تبدأ خارطة طريق الثورة المضادة أولا بالانحناء للعاصفة، والتضحية برأس الدولة عن طريق تهريبه كما حدث مع دكتاتور تونس زين العابدين بن علي، أو خلعه وتخليه كما حدث مع مبارك طاغية مصر ومع دكتاتور اليمن علي عبد الله صالح، وقد يصل الأمر إلي قتله مثلما فعلوا مع مجنون ليبيا الذي لم يبق له صديق ذو حيثية يمكن أن يلجأ إليه لفرط حماقته وشدة غروره. المرحلة الثانية في خارطة طريق الثورات المضادة هي خداع الشعب وإشغاله بانتخابات واستحقاقات ديمقراطية تحاول من خلالها الثورة المضادة العودة لمقاعد التسلط ومن ثم معاودة إحكام قبضتها علي مفاصل الدولة، لكي تعود مرة أخري للقمع والديكتاتورية واللصوصية وهذا ما يمكن أن يحدث أو يحدث بالفعل في تونس! الخطوة أو المرحلة الثالثة هي الانقلاب العسكري السافر علي الشرعية والكفر بالصناديق إذا جاءت علي غير هوي الثورة المضادة، وهذا ما فعله الانقلاب العسكري في مصر. الخطوة الرابعة إذا ما فشل الانقلاب العسكري المباشر أو تعذر القيام به، هي إشعال حرب أهلية، وهذا ما يحدث في ليبيا. فقد أشعل عميل للمخابرات المركزية الأمريكية النار في ليبيا عندما فشلت الثورة المضادة في الانفراد التام بالدولة الليبية واستئصال أو استبعاد الإسلاميين من المشهد بالكلية، بالرغم من أن الثورة المضادة كانت قد حققت نجاحات لا تنكر عن طريق الصناديق ومن خلال الانتخابات، إلا أنها لم تكن كافية للعودة بليبيا إلي مربع القذافي، مربع نهب الثروة، كل الثروة، في غياب كامل لرقابة الشعب صاحب الأرض وصاحب الثروة. وحتي الآن فشلت محاولات العميل حفتر، عميل المخابرات المركزية الأمريكية، المتتالية في إعادة إنتاج نظام عميل يسرق وينهب ويخرب خدمة للمصالح الصهيوإمبريالية، ولكن محاولاته، المدعومة بسخاء من قوي الثورة المضادة مازالت مستمرة ولن تتوقف! إلا أن تعقيدات ليبيا مازالت تجهض، أو قل تمنع محاولات أعداء الأمة من تمرير مخطط إعادة إنتاج نظام عميل يحل محل مقبور ليبيا. فثوار فجر ليبيا مسيطرون وأقوياء ومدعومون بحاضنة شعبية هي أغلب الشعب الليبي في الغرب والشرق، ومعهم الشرعية القانونية والثورية ودول جوار ليبيا مختلفون فيما بينهم، فبينما يتحمس نظام السيسي بشدة لضرب الثورة التي يعلم علم اليقين ضررها المباشر علي انقلابه المترنح، تتعامل الجزائر بحكمة مع الوضع لأنها تعلم أن المنطقة يمكن أن تتحول لكرة ضخمة من النار، تحرق الجميع. والسودان يحاول أيضا أن يتعامل بروية وحنكة، نتجت ربما من خبرته الطويلة مع الحروب الأهلية، وحتي تشاد التي تحاول مصر استمالتها،وتحاول بعض الدول رشوتها لن تكون إضافة ذات ثقل لأسباب اقتصادية واجتماعية وجيوسياسية، وتونس والمغرب أيضا، حتى الآن، لا تميلان إلي الخيار المصري الذي يدعو للتورط في ليبيا بحجج واهية. ودول الخليج، المتحمسة لإجهاض الربيع العربي، معتقدة خطأ، أنه خطر علي أنظمتها، بدأت تنشغل بهمومها التي يمكن أن تستغرقها طويلا، وخصوصا إذا استمر التراجع في أسعار النفط، الذي يفكر العالم في إيجاد بدائل له. وحلف الأطلنطي، الذي يفعل أكثر مما يتكلم، منقسم بشدة بين فرنسا التي تتوق إلي التدخل لإجهاض حلم الشعب الليبي في الحرية والتطور لكونها تعتبر الشمال الأفريقي منطقة نفوذ فرنسية، وبين تركيا التي ترفض التدخل في ليبيا لعلمها بالمخططات الدولية والإقليمية المعادية. تركيا التي يزداد ثقلها كل يوم في أوروبا وفي حلف الأطلنطي كونها عضو مهم فيه، وهذا يجعلها تستقطب كثير من الدول الأوروبية التي تحالفت مع أمريكا فاكتوت بنيران العراق وأفغانستان ولا تريد إشعال بركان آخر في ليبيا. فالثورة المضادة في ليبيا، إذن، تواجه بمعوقات كثيرة وعويصة،ولكن ترك ليبيا تنجح ستكون له كلفة غالية قد تصل إلي إجهاض نجاحاتهم الأخري في مصر واليمن وربما في تونس! فهل يتركون الليبيين يحسمون أمرهم، ولا يتدخلون فيما بينهم؟ سؤال ستجيب عليه الأيام القليلة القادمة! لا نامت أعين الجبناء .

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫6 تعليقات

  1. لماذا ينجح الغرب في زرع حفتر اذا هو عميل كما يقول الكاتب ؟
    هل هذا يعني ان العرب امه تساق من الغرب وهي توجهها كما تريد شرقا او غربا ؟

  2. ليس الغرب من زرع حفتر و لكن دولة عربية عندها متلازمة الاخوان المسلمين

  3. مصر من حقها تأمن حدودها وتأمن عمقها الاستراتيجي اللي فتح باب البلاء على بلدنا، وتمويل المسلحيين الإرهابيين في ليبيا بئا عيني عينك من خطر وتركيا والغرب….. كون أن باقي دول الجوار الليبي معترض دي حاجة تخصهم المهم أننا نأمن حدودنا اللي أغلبكم عايزها تبقى سايبة بحجة الديمقراطية والطغاة والكلاشيهات اللفظية اللي خوتونا بيها.
    ثم حفتر مسمينه خائن؟ أنتم أحرار بس يعني من الواضح أن أي حد بينتمي للمؤسسة العسكرية في مصر وغيرها بئا هدف لازم تشويهه أو تصفيته علشان مخطط التقسيم يمشي على قدم وساق.

  4. ﺣﻔﺘﺮ ﻣﺶ عميل ﻭﻻﺧﺎﻳﻦ ﺣﻔﻔﺘﺮ أﺳﺪ وﻟﻲ ﻣﺶ ﻋﺎﺟﺒﻪ اﻳﺤﻠﻖ ﺣﺎﺟﺒﻪ

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *