سيدة من الأقصر، جسدها متهالك وبالكاد تتحرك لسانها لتحكي آلامًا قد تعجز عن حملها الجبال؛ طفولة مُعذبة، وحياةً لا تحمل أدنى درجات القرب من حنان الأم وعطف رب الأسرة، وفي النهاية تزوجها جدتها لأطيب من يطرق أبوابهم من وجهة نظرها، لتمر الأيام وتجد “مروة” نفسها أمًا تغيب زوجها خلف القضبان، وتركها فريسةً لأنياب شقيقه يحاول الإيقاع بها في شرك المعصية.”والله ما كنت أعرف إن خوفي على شرفي وعرض جوزي هيبهدلني كده، وإن هييجي اليوم اللي ألقى نفسي وحيدة ومش قادرة حتى أخدم نفسي”؛ بدأت “مروة محمد” 24 عامًا، ربة منزل من محافظة الأقصر.
“جدتي هي اللي ربتني بعد ما أمي وأبويا انفصلوا، روحت عشت معاها في الأقصر وكملت تعليمي لحد ربنا ما كرمني وأخدت الثانوية، وبعدها جه ابن الحلال”؛ تواصل “مروة”: “محمد محمد عبدالله، كان شغال حداد مُسلح، رجل طيب، اتقدم لي والحمد لله جدتي وافقت عليه واتعشمنا في ربنا خير إنه يحافظ عليا ومنتحوجش في يوم”.وتستطرد: “كنا كافيين خيرنا شرنا؛ كنت راضية بقليلي، وربنا رزقنا بـ”حبيبة”؛ لكن بعد سنتين الشيطان غوى عقل “محمد” وراح لطريق المخدرات، وكان بيقول طريقها سهل وفلوسها كتير وبيشرب ببلاش، بصراحة هو كان مُسرف، وفي النهاية الطريق كان آخرته حبس 5 سنين”.
وتنهمر دموع مروة بدون مقدمات: “بعد محمد ما دخل السجن، أخوه “مصطفى” قسوته زادت، وبدل ما يخلي باله مني أنا و”حبيبة”، حاول يتحرش بيا، ومقدرش إني مرات أخوه وفي مقام أخته”.”في يوم أغبر حاول مصطفى يعاشرني بالحرام، ولما رفضت اتجنن وفضل يضربني على رأسي ووجهي، وأول ما شاف جراحي صب زيت مغلي عليا”؛ تسرد بأسى تفاصيل مآساتها: “من يومها ولمدة 9 شهور وأنا بتعالج من الحروق، وكعب داير من مستشفى لغيرها لحد ما جيت هنا في مركز ههيا للحروق بالشرقية”.
وعن حالتها الآن، تقول “مروة”: “الحمد لله عملت عملية ترقيع ونجحت، لكن جسمي مبقاش زي ماكن ومحتاجة علاج طبيعي؛ ربنا رزقني بولاد الحلال اللي وقفوا جنبي من غير ما يعرفوني وسكنوني في شقة بالإيجار، لكن أمنيتي أربي بنتي هنا بعيد عن عمها اللي لا عنده ضمير ولا قلب”.وبوجه يملؤه الأسى تختتم أم حبيبة حديثها: “نفسي ربنا ياخد بيدي وأعرف أخدم بنتي وألاقي وظيفة تكفينا شر الحوجة، ويا رب يقدر الشرطة ويقبضوا على مصطفى، خصوصًا إني قدمت فيه 4 محاضر بالأقصر”.