ها هي حكومة تمام سلام تبصر النور بعد أكثر من عشرة أشهر على التكليف، حكومة قال عنها رئيس الحكومة إنها تحظى بدعم عربي ودولي، ووصفها بأنها جامعة وتمثل في المرحلة الراهنة الصيغة الأنسب للبنان.

وأضاف رئيس الحكومة اللبنانية، تمام سلام، بعد لقائه رئيسي الجمهورية ميشال سليمان ومجلس النواب، نبيه بري، في القصر الجمهوري في بعبدا، أن “هذه الحكومة شُـكّلت بروح الجمع لا الفرقة، التلاقي لا التحدي، وأنها قادرة على إحياء الحوار الوطني والقضايا الخلافية وتأمين الأجواء للانتخابات الرئاسية والدفع باتجاه قانون جديد للانتخابات”.

وتضم الحكومة التي أطلق عليها الرئيس تمام سلام اسم “حكومة المصالحة الوطنية” أربعة وعشرين وزيراً، على قاعدة ثمانية وزراء للرابع عشر من آذار وثمانية وزراء للثامن من آذار وثمانية وزراء للوسطيين.7oukoumi

ولفت الرئيس سلام إلى أن توزيع الحقائب جاء ليحقق التوازن والشراكة الوطنية بعيداً من سلبية التعطيل، وأنه تم اعتماد مبدأ المداورة أي تحرير الحقائب من القيد الطائفي والمذهبي؛ فيما غاب عن التشكيلة الوزارية حزب القوات اللبنانية الذي بقي على موقفه بعدم المشاركة في حكومة تضم حزب الله، طالما أن عناصره تقاتل في سوريا.

وتعليقاً على الموضوع، أكد الكاتب السياسي طوني فرنسيس لـ”العربية.نت” أن “الحكومة القائمة تتمتع بتمثيل واسع وجدّي، وتضم أطرافاً أساسية في البلد، وأن حزب القوات اللبنانية ممثل من خلال قوى الرابع عشر من آذار، حتى وإن لم يشارك بوزراء في الحكومة”، معتبراً أن على هذه الحكومة أن تقوم بالأشهر الثلاثة المقبلة ما لم تستطع أن تقوم به في الأشهر العشرة الماضية وأن تمارس دورها بجدية.

وأضاف فرنسيس أن الحكومة الحالية أمام اختبارات بارزة لا تتحمل التأجيل في مقدمها الشأن الاقتصادي والاجتماعي، ولاسيما استعادة الثقة العربية والدولية بلبنان إضافة إلى موضوع معالجة أعداد اللاجئين السوريين الآخذة بالتزايد ومعالجة أوضاعهم بما يتناسب مع المصلحة الوطنية.

ولاحظ فرنسيس في حديث للعربية.نت أن على الحكومة الراهنة الإعداد لإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة، كونه بنداً أساسياً على جدول الأعمال الوطني وليس فقط الحكومي.
“عقد” الحكومة الجديدة

وكانت عقد عديدة قد اعترضت ولادة الحكومة الجديدة، أبرزها عقدة “الصهر”، أي الوزير جبران باسيل باعتباره ممثل التيار الوطني الحر، الذي يتزعمه ميشال عون، فالأخير كان يصر على إبقاء صهره في وزارة الطاقة، فيما لبنان على موعد مع توقيع اتفاقات دولية مع شركات عالمية للتنقيب عن النفط، لكن هذه العقدة وجدت طريقها إلى الحل بإسناد هذه الحقيبة إلى الوزير أرثيور نظريان، أي لحزب “الطاشناق” الأرمني، والذي ينتمي إلى تكتل التغيير والإصلاح بزعامة ميشال عون.

أما عقدة اللحظات الأخيرة، فتمثلت بموقف حزب الله الرافض لإسناد حقيبة الداخلية إلى المدير العام السابق للأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، بسبب خلافات جوهرية في المواقف وتبادل للاتهامات، على خلفية تدخل حزب الله في سوريا ودعمه لقوى موالية للنظام السوري في طرابلس شمال لبنان، فيما يُعرف بأحداث جبل محسن وباب التبانة، إلا أن هذه العقدة تمت معالجتها من خلال إسناد هذه الحقيبة الأمنية إلى النائب في تيار المستقبل، نهاد المشنوق، فيما حصل اللواء ريفي على حقيبة وزارة العدل.

نهاد المشنوق وهو نائب في تيار المستقبل، صحافي بارز، وكان مستشاراً لدى الرئيس الراحل رفيق الحريري، أما اللواء ريفي فهو شخصية أمنية بارزة ومن الوسط الطرابلسي السني، يصفه المراقبون بأنه قادر على السيطرة واحتواء التيارات الإسلامية المتطرفة في الشارع السني، ولاسيما داخل مدينة طرابلس، مسقط رأسه.

كما كانت له عدة مساهمات في كشف الكثير من الزوايا في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأيضاً كشف شبكة الوزير السابق ميشال سماحة، المتهم بالتحضير لعمليات إرهابية في لبنان، ويحظى اللواء ريفي أيضاً بدعم كبير من قبل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
مناورات حزب الله

وهنا يشرح الكاتب الصحافي جورج صولاج في حديث للعربية.نت أسباب قبول حزب الله بتسليم وزارات العدل والداخلية والاتصالات لفريق الرابع عشر من آذار، لاسيما أن معظم هذه الوزارات على تماس مباشر مع الوضع الأمني والاستخباراتي والمحكمة الدولية، فبرأي صولاج، موقف حزب الله دليل على أن لبنان أمام مرحلة إيجابية وتفاهمات إقليمية سترتد إيجاباً على الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان، وأن التشكيلة التي توصل إليها الفرقاء اللبنانيون ليست سوى نتيجة مناخ وتفاهم إقليمي بضغط أميركي وفرنسي ودعم سعودي وإيراني، لكنه أعرب في الوقت نفسه عن تخوفه من عدم إنجاز تقدم ملحوظ في الملف الأمني كونه ليس مرتبطاً بتشكيل الحكومة أو عدمها، إنما بحسابات إقليمية كالنزاع الدموي في سوريا.

الدرب شائك والتحدي كبير، هكذا وصف رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام المرحلة الراهنة، فالمهمات التي على حكومته إنجازها كبيرة والمهلة الزمنية قصيرة، أما التحدي المقبل فهو البيان الوزاري الذي ستتوقف عنده الحكومة الجديدة، والذي سيكون المحطة الحاسمة لولادتها لما ستحمله من جدلٍ منتظر حول سلاح حزب الله وتدخله العسكري في سوريا.

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *