مرسلة من احمد عطيات ابو المنذر

لعله خير
من اروع مفاهيم الاسلام، مفهوم الايمان بالقضاء والقدر الذي كان من اهم المفاهيم التي جعلت امة الاسلام الامة الاولى صاحبة الحضارة والمدنية والعلوم والقوة العسكرية الاولى في العالم ….!!
ومن اهم الصفات التي تميز المسلم عن غيره ان المسلم يعتبر كل ما يواجهه في الحياة خير- ولو كان ظاهره غير ذلك …قال تعالى ” (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ…) و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خيرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له”.
رواه مسلم.
ومن اجمل القص التي تصلح مثالا لهذا قصة لعله خير!!
كان في قديم الزمان ملك قوى، ولكنه يفتقر إلى الحكمة، لذلك كان يتخير ممن حوله الوزراء ممن يعينوه على الحكمة في شتى مناحي الحكم والحياة .. وكان من هؤلاء الوزراء كبير الوزراء الحكيم، الذي لا ينقطع لسانه عن ذكر الله، ولا يندهش ولا يفزع لأي أمر يتعرض له في جميع نواحي حياته، ويترجم ذلك بقول واحد متكرر: “لعله خير“.
وكان الملك – قليل الحكمة – كثيراً ما يضيق بهذه الكلمة ويجدها ثقيلة على قلبه، فيستاء كلما أكثر الوزير الحكيم من ذكرها، وبدا ذلك على وجهه في أول الأمر، ثم تطور الأمر إلى التلميح، ثم التصريح للوزير بأن هذه الكلمة تضايقه. ويحاول الوزير إرضاء الملك بكل ما يستطيع، ولكن لسانه الذاكر يغلب عليه في معظم أوقاته، فيزل وينطق بالكلمة بدون أن يدري بعد أن تعودها.
وتمضي الأيام وتأتي بالكثير من الأحداث التي لا تسر القلب ..
كان الملك يهوى الصيد، وكان في غالبية رحلات صيده يحب الخروج مع الوزير يلتمس من صحبته وحكمته الشيء الكثير، على الرغم من أنه يضيق كثيراً بكلمته المتكررة ” لعله خير”.
وكان من عادة الملك إذا رأى صيداً مغرياً أن ينسى نفسه وينطلق خلفه في أي مكان كان وينطلق خلفه وزيره وحرسه ليلحقوا به. وذات مرة أثاره غزال رشيق القد، لين الجسم، سريع الحركة، فانطلق خلفه بفرسه وقد استثار الغزال داخله حمية الصيد .. وانطلق خلفه الوزير والحراس.
وحين أدركته غفلة من الغزال وتمكن من الارتكاز له، وثبت سهمه وشد وتر قوسه، كأشد ما يكون الشد، إذ بوتر قوسه ينقطع فجأة ويرتطم طرف الوتر القوي بعين الملك اليسرى ويفقأها .. وينزف الدم بغزارة.
وانطلق نحوه وزيره والحراس فزعين إذ رأوا الدم يسيل من عين مولاهم، والوزير يربت عليه ويهون عليه قائلاً:
– لا عليك .. لعله خير، هون عليك .. لعله خير.
ولم يكد الملك يسمع إلى الكلمة التي يكرهها حتى استشاط غضباً وصرخ في وجه وزيره قائلاً:
– ألم أنهك عن هذه الكلمة من قبل؟
وفي خضم غضبه أمر الحراس بالقبض على الوزير وحبسه في قبو القصر في حبس منفرد .. والوزير الصابر – كالمعتاد – هادئاً لا يفزع ولسانه لا يفتأ يقول:
– لا بأس .. لعله خير، كل شيء بقدر .. لعله خير.
ومرت الأيام وقام الأطباء بمداوة جرح العين الفقيدة للملك، وعلم الملك أنه سيقضي ما بقى له من عمر أعوراً بعين واحدة. فأخذته فترة من الهم والحزن، ولكنه لم يلبث أن بدأ الخروج للحياة ومباشرة شئون حكمه.
وعلى الرغم من أن ما حدث له كان بسبب ولعه بالصيد، إلا أنه لم يستطع التخلي عن هذه العادة .. فكان على الرغم من عوره، يعود إلى الخروج إلى الصيد بصحبة حراسه ليشبع داخل نفسه هذه العشق، و لكن من دون الوزير هذه المرة.
وبينما الوزير مستلقي في زنزانته يذكر الله ويردد قوله صابراً: “لعله خير .. لعله خير” كان الملك ينظر إلى غزال مرن نحيف الجسم سريع الحركة، واستثاره الغزال، واستثار الغزال، فانطلق خلفه مسابقاً الريح بفرسه، مطمئن إلى أن حراسه خلفه، وظل يجري ويجري إلى أن أدرك الغزال وتمكن منه.
وحينما نظر حوله .. لم يجد أياً من حرسه معه، وحينما لم يدركه سمعهم إذ يناديهم، أدرك أنه ضل الطريق، وأنه في ضياع عن مملكته .. كانت الغابة متشابكة، وكان الوقت يقترب من الليل، ولم يكن الملك على علم بالنجوم، فظل يسير على غير هدى حتى أدرك أبواب مدينة صغيرة، طرق أبوابها لعله يجد لديهم من يعينه على العودة إلى مملكته.
وفُتح له الباب .. ولم يكد يدخل من البوابة الضخمة حتى هلل الناس وصرخوا فرحاً وانطلقوا حوله يزفونه ويرفعونه فوق الأعناق وهم في هتاف فرح .. فتملك السرور والعجب من الملك إذ رآهم يقومون بفعل هذا، فظن أنهم يمجدوه ويعظموه ويريدون أن يملكوه عليهم من بعد ما رأوا ما عليه من ملامح الملك والسلطنة.
وكانت عثرة الملك في أنه لم يكن يفهم لغتهم .. وحينما تمكن من فهم لغتهم، وسألهم عن سر هذا الاستقبال الحافل، متوقعاً أن يصدق حدسه .. أفزعه ما أخبره به أمير هذه البلدة.
للقصة بقية ..

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫20 تعليق

  1. ليتك سردت القصة كاملة دون عنصر التشويق أو أن تختمها بضع نهاية مناسبة للقصة…
    في القصص الشعبية أعرف قصة مشابهة لكن بدل أن يفقد عينه فقد أصبع يده ، وساقته الأقدار لبلد يقدم قرابين لآلهتهم المزعومة شرط أن يكون القربان سالما من العيون , و كاد أن يهلك لولا إصبعه فنجا كله ساعتها فهم قول الوزير عساه خير……
    شكرا أخ منذر و تقبل مروري……..

  2. بإنتظار ان تكمل لنا باقي الألف دينار يا ابو المنذر.. يبدو أن أم ريان قد أوضحت لنا نوعا ما نهاية القصة… لكن لعله خير!

  3. السلام عليكم أخ جنتل
    ههه…تشوقت أكثر لمعرفة بم سيرد الأخ أحمد على أم ريان لأنها اختصرت عليه الطريق، لكنك استبقته بتذكيره:لعله خير
    لا عليك أخ أحمد، ننتظر بقية القصة

  4. تذكر أخي أن ألف دينار لا تقبل القسمة على أثر من خمسة معلقين، وأنت لك أجرها ^_^

  5. لو كانت النهاية متل ما فكرت ام ريان ليش فرحوا من إستقبله في البلد الآخر هالقد ?

  6. وعليك السلام يا نور
    الله يستر شو راح يعمل ابو المنذر في أم ريان, انصحها بالاختباء لمدة شهر…
    بخصوص الالف دينار, أتوقع أن لا يتخلى أبو المنذر عن رفيق دربه خلال السنتين الماضيتين وإبن بلده.. لكم الآخرة ان شاء الله اخت نور ههههه

    لعله خير…

  7. أبو المنذر يقلدني في عنصر التشويق ^_^ ..
    ننتظر بقية القصة أخي أبو المنذر .. مع اني اعملها ..!!
    شكراً لك ..

  8. هو فعلا تقليد يما انك سبقتني…لكنني صدقا لم اقصد التقليد لان طول الموضوع
    هو الذي فرض علي هذا …!!!
    ثم ان لم نقلدك يا مبدعنا فمن اذا ؟؟!!!هههههه

  9. nor & salam في تشرين ثاني 21, 2011 |
    السلام عليكم أخ جنتل
    ههه…تشوقت أكثر لمعرفة بم سيرد الأخ أحمد على أم ريان لأنها اختصرت عليه الطريق، لكنك استبقته بتذكيره:لعله خير
    لا عليك أخ أحمد، ننتظر بقية القصة
    ……….
    الاخت ام ريان ستجبرني على تغيير الخاتمة او جعل الخاتمة “اوبن ند ” لتصبح قصة غير التي قراتها ….وتحياتي لكل من علق على الموضوع …ولامانع من جعل المكافاة مليون لتشجيع الاخوة على التفكير ههههههه

  10. رغم اني اعرف خاتمة القصة لكني سانتظر.
    كانت هذه القصة اول موضوع أرسلته الى نورت عندما بدات المشاركة فيها ولكنها حجزته ولم تنشره أبدا -مشكورة- مع اختلاف في بعض الجزئيات
    شكرا لك أخي احمد المغزى رائع فالثقة في الله تجعل المؤمن مرتاحا لا يجزعه نصب ولا يهمه او يغمه شي عظم أو هان.

  11. اختي لبني ..كل القران رائع …لكن من اروع الايات هي اية “وعسى ان تكرهوا شيئا”……. لانها اعظم عزاء للمسلم – وليس لغير المسلم – امام شدائد ومصائب الحياة… فالقصد من الموضوع هو الاسطر الاولى منه وليس القصة لان الغالبية تعرفها ولكن القلة هم من يقف عند مغزاها كما فعلتِ انتِ
    تحياتي لك وسلمت لاخيك !!

  12. سلام عليكم

    جزاك الله خيرا أخي ابو المنذر
    أوافق اقتراحك أن تكون النهايه مفتوحه وسترى ابداعات أصدقائنا في الموقع

    تحيه طيبه لأخي مأمون

  13. سـعاد-النـــــــاصره في تشرين ثاني 21, 2011 |
    سلام عليكم
    جزاك الله خيرا أخي ابو المنذرأوافق اقتراحك أن تكون النهايه مفتوحه وسترى ابداعات أصدقائنا في الموقع..تحيه طيبه لأخي مأمون
    ……………….
    اقتراحك معقول وجميل اختي سعاد …شكرا لك وسلمت لاخيك والسلام عليكم والى لقاء!!

  14. قصه جميله ابو المنذر بما انو ام ريان كملتها ,,
    فشو رأيك تترك العنان لمخيلتك بنهايه تانيه غير متوقعه !! انشالله خير

  15. قصة فيها موعظة تسلم إديك أخ أحمد …تقريبا أعرف بقية القصة..ما أروع الأمل والتفاؤل.. وما أحلاه في القلب ! وما أعْوَنَه على مصابرة الشدائد والخطوب، وتحقيق المقاصد والغايات
    يَفيضُ من أملٍ قلبي ومن ثقةٍ …لااعرفُ اليأس والاحباط في غممِ
    اليأس في ديننا كفرومنقصة… لاينبت اليأس قلب المؤمن الفهمِ
    وما دمنا نثق بربّنا وديننا، ونثق بأنفسنا، وبوعد الله الصادق لنا، ونأخذ بما أمر الله من الوسائل والأسباب، ونبذل كل ما نستطيع، كلّ ما نستطيع … فلا يأسَ ولا تشاؤمَ ولا إحباطَ، بل أملٌ متلألِئٌ يضيءُ القلوبَ والعقول والدّروب والآفاق، وتفاؤلٌ صادق – رغم كل شيء – بنصر الله عزّ وجلّ

ماذا تقول أنت؟
اترك رداً على ***(لبنى)*** إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *