الدستورُ بحقكَ في انتخابِ برلمانٍ يلتئِمُ كلَّ شهرٍ مرّة
ليخبركَ أنّ الطريقَ إلى سدِّ العجزِ يمرّ من وسطِ جيبك
.
حقكَ في الإنتخابات لا تناله إلا عندما يتم إدراج اسمك في قوائم المتوفين،
وقتها يكون لك صوتاً صحيحاً ، أما طوال حياتك ، فالصوت باطلاً ، أو مزورا !

يعترفُ الدستورُ بحقكَ في المُسَاواة
مُتْ أولاً ! في المقابرِ يُوارى الجميعُ ذات الثرى
.
حتى هذه ليست بها مساواة!
فلن يضعوا اكليل الزهور في ذكرى الجندي المجهول على قبرك،
رغم أنك عشت عمرك كله مجهولا !!
.
يقرُّ الدستورُ بحقكَ في المغادرةِ متى شئتَ
لا اعترافاً بحريتكَ ، بل لأنّ هناكَ الكثير منكَ
ورحيلكَ لن يحدث فرقاً ……

هذه صحيحة ١٠٠٪ .. يتركونك ترحل ..
ثم ينتشلون جثتك من مراكب الهرب قائلين : عيب عليك تلعب في المياة الإقليمية بتاعة الآخرين !

هل عرفتم لماذا حزم الوطن حقائبه؟
حزم الوطن حقيبته لكنه لم يرحل ..
لأنهم اعتقلوه !

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليقان

  1. كلام جميل ومعبر وجارح وقاتل و …?
    لولا بعض الأخطاء والإعادة ربما بسبب النسخ واللصق

  2. أعتذر خطأ التكرار ، الموضوع برمتة من الهاتف ولا أملك التعديل ..
    سأتذكر نصائحك وسأضعها على غلاف كتاباتي بأسم صاحبها ..

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *