بقلم سحر المصري

أرسلت إليّ تسألني: “يزعمون أن المرأة اللبنانية سطحية وتهتم برشاقتها أكثر من المضمون.. وهي دلوعة وتغوي!.. هذه هي الصورة النمطية للمرأة اللبنانية في الأذهان.. أهكذا أنتنّ فعلاً؟!”
ابتسمت.. وأنا مدركة أنها فعلاً الصورة التي رُسِمت للمرأة اللبنانية عن سابق إصرار وترصّد!
فصورة لبنان تُصدَّر إلى خارجه من خلال الفضائيات والفنانات والراقصات وملكات الجمال وستار أكاديمي وبرامج أُخرى نخجل من متابعتها!.. وهو بلد السياحة –بمفهومها الفاسق- الذي يحوي خراباً أخلاقياً وانحلالاً وفسقاً في بؤر الفساد التي يقصدها “من أراد” الترويح عن النفس! وهذه البؤر معروف أماكنها ومَن يروّج لها ويستفيد منها! وهي فئة تغرّبت وتعلمنت ثم زُرِعَت في وسط أرض الرباط لتعربد!

لطالما سُمِّي لبنان بسويسرا الشرق.. وأنه همزة الوصل بين القارات.. وتميّز بانفتاحه على الغرب بدرجة كبيرة.. هذا إضافة إلى احتوائه طوائف عدّة ومذاهب شتّى.. وكان ولا يزال مهداً للثقافة وقبلة الأنظار لطبيعة مناخه وحرية التعبير فيه وذوق شعبه.. ولا شك أن الحضارة اللبنانية اقتبست من الانتداب الفرنسي والحملات التغريبية التي اجتاحته في التعليم والإعلام والغزو الفكري إثر اغتراب أبنائه للدراسة والعمل.. وأثّرت البعثات الإرسالية والفرنكوفونية على عقلية وتفكير شريحة كبيرة من شعبه حتى فترة ليست بالبعيدة حيث انتشرت الصحوة الإسلامية وامتدت فأزالت الران عن قلوب المسلمين وابتدأت الموجة الغربية بالانكماش..
ولا يزال مواطنو لبنان يتأثرون بالحضارات المختلفة على أرضه وبانفتاحهم على كل الأديان.. وبلد بهذا الاختلاف لا بد أن تظهر صورته في الوسائل الإعلامية التي تصل إلى العالم.. وللأسف فإن الفضائيات والمحطات التي تبث من لبنان أغلبها علمانية بما فيها تلك المحسوبة على الإسلام! ونتيجة لذلك تظهر المرأة اللبنانية كما يرغبون أن تظهر حتى أن البعض لا يستوعب وجود محجبات في لبنان وحين كنت ألتقي الناس في العمرة كانوا يستغربون أنني لبنانية ومَن يقتنع منهم يعتقد أنني أنتمي لحزب الله!
والأغرب من ذلك محاولة إظهار المرأة اللبنانية في الأعمال الدرامية أو في الفضائيات غالباً أنها المرأة الجميلة اللعوب التي “تسرق” أزواج الأُخريات.. وتسيء هذه الصورة إلى المرأة اللبنانية عامة.. وقد قالت لي صديقة خليجية يوماً: “أنتنّ اللبنانيات تخِفننا.. رجالنا يذوبون في طريقة كلامكنّ وتعابيركن”.. قلت لها ولِم لا تقولون ما نقول؟ قالت لي: “منكنّ غير”! وما زلت أتلمس معاني هذه الغيرية!
سقتُ كل ما سبق لأفسِّر تلك النظرة السطحية للمرأة اللبنانية بأنها لا تهتم إلا بالمظهر والقشور على حساب العقل والفكر.. وأنها ملكة الإغراء والدلع.. وأنها مثل “هيفا” أو “نانسي”!.. هذا التعميم ليس صحيحاً بالمطلق.. فالمرأة في لبنان هي كما في أي بلد آخر تختلف طبائعها واهتماماتها من بيئة لأُخرى ومن مدينة لأُخرى وكذلك من طائفة لأُخرى!.. وكما نجد المرأة العاقلة التي تهتم بعائلتها وتربية أبنائها ونصرة قضاياها نجد المرأة العابثة التي تنجذب لإسعاد نفسها ولا يهمها إلا الرشاقة والسهرات والزيارات! وكما يوجد المرأة اللبنانية الجريئة والمتحرّرة فهناك المرأة اللبنانية المحتشمة الملتزمة بقِيَمها الأخلاقية والمطبِّقة للشرائع السماوية..
أما المرأة التي تُظهِرها الفضائيات أو “الفنانات” فليست هي الموديل للمرأة اللبنانية بل تمثِّل النسبة القليلة منهنّ فقط!.. فاللبنانية ليست للغواية ولا للعرض! وإنما هي محترمة بالرغم من انفتاحها وجرأتها وقوة شخصيتها نتيجة عيشها في مجتمع منفتح! وما هذه الورود المفتّحة التي تنشر عبيرها في المجتمع اللبناني من شابات التزمن شرع الله جل وعلا وانطلقن على طريق الدعوة إليه جل وعلا إلا نماذج مشرِّفة تثلج الصدر وتُنعش القلب! فهنّ كالقابضات على الجمر لا يرتضين للشرع بديلا مهما كلّفهنّ ثباتهنّ من ثمن! فالهدف واضح لهنّ..
وفي حقيقة الأمر فإن هناك نسبة لا بأس بها من نساء لبنان يرِدن أن يعشن حياة الغرب بكل مساوئها وأضرارها بل وفرض نموذج الحياة الغربية على مجتمعنا اللبناني ويسعين لذلك سعيه.. ويعتبرنه ضرباً من التمدن والتحضّر! ونحن وإن كنا نرغب أن ترتقي المرأة اللبنانية في مدراج العلم والتعلّم وكذلك الحصول على المزيد من حقوقها السياسية والاجتماعية.. إلا أننا نرفض أن تُدار من الغرب لتطبيق مواثيق الأمم المتحدة التي لا تتلاءم مع مجتمعاتنا الشرقية ولا ثقافتنا ولا ديننا.. ولعل هذه من أكثر الأمور التي تفرِّق بين امرأة وأُخرى في لبنان.. تلك الرؤى التي تنبع من مواريث دينية وثقافية.. بالتضاد مع كل ما هو غربي لا ديني!
وكلمة أخيرة.. تتضافر كل الجهود الدولية والعلمانية عبر أبواق لبنانية لهدم الأسرة من الداخل وذلك عبر زعزعة الثقة عند المرأة بنظام الحياة في مجتمعنا اللبناني عامة والإسلامي خاصة.. وما الطلب برفع التحفظ عن المادة 16 في اتفاقية سيداو عنا ببعيد.. واعتمدوا لتحقيق ذلك عناوين برّاقة مُلفِتة ظاهرها فيها الرحمة وباطنها من قِبَلها العذاب العظيم!
أدعو الله تعالى أن يحفظ لبنان وأهله من مكائد الحاقدين.. وأن تبقى المرأة اللبنانية منارة للفِكر والنبض وعلى نهجٍ قويم

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫16 تعليق

  1. وحين كنت ألتقي الناس في العمرة كانوا يستغربون أنني لبنانية ومَن يقتنع منهم يعتقد أنني أنتمي لحزب الله!

    كلام صحيح حتى انا شخصيا كنت اعتقد هيك

    مقال جميل واسلوب رائع سلمت يداكي اختي الكاتبة سحر المصري وان شاء الله
    يحفظ لبنان وأهله من مكائد الحاقدين.. وأن تبقى المرأة اللبنانية منارة للفِكر والنبض وعلى نهجٍ قويم

  2. للاسف فإن معاول الهدم في لبنان كثيرة وتعمل على جميع الجوانب, سياسية واقتصادية واجتماعيى ودينية واخلاقية!
    لبنان لا يستحق ما يحصل له, هذا ما يحصل عندما يتفرق الناس وتدخل ” الديموقراطية الكاذبة” , تصبح فعلا حارة كل مين ايدو اله!!

    لوين آخرتها يا لبنين؟؟

  3. لبنان بلد جميلة ومعروف انها باريس الشرق، ومش معنى أن المرأة اللبنانية بتهتم بجمالها واناقتها ورشاقتها أنها تكون لعوب أو كما يحاول الأعلام تصويرها.
    لبنان مثله مثل أة بلد أخر فيه كل النماذج والأنماط، لكن السى أكيد مش هو السائد ولا العام.
    فى حرب تموز 2006، كلنا شفنا لبنان وشفنا المرأة اللبنانية، واللى كانت ابعد بكثير عن صورة مليسا ونانا ودانا وفانا.
    تحياتى للبنان همزة وصل الشرق الغرب… ويكفى أنك لبنانى.
    شكراً للأخت سحر المصرى.

  4. المراة البنانية جميلة من الداخل والخارج وست بيت وام و مثقافة و كل الصفات الجميلة للمرآة

  5. لبنان بلد الحريات هي الحريات التي ثارة من اجلها شعوب المنطقة باكملها,لا يستطيع احد التمييز بين لبنان بطقسه وجماله وتنوعه وبين شعبه الذي يشبهه كثيرا بكبريائه الذي لم ينكسر لقوى الشر وحناناته الملئة بقلوب الامهات الفطارى على العشق والحب والنضال, من لا يرى مثل هيفاء وهبي في بلده فذلك لانه اعمى,صحيح الين لان منحبو كتير, مش هيني تكون لبناني, شكرا سحر عالموضوع القيم

  6. كثيرا ما تعاني الفتاة اللبنانيه خارج لبنان من خطر تشبيهها بهيفا وأخواتها فبمجرد ان أذكر اني لبنانيه يتداعى على الفور فتيات لبنان ,,فقط,, الممثلات والمغنيات وستار اكاديمي وكأن الخمسة ملايين من اللبنانيين كلهم يعيشون داخل التلفزيونات والأفلام المصريه والتي للأسف لا تظهر الا الجوانب السيئه للمجتمع اللبناني بكل جوانبه ,,,يا جماعه قلتها سابقا,, لبنان اخلاقي لمن يبحث عن الأخلاق وهيفاوي لمن يبحث عن هيفا ونانسي ,فالبحث دائما يشبه الباحث. .
    شكرا سحر ,,شرفتي جريدة نورت,نتمنى المزيد
    وشكرا لأصدقاء نورت,لبنين بحييكم .

  7. الين ماشاء الله عالفهم معك حق والله في كل مكان في منيح ومش منيح …الله يستر على كل البنات …

  8. تحياتي اخ ابو عمار وشيندا,ان شاء الله ما تكون نظرتكم لأهل لبنان وبناته تحديدا الا متل ما نحنى بدنا ياها ,مشكورين

  9. بالمناسبة عندما كنت صغيرا كنت اسمع ان اثينا هي نفس بيروت ولكن عندما زرت بيروت وزرت أثينا رأيت عندها ان بيروت أحلى بكثير من أثينا
    تحياتي لأهل لبنان مصدر فخر العرب

  10. أدعو الله تعالى أن يحفظ لبنان وأهله من مكائد الحاقدين.. وأن تبقى المرأة اللبنانية منارة للفِكر والنبض وعلى نهجٍ قويم
    آمـيـــن
    وشكرااا على الموضوع

  11. أرسلت إليّ تسألني: “يزعمون أن المرأة اللبنانية سطحية وتهتم برشاقتها أكثر من المضمون.. وهي دلوعة وتغوي!.. هذه هي الصورة النمطية للمرأة اللبنانية في الأذهان.. أهكذا أنتنّ فعلاً؟!”
    sahar
    la wa la wa alfi la
    leisat kul alubnaniyat mitel alhayfah wa nancy wa gheirihim min al ghawani
    salimat yedaki ukhut
    Sahar
    wa shukran likul man qala kalimat haq bi haq alsha3b alubnani wa khususan banat lubnan
    ma3 ajmal tahiyat lakom jami3n

  12. بدايةً موضوع جميل
    هناك عدة اسباب لنظرة البعض الينا هكذا
    اوافق ان الإعلام لعب دوراً سلبياً بدايةً مع افلام المبدع الراحل محمد سلمان المخرج الذي احبه شخصياً لكن بسبب الأفلام التي اخرجها و لأسباب تجارية اظهر اللبنانيات بشكر غير لائق عن غير قصد
    الى جانب مسرحية مدرسة المشاغبين عندما يتغيب سعيد صالح عن المدرسة يجيب بأنه كان لديه ملحق في بيروت ويقول هناك كان لدي ملحق على اليمين و اليسار في بيروت لست في حاجة للسعي وراء الملحق هو يأتي بنفسه اليك
    هنا ايضاً اعلم انه عن غير قصد أيضاً شوه شخصية المرأة اللبنانية
    و البقية اتت عليه الفضائيات

  13. انا ما ني عرفانه ليش التركيز ع هدا الموضوع أي بلد اذا حط همه و شغلوا الشاغل ع ابراز البنات و إمكانياتهن و عملياتهن التجميليه بهدف السياحة طبعاً بيعطي نفس صورة لبنان .. مع انو انا معك مو كل اللبنانيات هيفا و اليسا في كتير من النساء العاملات المحترمات بس تركيز فضائياتكن هو يلي عم يجيبلكن ها الحكي على بناتكن .. وانتو بسوطين بهل القصة و مصدقينها يا مساكين.. قال والله شو : اللبنانية حلوة و دلوعة و ما بعرف شو ليش عطيني بلد ما فيها حلوات و دلوعات و بيعتنوا بنفسهن أكتر بكتير منكن بس من حر أموالهن و ليس من ……. و فهمكن كفاية…

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *