بقلم: مريم الحسن

الأمة العربية مشغولة بفوضى ثوراتها الكاذبة و غافلة عن ربيعها الحقيقي في تحرير فلسطين الذي من المؤكد لن يبدأ إلا بتحرر شعوب المنطقة و نهضتهم و بخلعهم لمن بقي من طواغيتهم من ملوك و امراء و مقاولي سياسة و عملاء للمستعمرين. فربيع الحرية هو ضرورة ماسة لأمةٍ كأمتنا غارقة بالفقر و الجهل و الفساد الذين فرضوا عليها لعقود من الزمن من قبل من زعموا أنهم حكام الأمة العربية و ما كانوا ابداً كما زعموا و إلا ما كانوا رحلوا بهذا الشكل المهين لهم و لأمتهم و حتى من بقي منهم و كان مثلهم هو راحل شأنه شأنهم و لو بعد حين هذا لان من رحلوا كما من لايزالون منهم ما كانوا حكّاماً بحق بل كانوا عبيد شهواتهم و حكّامهم و من أخرجهم من أقفاصهم العفنة و نصبهم حكاماً و ملوك على شعوبنا.

إن الحرية خطوة ضرورية للنهوض بالأمة إلا أنّ الحرية و الربيع لا يكونوا بالإرهاب و الكذب و النفاق و بيع الذمم و الخداع و التبعية لظالمٍ أعتى و لماكرٍ أدهى, لا غاية له من ربيع ركب صهوته آتيا به إلينا سوى ملء خزائنه من ثرواتنا و حشو بطون أزلامه من خيراتنا و التربع على عرش العالم بتأييدنا له و لمواقفه بهزنا للرؤوس و طأطأتها له و بأصواتنا الراجفة و الخافتة خوفاً من سطوته و بتهافتنا على تقبيل نعاله و أخيراً و ليس آخراً لأن أطماعه لا تحد بزمانٍ و لا بمكان و لا بحدٍ أقصى للمكاسب, شماتته بنا وهو يراقبنا و نحن نرقص كالبلهاء على جثث بعضنا البعض, مستمتعاً بملاحم جهلنا و راوياً تعطشه للعنف برؤية دمائنا التي أسلناها بتقاتلنا و أشلائنا التي قطَّعناها بأيدينا و نحن ندّعي مردّدين بأننا الأفضل و الأرقى و الأكثر حضارة, لأننا أول من علم الحرف و أول من خرج من الظلمة في العصور الوسطى و أننا من سطّر التاريخ بالبطولات و الشهامة و الأخلاق و المعرفة. و لانّ أرضنا أقدس الأقداس و منها انطلقت أعرق الديانات و أرحمها, و لأنّ منّا المسيح و الإنجيل و لأننا أمةٌ ميَّزها الله جلّ ذكره إذ بعث للإنسانية نبياً منها هو أفضل خلقه و أحبهم إليه, و فضلها على باقي الأمم إذ جعلها أمة وسط تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر, و أعزها بين شعوب العالم إذ أنطق القرآن الكريم بلغتها. فما هو هذا الربيع الذي استضفناه بغباء في أمتنا و الذي لم تحلو له زيارتنا إلا بسفك دماء أحبتنا و أبناءنا و الذي لا همّ له إلا زرع الفتنة و التفرقة في أمتنا و الذي لن يزهر إلا إذا قتل إسلامنا و دثر مسحيتنا و شوه صورة هذا الشرق العريق الذي أغدق على العالم في ما مضى بعضاً من تحضره فصار العالم متحضر و ارتقى بعلومٍ نحن نبعتها و اسس نشأتها.

إن الحرية قيمة حضارية يعني أن تعبر عمّا فيك و عما يهمك و أن تحدث برأيك و بأفكارك و أن تتحرك و تتكلم دون خوف أو إكراه و أن تُحتَرم كإنسان له فكره الخاص و موقفه الخاص يعبر عنه بأخلاق لا تمت للعنف بصلة و لا تتكلم إلا بلغة الحوار و السلام و الاحترام لمن خالفك رأيه لان التفكير الحر منحة الباري لعباده و إلا ما كان ميزنا تقدست أسماءه عن باقي ما خلق و ما كان خاطب عقولنا لنعرفه و ما كان خلقنا مختلفين و ما كان بعث فينا ما بعث من رسالاته و هو لو أراد لجعلنا على دين واحد و من عرق واحد و انطقنا جميعنا بلغةٍ واحدة. إن الحرية غايتها السلامة في العيش مع الآخرين الذين لهم أراءهم و مواقفهم و مذاهبهم المغايرة لما ملك غيرهم من شركاء في المجتمع الواحد, فالحرية هي أن نعيش رغم الاختلاف بسلامٍ و أمان, و أن نقنع الآخر بمعتقدنا دون التجرؤ عليه و إهانته أو تهديده في أمنه و سلامته. الحرية يعني الأخلاق التي علّمنا إياها محمد عليه و على آله الصلاة و السلام, هي التسامح و المحبة التي لقننا إياهما المسيح عليه و على أمه السلام , الحرية هي قيمنا الشرقية التي زُرعت فينا منذ نعومة أظافرنا و الموجودة في مجتمعاتنا من قبل أن يولد دعاة الحرية و الديمقراطية و عبيد الأنظمة الرأسمالية و الجشع الغربي و الرعونة الصهيونية في المجتمع الحديث.

نحن نولد أحراراً لأن أباءنا و أمهاتنا أحرار, و لأن عظماء تاريخنا أحرار و لأن قيمنا قيم حرة و أراضينا رغم الاحتلال هي حرة لان قاطنيها احرار يأبون الضيم و الاهانة و لا يسكتون عن حق سُلب منهم غصباً لذا هم المقاومون. إن امتنا ليست بحاجة إلي حريات مستوردة و لا إلى قيم مستوردة و لا إلى أدوات تحرر مستوردة و لا إلى أموال مستوردة و لا إلى فكر مستورد, أمتنا بحاجةٍ فقط إلى أن تستيقظ من غفوتها التي لا يمكن إنهاءها إلا بخروجنا من تقوقعنا في مذاهبنا و في عصبياتنا و بإنهاء تنافرنا و تناحرنا بحجة التفاضل و الأعلمية و الأحقية و بدخولنا التاريخ من جديد عبر بوابة توحدنا و تحرير أراضينا المحتلة و التحرر من التبعية و تحديد العدو الذي بالتأكيد هو ليس عربياً و لا مسلماً و لا مسيحياً و إنما هو صهيوني أو أحد زبانيته ممن يعملون على تفريقنا و تشتيت توحدنا و أضعاف جبهتنا بزرع الفتن الطائفية فيها معتمدين على دهاء و حنكة أسيادهم المتصهينين و نحن عنهم غافلون بحرية يأتينا بها ربيع عربي مصنع في الغرب على مقاس خلافاتنا لن يزهر إلا في حدائق إسرائيل و لن تقطف ثماره إلا الصهيونية

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫16 تعليق

  1. باختصار طول ما ايران موجودة وبخير ف الله يرحم الأمة العربية !
    ايران سرطان بجسد العرب والمسلمين

  2. طول ما الطاءفيين الجهله امثالك موجودين لن نرى الى ابد الأبدين فليسقط عملاء الصهاينه اروع مقال للكاتبه

    1. دنجب وأكل خرا دافع عن احبابك الايرانين الخايسين ومغير اسمه الملطلط هههههه
      قال لن نرى الى أبد الابدين هههههه عساك ماترى ولا يروك
      اطلعون الواحد من طوره !

  3. لنا عودة .. يضيق خاطري بالمقالات الطويلة خصوصا لما اكون نعسانة هه
    صدام من بدأ بالحرب على ايرن لما كان لعبة في يد أمريكا الله يغفرله و بدعم من بعض دول المنطقة, تركت أثرا عميقا يذكره الايرانيون ليومنا هذا لم تأتي تلك الحرب إلا بمزيد من الكره و الحقد و الدماء
    حتى الخليج الفارسي او العربي نتصارع على التسمية!

    1. صباح الخير لأسماء ذات الرأي البناء . و بما أنك نعسانة تُصبحين على خير و أحلام سعيدة 🙂

    2. من يقرأ لي قد يظنني مع ايران (و رغم أني لا أنكر اعجابي بالثقافة الفارسية العريقة و رُقيّها) لكن لنحاول ولو لمرة أن نضع عرقنا كعرب على جهة و نخرج من قوقعتنا و نتعلم ان نتقبل الآخر او على الاقل يكون بيننا و بينهم الاحترام و نكون حياديين! (رغم ننا ننتقد حكامنا كثيرا لاحظوا كيف كل مواطن متبني فكر السياسي الذي يقوده او يظنه على حق )!

        1. و النعم فهذا يكمّل ذاك!
          فديت نفـــسنا هههههههه
          (كلامي عن ايران ما عنده علاقة بك خيتو فأنا أحترم رأي الكل)

          1. أعرف و لكن هذا تعليق على تعليقي أنا هههههه عن العقل لأَنِّي فعلاً أحُس بأنك الأقرب لعقلي عزيزتي . تصبحين على خير .

          2. و أنا كان ظني هيك بس لأنك عزيزة علي حرصت أن أوضح أكثر بس هلق عرفت ما كان له داعي, 😉 لتقارب تفكيرنا
            نوم العوافي dear

  4. القلوب عند بعضيها مثل ما يقولوا
    تركت لك السلام بصفحة أخرى فرأيت سلامك هنا … شكرا صديقتي

  5. يا مريم
    الامه فى غفله ومكبره المخده وما عندنا موضوع غير ( زواج المتعه – الجنس – السبايا – والطائفيه ) !!!
    يعنى أمه شغلها يا حروب مع بعضها يا جنس شلون نصحى ؟
    وحكامنا من حبهم لنا مكثرين لنا الحفلات وحبوب الفياغرا شنو تبين بعد أحسن أمه !!

  6. و تحديد العدو الذي بالتأكيد هو ليس عربياً و لا مسلماً و لا مسيحياً و إنما هو صهيوني أو أحد زبانيته ممن يعملون على تفريقنا و تشتيت توحدنا
    ================================
    اوافق على هذه فقط من مجمل الموضوع الذي اراه فقط حبر على ورق !!!!!!!!

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *