تقوم بعض القرى في الساحل السوري بتأسيس نصب تذكاري لقتلى جيش النظام السوري، من خلال وضع مجسّم صخري كبير الحجم مكتوب عليه أسماء القتلى ورتبهم العسكرية. وعُرف أن بعض العائلات فضّلت أن يكون أسماء أبنائها مستقلة عن الأسماء الأخرى، نظراً إلى العدد ونظراً إلى الرغبة بتعظيم اسم هذه العائلة أو تلك، ونزولا عن رغبة العائلات التي أرادت أن تعطي لقتلاها صفة خاصة تميّزهم عن سواهم.

والأخبار من بعض قرى المنطقة تقول إن “المشروع” لم يكتب له النجاح في كل القرى، لأن الأمر “مكلف” ماديا، كما أنه يحتاج إلى متخصصين عارفين بالتعامل في الصخر والبازلت، كما لا يمكن لأي كان أن “يؤسس نصبا تذكاريا” من دون الرجوع إلى الدولة لنيل موافقاتها الأمنية.

وعُرف في هذا السياق أن الدولة تشترط أن يكون النصب التذكاري شاملا لأسماء الجميع، من دون تمييز ومن دون وضع “صفات” خاصة لهذا القتيل أو ذاك، تأميناً “للمساواة” بينهم وعدم تصوير الأمر كما لو أنه “إنجاز عائلي”.

إلا أن هذه الشروط جعلت بعض أبناء العائلات يقارنون ما بين تأبين آل الأسد لموتاهم، وتأبين الناس العاديين لموتاهم، معبّرةً عن غضبها إزاء منع الدولة للعائلات بتأسيس النصب الذي تراه مناسبا وتكتب عليه ما تراه العائلات مناسباً.
خصوصا أن قتلى النظام ماتوا في معارك عسكرية مباشرة مع المعارضة السورية، بينما قتلى آل الأسد، وإن “مات بعضهم” في معركة، إلا أنه “لم يكن نموذجا للبطل” بل كان يدافع “عن جمهوريته في اللاذقية”، كما قالت أصوات احتجاجية هناك.
نماذج من “نعوات” آل الأسد

وفي ظل هذا التباين ما بين رغبة العائلات بتعظيم موتاها، في مقابل شروط النظام بأن يكون النصب عاماً وجماعيا من دون صفات مميزة لقتيل عن الآخر، يقلّب موقع “العربية.نت” بعض أوراق “نعوات” آل الأسد، وما هي الصفات المميزة للموتى التابعين للعائلة وكيف عبّرت العائلة عن “تعظيم” موتاها. وتجمع فيه كل مصادر المنطقة على أن أشهر ثلاث “نعوات”، وهي لفواز الأسد وهلال الأسد ومحمد توفيق الأسد، عبّرت عن “تضخيم” مفرط و”تلاعب بالوقائع” قامت به العائلة “الأسدية” بالنيابة عن موتاها، حتى لو كان الواحد منهم مثلا يعمل في التهريب أو التشبيح وإرهاب الناس أو إن كان قد اشترى شهادة الدكتوراه الخاصة به.
محمد توفيق الأسد.. شيخ الجبل الرهيب

يرد في ورقة “نعوة” محمد توفيق، الشهير بـ”شيخ الجبل”، أنه “المجاهد والقائد والشهيد والبطل والدكتور”، هذا فضلا عن أنه “شهيد الوطن”. وتذكر كل المصادر من داخل مدينة اللاذقية أن “شيخ الجبل” هو أحد أشهر المهرّبين ما بين سوريا ولبنان، وبعض الدول الأخرى. ويؤكد كل العارفين أن مرور “شيخ الجبل” في شارع ما كان يكفي لدب الرعب في قلوب قاطنيه.

وتنقل الأخبار من مدينة اللاذقية، أن “هوس” شيخ الجبل بشهادة الدكتوراه كان سببه امرأة كان يهواها، وهي من قريباته. وهذه الفتاة كانت من عاشقات الفلسفة والأدب الفرنسي، أمّا “شيخ الجبل” فلم يكن على دراية بأي من هذه العلوم الإنسانية والأدبية، فلجأ إلى شراء شهادة الدكتوراه فقط لينال إعجابها. ويؤكد عارفون أنه لم يستطع أن يحظى بقلبها، رغم أنه تعلّق بها، حين كان في “أسوأ أيام حياته سمعةً وأثرا بين الناس” في فترة الثمانينيات من القرن الماضي، حيث كان اسمه مرتبطاً بكل أنواع الخروج عن القانون.

وكان شيخ الجبل قائدا لمواكب التهريب الضخمة ما بين سوريا ولبنان، ولا يمكن لأي جهة في الدولة إيقاف موكبه، وإن حصل، تتم مجابهة الدورية الأمنية بالنار، فيما يعود أفراد مواكب التهريب سالمين دائماً إلى قراهم في اللاذقية.

قُتل “شيخ الجبل” في منطقته الساحلية. وتدور في الخفاء معلومات عن أن قتله تسبّب به خلافٌ على النفوذ واقتسام “المغانم”. إلا أن ورقة نعوته كتبت بالحرف عنه: “يزفّون اليكم شهيدهم وشهيد الوطن (الشهيد) (البطل) (المجاهد) (الدكتور) محمد توفيق الأسد”.
فواز جميل الأسد.. فشل في الجامعة وعاد بالدكتوراه

فواز جميل الأسد، هو ابن عم رئيس النظام السوري. وحسب كل مصادر المنطقة، كان خبر وفاته خبراً سعد له أبناء اللاذقية وجبلة، بشكل خاص، حيث أن هذا الرجل “فعل الأفاعيل بالناس، منذ فترة الثمانينيات”.

احترقت سيارة فواز الأسد، مرةً في مدينة جبلة، وخرج فواز من تحتها محترقا طالبا العون والإغاثة، إلا أن أبناء منطقة “العمارة” في المدينة تركوه يزحف على بطنه من دون أن يمدوا له يد العون. ويقول شاهد عيان إنه استغرب إحجام أهل الحي عن إغاثته، فقيل له: “لا شفاه الله. هذا الرجل لم يترك رجلا إلا أهانه ولا امرأة إلا أهانها”.a1

هذه صورة تختصر ما فعله الرجل بأهل المحافظة وعلى كل الصعد، حسب ما تؤكد مصادر المنطقة. أما بالنسبة لشهادة الدكتوراه، فهي مثل شهادة قريبه شيخ الجبل، تم دفع ثمنها، مع أنه، وبحسب كل طلاب كلية الحقوق، فواز الأسد كان يدخل بحراسة خاصة أحيانا لكي يتمكن من “الغش” في الامتحان، إلا أن بعض أساتذة الكلية الشهيرين، كانوا يقفون له بالمرصاد لسنوات، حتى إن بعض الأساتذة كان يصطحب كرسيا ليجلس إلى جانبه منعاً له من “الغش”.

وتؤكد مصادر موثوقة من كلية الحقوق، أن ثمة من قال للدكتور السالف: “يا دكتور رجاء دعه يتخرج في الكلية، ليس من أجله بل من أجل أن تتخلص الكلية من وجوده”! لأن حضوره في الكلية كان عامل رعب وقلق: سيارات مموهة ومعتّمة، حراس بالعشرات لإرهاب المراقبين في الامتحان، هذا فضلا عن أنه “لم يترك عيبا إلا وقام به”، كما تؤكد مصادر المنطقة بالكامل. ومع ذلك فقد ورد بورقة نعوته أنه “المحامي الدكتور”.
هلال أنور الأسد.. “ملِك الرّخام” الذي قتلته المعارضة

يعتبر هلال أنور الأسد من مؤسسي “الدفاع الوطني” الذي تعزى إليه كل أنواع التجاوزات والإهانات التي تلحق بأبناء المنطقة. وهو الوحيد الذي ثبت رسميا أنه قُتل على أيدي المعارضة السورية، حيث تؤكد المصادر أن قتله تم على يد “الكتائب الاسلامية” المقاتلة في كسب.

لعب هلال الأسد كل الأدوار التي أدت إلى “إخماد الثورة السورية” في اللاذقية، من مداهمة بيوت معارضين إلى تهديد أهليهم، مروراً بإعطاء تعليمات لجنوده بنهب أي منطقة يدخلها جيش النظام بعد قتال.

لهلال ابن اسمه سليمان، روّع أهل اللاذقية ترويعا لم تشهده من قبل، خصوصا بعد اندلاع الثورة السورية، وإعطاء رئيس النظام مزيداً من الصلاحيات لأقاربه ليكونوا “جيشه الضارب في مسقط رأسه”. ومن أشهر الملفات المثبتة على “فساد” هلال هي هيمنته على مقالع الرخام في اللاذقية (البدروسية)، ما كان يؤمِن له عشرات الملايين من الدولارات لأنه استولى عليها بوضع اليد وبالنفوذ الممنوح له ومن دون أي مستفيدين سواه.

رغم كل ذلك، وبعد مقتله جاء في ورقة نعوته أنه: “الشهيد القائد المجاهد هلال أنور الأسد الهمّام”.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *