مرسلة من صديقة الموقع د/رانيا

التسامح في الإسلام

إن الإسلام الذي جاء به رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وقدمه ذلك التقدم الملحوظ حمل بين طياته قوانين عدة مهمة عملت على نشره في شتى أرجاء العالم الأكبر.
فمن أشهر هذه القوانين المهمة التي كان لها الدور الأكبر والطائل في تقدم المسلمين في مختلف الميادين هو قانون: اللين واللاعنف والتسامح الذي أكدت عليه الآيات المباركة فضلاً عن الأحاديث الشريفة الواردة عن أهل البيت عليهم السلام.
ففي القرآن الكريم هناك أكثر من آية تدعو إلى اللين والسلم ونبذ العنف والبطش، ،،
يقول سبحانه وتعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
ويقول: (وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا).
ويقول: (وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
ويقول: (خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ).
ويقول: (وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ).
ويقول: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ).
ويقول: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) ..
إلى غيرها وغيرها من آيات الذكر الحكيم.
التسامح في السنة النبوية:
أما التسامح من وجهة نظر السنة النبوية فإنه يتشارك مع ما جاء وحمله هذا اللفظ لغوياً فأن معنى التسامح هو التساهل والمساهلة في كل جوانب الحياة لذلك جاء قول الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم:(رحم الله امرئ سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى).
إن سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم وأهل بيته عليهم كانوا أبرز تجلٍّ ومصداق لسلوك منهجية السلام والتسامح في الأمة؛ فالرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى اله وسلم قائد الحركة السلمية اللاعنفية الأولى في تاريخ العالم.
وهو صلى الله عليه وعلى اله وسلم حامل راية السلم والسلام لأنه يحمل للبشرية النور والهداية والخير والرشاد والرحمة والرأفة فيقول صلى الله عليه وعلى اله وسلم:(إنما أنا رحمة مهداة) ، ويتحدث القرآن الكريم عن رسالته فيقول:(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ، فأن الرحمة والسلم والسلام جاء بها الإسلام للناس كافة.
إن التسامح وفق المنظور الإسلامي، فضيلة أخلاقية، وضرورة مجتمعية، وسبيل لضبط الاختلافات وإدارتها، والإسلام دين عالمي يتجه برسالته إلى البشرية كلها، تلك الرسالة التي تأمر بالعدل وتنهى عن الظلم وتُرسي دعائم السلام في الأرض، وتدعو إلى التعايش الإيجابي بين البشر جميعاً في جو من الإخاء والتسامح بين كل الناس بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم.
فالجميع ينحدرون من (نفس واحدة)، كما جاء في القرآن الكريم:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾.(19)
كما أن الإسلام من جهته يعترف بوجود الغير المخالف فرداً كان أو جماعة ويعترف بشرعية ما لهذا الغير من وجهة نظر ذاتية في الاعتقاد والتصور والممارسة تخالف ما يرتـئيه شكلاً ومضموناً

التسامح فى الديانة المسيحية

فالمسيحية التي تقول أناجيلها: لقد قيل لكم من قبل أن السنّ بالسنّ والأنف بالأنف، وأنا أقول لكم: لا تقاوموا الشرّ بالشرّ بل من ضرب خدّك الأيمن فحوّل إليه الخد الأيسر ومن أخذ رداءك فأعطه أزارك وإن سخّرك لتسير معه ميلاً فسر معه ميلين.(21
-من استغفر لمن ظلمه فقد هزم الشيطان.(22)
-عاشروا الناس معاشرة إن عشتم حنّوا إليكم وإن متّم بكوا عليكم.(23)
هذه نصوص مأخوذة من الإنجيل (الكتاب المقدس) وهي بدورها تتضمّن مبادئ التسامح في أَجْلى صوره، بل إنه تسامح يبدوا أحياناً فوق الطاقة، وهذا دليل ثانٍ على تشارك الأديان السماوية في هذا الجانب الفضيل من جوانب الحياة ولا غرابة في ذلك لان الربّ واحد ومشرّع القيم السمحة واحد، على الرغم من اختلاف الأنبياء والأديان.

التسامح فى الديانة اليهودية

وكذلك فأن اليهودية تدعو إلى التسامح فإذا نظرنا إلى مثل هذه الوصايا..
-كل ما تكرهُ أن يفعلهُ غيرك بك فإياك أن تفعلهُ أنت بغيرك.(24)
-اغتسلوا وتطهّروا وأزيلوا شرَّ أفكاركم (…) وكفّوا عن الإساءة*تعلّموا الإحسان والتمسوا الإنصاف25.

وهكذا…..بات واضحاً أن التسامح الديني مطلب إنساني نبيل دَعَت إليه الأديان كافة، وكيف لا تدعو إليه وقد أرادته الحكمة الإلهية واقتضته الفِطرة الإنسانية واستوجبته النشأة الاجتماعية وفرضته المجتمعات المدنية وما تحتاج إليه من قِيَم حضارية ومَدنية نبيلة.
فالأصل في العلاقة بين بني الإنسان بصرف النظر عن إتجاهاتهم الأيدلوجية والفكرية، هو الرحمة والإحسان والبر والقسط وتجنب الإيذاء.
فوحدتنا الاجتماعية والوطنية اليوم، بحاجة إلى غرس قيم ومتطلبات التسامح في فضائنا الاجتماعي والثقافي والسياسي وحتى نستطيع إعادة بناء هذه الأمة

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫11 تعليق

  1. بارك الله فيك يا د.رانيا مغزى الموضوع الذي تفضلت به علينا واضح جلي.فلك كل الشكر وجازاك الله خيرا. فيما يخصني انا شخصيا فاعتقد انني منذ اول مشاركة لي في الجريدة لغاية اليوم لم اصادف اي مشاكل مع اي فرد. حقيقة سبق وان رأيت تعليقآت مستفزة وأراء غير لائقة، لكن لكل رأيه وطريقة تفكيره ورؤيته .
    اشهدك اخت رانيا وكل زوار الجريدة الغراء انني لا اكّنّ اي حساسية ضد اي فرد.و ارجو ان لا اكون قد اسأت الى احد وإن فعلت فأانا اعتذر واطلب الصفح منكم اخوتي اخواتي.وادام الله صداقتنا و السلام عليكم ورحمت الله وبركاته.تحياتي

  2. بارك الله فيك ل عبد الوهاب ،،
    بعرف إنك انسان كتير طيب ومهذب والكل هنا يكن لك كل احترام …
    شكرا إلك جولد مور..

  3. ahsanti fi lakhtyare khosane ano banhtaje zaye haydi mawadi3,ana 3ne nafsi bahtarame raaye akhare rama ano ykoune mokhtalafe yabka horiyate ta3bire  

  4. بارك الله فيك /د،رانيا/ عنجد التسامح بكل الديانات موجودة أو يا ريت ألأنبياء أللي بلأساس الرب أختارهون ليكونو قدوة وقدوة جيدة لنحتدى بها ،فلنجعل من التسامح شعارنا من الأن رجاء وشكرا.

  5. الله يعطيكي العافيه يااختي الدكتوره رانيا
    موضوع حلوو وممتاز من احلى واطيب ناس

    تحياتي

  6. اسفة عبد الوهاب والله ما انتبهتلك أسفه يا عمي سامحني /انت كريم او أنا بستاهل انو تسامحني يا كريم/

  7. تسلمي يادكتورة رانيا على هذا الموضوع الجميل ياريت الكل يستوعبه ويسير على منهجه ولكن انا الاحظ في تعليقات بعض الاخوة ان لديهم القليل من روح التعصب الديني وهذا لايجوز, صحيح ان كل انسان هو حر في رايه وفي معتقده ولكن عليه احترام جميع القراء لانهم من مختلف الاديان واحترام بعضنا البعض مهما كانت جنسيتنا اوديانتنا هو دليل على ايماننا بديننا وبعروبتنا

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *