ماجدة جابر وخواطر نسويةيقول المثل المرأة المصرية ودودة .. ولكن المثالين والحكماء لم يتذكروا أن المرأة الصعيدية ولودة ؛ عنيدة ؛ قوية ؛ ذكية ؛ طموحة ؛ ورجعت الي ماض بعيد عندما كان للقمان الحكين ابناء حكماء تعلموا الحكمة من ابيهم ولكن أمهم صقلت فيهم أصول الحكمة وغرستها في نفوسهم ؛ وتجلت مظاهر الجمال الموثق علي التراث المصري القديم في المرأة الصعيدية التي كانت تزهو بجمالها وحسن ملبسها ؛ وكانت نفرتيتي مثالا للأبهة والفخامة ؛ وكان مقوقس مصر له فراسة ودهاء عندما اختار السيدة مارية ورفيقتها ليكونا اجمل هدايا للنبي وكانت من اواسط الصعيد ؛ وهاهي إمرأة تربت في الاسكندرية وتلقت تعليمها بها وتعدي طموحها السنين بأن تبحث عن طموح بناتها لكي يكونا من بنات الفن ؛ تحلم بأن تكون احدي ابنتيها او كلاهما من مشاهير التمثيل ؛ وعادت بي ذاكرتي الي المرأة الصعيدية التي حصلت علي اكبر جائزة ادبية بأسبانيا ( سعاد سليمان ) ويبدو أن لبنتيها ملكات ومواهب ظاهرة وتأمل ان يكونا من الشهيرات في عالم الفن والاضواء
وقالت الكاتبة / سعاد سليمان عاتبني أصدقائي “عتاب المحبة” على انحنائتي – التي وصفها بعضهم بالمبالغ فيها، والبعض الآخر بالطفيفة – في أثناء مصافحتي لملكة إسبانيا عند تسلمي جائزة متحف الكلمة. كعادتي المتسرعة، دافعت عن نفسي، بأنني لم أقابل ملوكاً من قبل، وعندما قلبتُ الموقف على عدة أوجه، أغرقني الضحك ثم البكاء. كيف لمواطنة تموت رعباً من ضابط بوليس في أي بقعة من أرض مصر، وربما عسكري أو مخبر، فتنكمش على نفسها، وإن لم تنحن برغبتها فإن “قفاها” سيتورم من “الهزار
كيف لهذه المواطنة ذاتها ، وعندما تقابل الملوك أن تنتصب شامخة، وتتذكر أنها مصرية حفيدة نفرتيتي – كما قالت إحدى صديقاتي-. عندما تأملتُ صورتي ويدي بيد ملكة، وداخل قصر ملكي، وأنا القادمة من الصعيد الفقير دائماً وأبداً، وحواري الإسكندرية الشعبية العشوائية، وتركت خلفي القاهرة العريقة والتي صارت شوراعها أكواماً من القمامة، يجب علي أن انتصب بكرامة وشموخ، أنسي قهراً أعيشه كل يوم، وكفاحاً مريراً من أجل أن أكمل مصروفات الشهر بلا ديون، وانتصب.
هذا ما قلته لنفسي. ولكم أقول، إنني كنت خائفة حد الموت، كنت امرأة مصرية تلقت تعليماً بائساً، ولم أعرف إلا أقل القليل من اللغة الإنجليزية، بين “جمع” لا يتحدث إلا الإنجليزية والإسبانية ، وترتدي حذاء بكعب عالٍ ضاغط على كل أعصابي التي لم تعد تحتمل الكعوب العالية، ومثل ملايين المصريين خشونة ركبتي تمزقني ألماً، وأخاف من السقوط أو الإتيان بحركة غير مقصودة تفسد البرتوكول الذي لا أعرف عنه شيئاً، وأحمل علي كتفي اسم “بلدي” وتاريخها، وصورة ستبقي ذكرى لأولادي وأهلي وأصدقائي، وتُنشَر في الصحف، كما أنني اضطررت أن أتخلى عن ارتداء الفستان الذي صممته لي خصيصاً المصممة المصرية حتي النخاع “ياسمين حاكم” حيث كان الاعتقاد أن الحفل الملكي سيكون مسائياً وبمجرد نداء اسمي وظهوري على “مسرح” تسلم الجوائز، سيعرف القاصي والداني أني مصرية من طبيعة ما أرتديه.
كل هذا ذهب هباء حين أخبروني أن لقاء الملكة في الحادية عشر صباحاً، وأنه في أوروبا والبلاد المتقدمة لا يرتدون “الفساتين” صباحاً. ووقعت في ورطة أنقذني منها تذكري لبدلة كانت قد أهدتني أياها صديقتي “مديحة زكي” – وارد لندن – . والآن بعد هذه “الفضفضة” وفرحتي بقدرتي على التماسك والفهم “بالتقريب” لما كان يجب علي أن أقوم به، وفعلته بشطارة أذهلتني أنا البنت القادمة من العشوائيات، نجحت في مقابلة الملكات رغم الانحناءة الطفيفة.

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

  1. هههههههههه
    أحب المواضيع يلي مّا الها اي معني .
    الله يفتحها عليك ، زيدنا يا شيخ.
    .

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *