السفر عبر ( الزمكان ) ..!!

بسم الله الرحمن الرحيم ..

 

السفر عبر الزمن .. فكرة خيالية كثيراً ما ألهبت مخيلة الأدباء ليكتبوا حولها القصص والروايات .. كما فعل الروائي الانجليزي ” هربرت جورج ويلز ” عندما كتب روايته ” آلة الزمن ” ..

وظلت فكرة السفر عبر الزمن حبيسة في مخيلة الأدباء وفي رواياتهم حتى جاء العالم الكبير ” آينشتاين ” ليضع نظريته المشهورة ” النظرية النسبية ” ..هذه النظرية التي هدمت كل ما كان سائداً قبلها من قواعد ونظريات .. أضافت بُعداً جديدا للأبعاد الثلاثة المعروفة ( الطول والعرض والارتفاع ) هو بُعد ” الزمن ” ..وبالتالي يمكن السير في الزمن إلى الأمام .. وإلى الخلف أيضاً ..

 

لن نُجهد انفسنا في فهم نظرية آينشتاين او الغوص فيها أكثر لانني لا أفهم فيها إلا كما يفهم جُحا في الحساب   .. يكفي أن نعرف أنه بعد نظرية آينشتاين أصبحت فكرة السفر عبر الزمن ليست فكرة خيالية ..بل إن آينشتاين قد وسع مفهومها لتصبح السفر عبر الزمان والمكان معاً أي عبر ” الزمكان ” ..

 

ولكي نفهم هذا المصطلح أكثر .. تعالوا نتحدث قليلاً عن بعض المصطلحات الكونية .. وهي ” الثقوب السوداء ” و ” الأنفاق الدودية ” ..

 

الثقب الأسود هو عبارة عن نجم هائل الكثافة ..وبالتالي فهو يملك قوة جذب هائلة لا تسمح لأي شيء أن تمر منها ..حتى الضوء  لا يستطيع النجاة من جذب هذا النجم لذلك يكون عبارة عن ثقب أسود اللون .. كما أن الفضاء ذاته يتحدب حول هذا النجم بسبب قوة جاذبيته ..

لكن السؤال .. أين تذهب تلك الأجرام والأجسام التي يبتلعها هذا النجم ؟ هل تفنى وتتلاشى ام ماذا ؟ والجواب واستعدوا للمفاجأة .. إنها تدخل الثقب الأسود لتمر في نفق باتجاه واحد .. لتخرج من نهايته من خلال ثقب أبيض كبير في زمن آخر ومكان آخر ..!!!

بمعنى آخر .. لو استطعنا الدخول في ثقب أسود .. فإننا سنخرج في نهايته في مكان وزمان مختلفين ..أي اننا سنكون قد سافرنا عبر ” الزمكان ” ..

 

لكن هل هذا الأامر ممكن التحقيق فعلاً ؟ هل إذا وضعنا أختنا ورود ” أم سارة ” في سفينة فضائية وأرسلناها إلى الثقب الأسود .. هل سننجح في نقلها عبر الزمكان فعلاً ؟!

 

الحقيقة أن ذلك غير ممكن ..لأن سفينة الفضاء تلك التي سنُرسلها إلى الثقب الأسود وتخترقه تحتاج إلى طاقة هائلة قدرها العلماء بمليون ضعف لما تستهلكه الويلات المتحدة الأمريكية من الطاقة خلال عام كامل ..ووكذلك فإن العلماء لا يمكنهم تحديد المكان الذي ستخرج منه مركبتنا التي تحمل أختنا ورود .. فقد تخرج في مكان يبعد عنا ملايين ملايين السنين الضوئية .. والعالم ليس متفرغا للبحث عن ام سارة ^_^ ..

 

لهذه الأسباب وغيرها كان من المستحيل تطبيق فكرة السفر عبر الزمكان من خلال الثقوب السوداء .. إلا أن بعض العلماء وضع بعض الحلول لهذه المشكلة ..فاقترح بعضهم أنهم بمجرد أن تصل سفينتنا الفضائية إلى المكان .. ما عليها إلا أن تبدأ بالبحث عن ثقب أسود قريب ..لتدخل فيه ويقودها إلى ثقب أبيض قريب من أرضنا .. إلا أن هذا الحل واجه رفضاً من فريق آخر من العلماء .. إذ ما الذي يضمن لنا أن ذلك الثقب الأسود الذي ستدخله مركبتنا في طريق عودتها لن يقودها إلى أمكنة أبعد وأبعد .. وما الذي يضمن لنا وجود ثقوب سوداء في مكان خروج مركبتنا الفضائية أصلاً ..

 

وبين الأخذ والرد بين هذا الفريق وذاك الفريق .. خرج فريق ثالث بنظرية جديدة ومثيرة جداً..قلبت كل الموازين .. ألا وهي ” الديدان الفضائية ” ..

 

الديدان الفضائية هي عبارة كما يدل اسمها عن أنفاق موجودة في الفضاء تشبه الدودة .. من يدخل في هذه الأنفاق فإنه سيكتسب طاقة سلبية بحيث يخرج منها بزمن سابق لدخولها حصراً .. أي السفر عبر الزمان إلى الماضي .. وفكرة السفر إلى الماضي هي موجودة بيينا دون ان نشعر .. فأنت عندما تراقب نجماً في السماء .. ولنفرض أنك ترى ما يدور فوقه بشكل واضح .. فأنت في الحقيقة لا ترى حاضر النجم وإنما ترى ماضيه ..لأن هذا النجم ربما كان يبعد عنك مسافة ألف سنة ضوئية .. أي أن الضوء قد استغرق ألف سنة حتى وصل إليك ورأيت النجم .. وبالتالي فأنت ترى ما كان يجري على النجم قبل ألف سنة وليس الآن ..

على كل حال .. فإن السفر إلى الماضي أثار اعتراض قسم كبير من العلماء ..قائلين أن السفر إلى الماضي مستحيل مهما كانت المبررات العلمية .. لأن ذلك من شانه أن يُحدث تغييرات جوهرية في المستقبل قد تُغير واقعنا الذي نعيشه اليوم جذرياً ..وكنوع من الحلول الوسطية .. خرجت نظرية تقول أن من يسافر عبر الزمن إلى الماضي لن يكون بامكانه التدخل بالأحداث .. وإنما سيكون مشاهداً فقط .. كمن يُتابع فيلماً سينمائياً ..

كما أن المُسافر إلى الماضي لن يجد أحداثاً ماديّة يمكن لمسها أو التعامل معها .. وإنما ما سيراه هو عبارة عن صور ضوئية لأحداث قد حدثت في الماضي وانتهت .

 

ومن الاعتراضات أيضاً على السفر إلى الماضي عبر الأنفاق الدودية أن من سيدخل نفقاً دوديا يجب أن تزيد سرعته على سرعة الضوء وبالتالي فإن كتلته ستصبح لا نهائية وهذا أمر مستحيل عملياً .. أي أن السفر إلى الماضي او عبر الزمكان هو ممكن نظرياً ومستحيل عملياً ..

 

لكن رغم ذلك فإن العلماء لم يُصابوا بالاحباط او الفتور .. ولا تزال أفكارهم تتوالى في هذا الموضوع .. وقد استطاعوا فعلاً الإنتقال عبر الزمكان فيما يُسمى ” الإنتقال الآني ” .. وإن كان ذلك قد تم على عملة معدنية صغيرة ولمسافة قصيرة جداً .. إلا أن تلك المسافة القصيرة ( 90 سم ) هي قفزة كبيرة في العلم .. فهل سياتي يوم يمكن بامكاننا أن نرسل( معلقات ) نورت مثلاً إلى زمن الديناصورات ؟؟

 

ولكم مني كل الود والورد ..!!

 

أخوكم .. مــأمون .