كل شيء في هذا الكون وضع وخلق بحكمة وميزان من لدن الخالق سبحانه وتعالى ، قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) فالصيام تشريع من السماء لأهل الأرض، وقد فرضه الله على الأمم التي سبقت المسلمين ، واليهود والمسيحيون والمسلمون يؤمنون بالصوم كتشريع أساسي من السماء، لكن هناك اختلاف في التطبيق.

للصوم فائدتان جوهريتان، روحية وجسدية، فالأولى لعلاقات الإنسان الروحية، وأهمها علاقته بخالقه ، ومن ثم مع من حوله، والثانية تحفيز الجسد نحو الكمال، ففلسفة الصوم ليست موضوع طعام وشراب، أو امتناع عن الغريزة الحيوانية، وإنما هي مدرسة تربوية لتهذيب الإنسان من الداخل والخارج ” الروح والجسد ” ، فهي إعطاء فرصة لبني آدم كي يطوع روحه لكي يمتطيها ويوجهها نحو الجادة، وليس العكس! بين زخم وزحمة باقي الشهور، فعند خلو المعدة من الطعام يقل تشتيت قدرة العقل، وما يتم صرفه من طاقة عقلية وذهنية على الجهاز الهضمي والمعوي، يتم تحويله نحو العقل، ويبقى التركيز موجهاً إلي المنطقة العلوية ، منطقة المخ والتفكير، وهنا يحدث الترويض للروح، فالبطنة تذهب الفطنة ، والإنسان يأخذ استراحة ربانية لمدة شهر سنوية لجسمه وروحه . وهي مدروسة بدقة متناهية مقسمة على عدد زمن الأشهر القمرية، لذا قال (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، أي ربما ثلاثون يوماً أو أقل .

إذاً هي استراحة شهر قمري لوضعه كرقم في معادلة الجسد والروح السنوية والأهم، هي وقفة لنقف فيها مع أنفسنا ونحدد طريقنا ومصيرنا ، فالإنسان مخيّر وليس مسيّراً على جسر الحياة، ومع ذلك ومن كرم الخالق جل شأنه، اهتمامه بهذا الإنسان يبقى متصلاً دون توقف، حتى مع دوام عصيانه فكما هو منغمس مع ما أعطي من نعم الحياة وغرائزها، كالفم والعينين واليدين والتزاوج وحب الحياة، وضياعه في متاهات تلك الزحمة بين جمع الملايين من البشر… أعطاه فرصة للرجوع عن الخطيئة نحو الحق والطهارة، والدخول من باب شهر الرحمة ، فجعل فيه أبواب السموات مفتوحة للتقرب إلى الله بالقرآن والدعاء وليلة القدر، وجعل فيه النفس لينة ومطيعة ، والروح عرفانية وخفيفة وفي أقوى أوجها، والشهوة لغرائز الحرام ضعيفة، فالنصر لنزعة الخير في هذا الشهر محتوم، والاندحار لنزعة الشر محسوم… إذاً هي فرصة كي نروض نفوسنا ونأخذها إلي طريق الله.

فوزي صادق / إعلامي وروائي : @Fawzisadeq

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫4 تعليقات

  1. لا أدري لما نتجاهل فائدة الصيام لأجسادنا :
    الله تعالى لا يكتب شيئاً على عباده إلا إذا كان فيه مصلحة ومنفعة لهم.
    جميع الأطباء يؤكدون اليوم أن الصوم ضرورة حيوية لكل إنسان حتى ولو كان يبدو صحيح الجسم، فالسموم التي تتراكم خلال حياة الإنسان لا يمكن إزالتها إلا بالصيام والامتناع عن الطعام والشراب. يقول أحد الأطباء: يدخل إلى جسم كل واحد منا في فترة حياته من الماء الذي يشربه فقط أكثر من مئتي كيلو غرام من المعادن والمواد السامة!!
    وكل واحد منا يستهلك في الهواء الذي يستنشقه عدة كيلوغرامات من المواد السامة والملوثة مثل أكاسيد الكربون والرصاص والكبريت. فتأمل معي كم يستهلك الإنسان من معادن لا يستطيع الجسم أن يمتصها أو يستفيد منها، بل هي عبء ثقيل تجعل الإنسان يحسّ بالوهن والضعف وحتى الاضطراب في التفكير، بمعنى آخر هذه السموم تنعكس سلباً على جسده ونفسه، وقد تكون هي السبب الخفي الذي لا يراه الطبيب لكثير من الأمراض المزمنة ٠
    نحن عندما نصوم لله شهراً في كل عام إنما نتبع نظاماً ميكانيكياً جيداً لتصريف مختلف أنواع السموم من أجسادنا.

  2. صباح الخير نهى، الصيام حلو و راحة للجسد، بس يا نهى في هادا العصر ما فيه سموم في الماء متل قبل. الإشيا تحسنت و الطبيب في كلامك عم يشرب من مستنقع ههههههه

  3. يا هلا بريندا رمضان كريم
    ما كتبته يا بريندا ما هو الا جزء من التلوث الموجود من حولنا سواء كان في الماء ( بسبب تلوث المياه الجوفية مثلاً ) او السموم في أجسادنا الناتجة عن عملية الهضم و التنفس ٠٠٠ الى آخره من العمليات الفيزيولوجية التي تجري بصمت في الجسم ٠
    التلوث قد يأتي من الخضار و الفاكهة التي تمت معالجتها بالمبيدات خوفاً من الآفات الحشرية و التي الغسيل الجيد بالماء و الملح لا يزيلها كما يظن البعض ٠
    التلوث قد يكون مصدرة المطيبات الملونات المواد الحافظة التي تضاف للأطعمة و أسماؤها تدل على وظيفتها ٠٠٠
    كل هذه السموم و غيرها يحاول أن يتخلص منها الجسم أثناء الصوم ٠
    ارجو ان أكون رديت على سؤالك عزيزتي بريندا

  4. في رمضان ايضاً ليست العبره بكثرة العباده – رغم استحباب ذلك في هذا الشهر المبارك – لكن العبره في اثر هذه العبادات على القلب وانعكاس ذلك على السلوك .. فيحفظ سمعه وبصره ولسانه وكل جوارحه عما حرّم الله تعالى .
    نقطه اخرى ..
    يقول الكاتب (فالإنسان مخيّر وليس مسيّراً على جسر الحياة) وهذا خطأ..
    فالانسان مخير ومسير ..
    مخير لما وهبه الله له من عقل وإدراك ..وقدرته على التمييز بين الخير والشر وبين الخطأ والصواب ..
    ومسير وميسر لما خُلق له على ما مضى من قدر الله ..
    فالله سبحانه قد قدر لخلقه منذ ان نفخت فيهم الروح وهم في بطون أمهاتهم..قدّر عليهم ارزاقهم واجآلهم وأعمالهم وشقيّ هو ام سعيد ..
    ولا يرُدّ ماكتبه الله على ابن آدم من قضاء الا الدعاء..
    اللهم اجعلنا ممن سعُد في دنياه واخرته ..وكل من قال آمين.

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *