الأصعب من الموت هو الفقدان ، قالوا قديماً : “الحرب والحب من السهل أن يبدأن ومن الصعب أن ينتهيا
لكن الأصعب منهما هو اختيارك أيهما ستفعل ..
ولأن الحروب لا تمنحنا خيارات عديدة، ولا تمنحنا فرصة التفكير حتى ،
فإنها تقرر بالنيابة عنك ، وتختار بدلاً منك ، وتوزع على الجميع الموت أو الفقد بحسب بشاعتها ..
وبما أن الندم أصبح عادة وآفة من آفات الجسد العربي ، تأكل منه عندما يعجز قلبه أن يسقي ذاكرته بكثير من الحب وقليل من الدموع ، فإن ماء دموعنا قتلت كل ما لدينا ، تماماً كالنبتة التي تموت عندما تغرق، ونحن وأآسفاه أغرقتنا الحروب جميعاً ،
ومن كثرت ما أصرفناه من دمع أصبحنا فاقدين القدرة على الشعور بالصدمة والحزن معاً .
أصبحت حياتنا عبارة عن مشاهد وحشية لفيلم مُنع عرضة لاحتوائه على مشاهد ترفضها الإنسانية ،
من إعدام رهائن وقطع رؤوس .. مروراً الى مشهد نحر طفل فلسطيني ،
هم أعلنوا بأن الطفل الفلسطيني ذي ال ١٢ عاماً كان يقاتل مع النظام السوري حتى وقع في أيدي المعارضة .. وكان النحر عقاباً .. بعد الحادث أكدت (حركة نور الدين) بأنها معتدلة ولا تشبه داعش في تصرفاتها ! وأن الحالة فردية وسنعاقب من أرتكبها ..
ربما سيتعجب القارئ عندما أقول إن الأمر لا يستوقفني ولن أخوض فيه كثيراً ..
ما يعنيني هو مبدئ الحوادث الفردية ..
بات علينا أن نتقبل حروب الحالات الفردية ..
وللأمانة أنا مصاب بهلع الحالات الفردية ..
فنحن تعودنا دائماً رد المسؤولين عن الأخطاء الناجمة ممن يحتسبوا عليهم بأنها أخطاء فردية لا ينبغي أن نحاسبهم عليها ..
فمن يطلق من طائرته قنبلة عنقودية تقتل الألاف هو فرد ..
ومن أمر بأطلاق صواريخ نووية صوب اليابان كان فرد ..
ومن يلقي براميل متفجرة على ألسوريين فرد ..
حتى العراق لم تسلم من حوادث فردية أوددت بحياة الألاف ..
لا يمكن أن نقبل بتصريح الحالات الفردية .. ودورنا أن نضع الأمور في نصابها الصحيح والحقيقي ..
ومن الخطأ أيضاً أن نعتقد أن المشهد السوري نحر طفل فقط ..
فبعد انتهاءك من المقال سيكون على الأرجح
١٠ أطفال قتلى ، أما ببرميل متفجر او برصاص او بقنابل …
…………….
الداعشي الذي دهس المواطنين في فرنسا ، والداعشي الذي هجم على مواطنين في بلجيكا وتم تصفيتهم جميعاً ، ولست ضد ذلك ، ولكني أسأل هؤلاء أيضاً الذين ذاقوا مرارة الفقد والموت .. والذين قتلوا بطائراتهم أول أمس في توخار السورية أكثر من ١٠٠ مدني ..
هل من العدل والإنسانية قتلهم ؟ أم أنها حالة فردية لقوات التحالف ؟!
فرنسا قصفت أهداف مدنية في الموصل وقتلت طائرتهم أكثر من ٢٠ طفلاً .. وأمريكا قصفت جامعة الموصل بطلابها
، وقصفت مصنع الألبان الوحيد ، هل تحتاجوا الى دلائل أكثر لإنسانية (أوباما – هولاند – الناتو) ..
لا يمكن وصف هذا القتل بحالات فردية ..
ما يحدث في سوريا هو صحوة لحالة كراهية ، مجتمع ، وثقافات ، وطوائف ..
لن نجني منه سوى أجيال ستتوارثه ..
إننا فقط من نفتح الأبواب لكل التدخلات والتحالفات ..
عندما نرفض الأخر .. فكر وعقيده ، تبدء التحالفات والتجييش ضد الأخر ..
نزرع نبتة الكراهية وعندما تنمو وتلتهم ما حولها نسارع بقولنا : حالة فردية !..
هل يحق لأحد نحر طفلاً لمجرد أنه يعارضه ؟
هل يحق قصف عزل لمجرد أنهم لا يشبهونا ؟
هل يحق لأحد دهس فرنسي لمجرد أنه لا يشرب من نفس منابعنا ؟
من الواضح أن الكراهية تتكاثر .. والكل يتبع شعارات أحلت لكل طرف قتل الأخر ..
أننا نمضي في طريق ملئ بصدامات مروعة مع دول العالم .. والنتيجة هي جحور وكهوف ودمار ..
والمشهد حينها سيكون أسوء مما يتمناه الأعداء ..

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *