بعد مرور ستين عاما على الطلاق بين شطري شبه الجزيرة الكورية في العام 1953، يتخذ احد الرجال في كوريا الجنوبية من التوفيق بين الشباب الجنوبيين واللاجئات من دولة الشمال مهنة له.
فهذا الرجل، ويدعى هونغ سونغ وو، يدير وكالة نجحت حتى الآن في اتمام 400 زواج بين رجال جنوبيين ونساء شماليات، رغم الخلافات الظاهرية بين الشعبين، وهما شعب واحد في حقيقة الامر منقسم بين دولة ديموقراطية في الجنوب ودولة شيوعية قاسية في الشمال.
ويقول “لا احد من زبائني يلقي بالا للتهديدات او للحالة السياسية بين الكوريتين، الاولوية هي الزواج”.
ويعتبر الزواج في الثقافة الكورية خطوة لا بد منها في سبيل تحقيق النجاح الاجتماعي.
وشرع هونغ سونغ وو في عمله هذا بعد حادثة شخصية جرت معه، اذ وقع الطلاق بينه وبين زوجته في العام 2006، وبدأ بعد ذلك بالبحث عن زوجة اخرى، ووقع اختياره على لاجئة من كوريا الشمالية.
ويروي لمراسل وكالة فرانس برس “كان اللقاء الاول لدى صديق مشترك، اذكر اني كنت اتساءل كل الوقت ما اذا كانت جاسوسة شيوعية”.
بعد سبعة اعوام، يجد هونغ سونغ وو نفسه سعيدا، ويرغب في ان يشارك مئات الشباب الجنوبيين تجربته. فبدأ بتعريف اصدقائه على اصدقاء زوجته، الذين هربوا من الشمال الى دولة الجنوب فرارا من القمع والجوع.
والدولتان، كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، في حالة حرب رسميا منذ توقيع اتفاق الهدنة بينها في العام 1953، ولا توجد اي علاقة او وسائل اتصال بين المقيمين في كلا الدولتين. وقد شهدت الاشهر الاخيرة تصاعدا في التوتر بعد تجربة نووية ثالثة اجرتها بيونغ يانغ في شباط/فبراير.
ومنذ العام 1953، فر الى الجنوب 25 الف من مواطني كوريا الشمالية، معظمهم بعد المجاعة التي ضربت البلاد في التسعينات. ومعظم الهاربين هم من النساء، اذ ان الرجال يخضعون لمراقبة تجعل هروبهم امرا بالغ الصعوبة.
وتواجه النساء اللاجئات من الشمال صعوبات في التأقلم مع الحياة في الجنوب، فمعظمهن لم يتلقين تعليما كافيا ونشأن في بلد يعد متخلفا وفقيرا، وهن يجهدن لايجاد مكان لهن في مجتمع الجنوب الاستهلاكي الحديث.
ولذلك، فان الزواج من رجل جنوبي يتيح على الاقل الأمان الاقتصادي للنساء اللاجئات.
وتقول شوي هاي إن التي فرت من بيونغ يانغ في العام 2009 وتزوجت رجلا جنوبيا بعد ذلك بعام “لا انصح اللاجئين بالزواج من بعضهم في كوريا الجنوبية، فالزواج المختلط يساهم في اندماج الشماليين في الجنوب”، مشيرة الى ان اصدقائها الشماليين فعلوا مثلها.
ولا توجد اي احصائيات رسمية حول الزواج المختلط لكن عدد العائلات المختلطة يقدر بنحو الف.
وتشتهر النساء الشماليات بانهن اكثر جمالا من الجنوبيات، كما انهن اقل تطلبا واكثر استعدادا للقيام بدور المرأة التقليدي وخدمة الزوج والبيت والقناعة بما هو متوفر لهن.
ويجد الكثير من الرجال الريفيين ذوي الحالة المتوسطة انفسهم غير قادرين على العثور على الزوجة المناسبة بين الكوريات الجنوبيات، ولذا شهدت البلاد في السنوات الاخيرة تدفقا للزوجات من فييتنام او الفيليبين.
ويقول هونغ سونغ وو “الكثير من الفتيات الكوريات الجنوبيات المتعلمات لديهن توقعات عالية، أما الشماليات فهن اقل حسابا واكثر تواضعا وامهر طبخا”. ويرى لي كوم سون الباحث في المعهد الكوري للتوحيد الوطني ان هونغ سونغ وو يعتمد في عمله على الفكرة السائدة عن النساء الشماليات انهن جميلات وقنوعات.
لكن هذه الفكرة السائدة لا تبدو منطقية قياسا الى ما يتطلبه الفرار من القبضة الحديد في كوريا الشمالية من ارادة وتصميم، وتعريض النفس لخطر الاعدام، والقدرة على الاختباء لمدة اشهر احيانا، قبل الوصول الى كوريا الجنوبية.
اقترح انكم تستعينون بالخبراء العرب
لانهم يمتلكون خبرة واسعة لا يستهان بها في هذا المجال