أيُّها الطِّفلُ السُّوريُّ أرجوكَ لا تنظرْ إلى كاميرا واحتجِبْ عن المصوِّرين فعيناكَ ترسمُ لنا صِغَرِ حجمِنا ونتذوّقُ فيها مرارةَ ذلّنا.

أيُّها الطِّفلُ السُّوريُّ عذرًا.. إن قلتُ لك: يا سويداءَ القلبْ… لطَمَني تأنيبُ الضَّميرِ وإن ناديتُكَ بدموعي أجابتني معدتُكَ الجائعةُ وجسمُكَ الباردُ النَّحيلُ، وإنْ قلتُ لك: أنتَ مثل ابني كذَّبَني سكنُك في كهفٍ ودفءُ ابني في بيته.

ماذا أروي لك وماذا أفعلُ معك، فأصواتٌ كثيرةٌ انتحبَتْ وتنتحِبُ عليكَ وكاميرات أعجبتها روايةُ حالك، لكنْ تبقَى أنتَ وحيدًا ترتَجِفُ أضلاعُكَ وتزداد نحولاً مع سماع صوتِ الانفجاراتِ التي تخطُفُ ألعابَك وأحبابَك، وتجعلك تعاني مثلَ الكبار بل تفوقُهم لأنّك تجمعُ جُرحَين: وداعَ جمالِ الطُّفولةِ وتَحمُّلِ معاناةِ الرُّجولة. حبيبي لو كانتِ الأسطرُ تُشبِعُكَ والكلماتُ تدفِّئكَ لكتبتُ وسطَّرْت سُطورًا لاتنتهي. حبيبي حتى كتاباتُنا هي للترويح عنَّا لا لإجابة أصواتُكَ ولا لإعادة الهدوء إلى عينيك اللتين تنكسر أمام نحيبهما الكلماتُ والإنسانية.

ماذا أروي لك وكيف أزرع في قلبِكَ قلبَ غيرك؟ وما زادَ حزنُنا أنّ وجهك ملامحُهُ الحزينةُ تزيدُ معاني الحزنِ حزنًا وتُبكي كلماتِ الأدباءِ ويصبحُ الحبرُ وهو يصوِّرهما ممزوجًا بمرارة الدَّمع.

حركاتُ عينيكَ القلقةُ من كلِّ مجهولٍ تسوِّدُ كلَّ جمالٍ كنَّا نراه في الدنيا، ماذا تُراكَ تقول في ليلك هل ترنو إلى نومةٍ أبديةٍ تفارقُ فيها هذا العالم الجائر، ما هي أحلامُك وتطلعاتُكَ، هل تزولُ صورُ الصَّباحِ من عينيك أم أنَّ الجراح جاثمةٌ في قلبك الصغير صباحَ مساء، في اليقظةِ وفي المنام.

أعرفُ حبيبي أنَّك تخيَّلْتَ أباك لا يُقهر فتحطَّم كلُّ معنىً للحياة وأنتَ تراهُ أمامك يمزَّقُ كبرياؤه وتُهانُ كرامتُه أعرفُ أنَّ هذه الصُّورَ لا تَمحُها أيامٌ ولا سنواتٌ. هنا حبيبي تعجز الإنسانيةُ عن علاجِ انكسارِكَ، فلابدَّ من فتحِ بابٍ إلى السماء يأتيك من قِبِلِه يقينٌ يحبِّبُ إليك اللقاءَ مع أحبةٍ فارقوكَ ويعدُكَ بنعيمٍ دائمٍ لا يُوزَنُ بموازين الدُّنيا التي أثبَتت تطفيفُها للباطل.

نعم حبيبي لا ملجأَ لك إلا بنداءٍ للسماء حينَها تُفتح الأبوابُ لك لتُلاقي عالمـًا للعدلِ يذكِّر بلحظةٍ يُنَادى فيها {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ}[غافر: 17].

* منقول * ..

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫21 تعليق

  1. منيح ، وياريت. تأخذ معك الطفل التونسي والطفل المصري والطفل الليبي والطفل الأردني والطفل الإيراني ،،،وآخر وآخر شي الطفل الروسي والصيني ،، بس. تأكد عمرك ما حتاخد. الطفل الاسرائيلي..

  2. أخ مأمون الطفل السوري الآن شقي مأساته حقاً لن ينساها وكان قبله الفلسطيني ولازال معظم أطفال العالم باتوا أشقياء واله يخفف عنهم المقال اوجعنا والله يكون معهم ومعنا

  3. جميل ما كتبته مأمون لكنه مأساوي جداً و يعطيك دفعة قوية من الحزن و الكآبة فتش عن شيء من الفرح من الأمل داخل نفسك الحزينة

  4. يا الله يا مأمون شو كلامك بيوجع القلب وبيحسسنا قديش نحنا صغار قدام معاناة أهل سوريا وصغارهم
    والله صرنا نخجل من حالنا لما منحس بالأمان وأهلنا بالشام محرومين منها ولما مناكل وهنن جوعانيين ولما منام وهنن الخوف والألم والرعب حارمهم النوم ومو طالع بإيدنا شي إلا الدعاء وبس
    يا الله تفرج كربهم وتزيح هالغمة عنهم عن قريب وترجع الأمان ألهم وترجع الفرحة لقلوب أطفالهم
    يا رب تعوض صبرهم خير وتتلطف فيهم وتداوي جراحهم
    يا رب انتقم من اللي زرع هالحزن والخوف والأسى بعيونهم وعيون ولادهم
    ياقوي يا عزيز انتقم من بشار انتقام عزيز جبار وفرجينا فيه وبكل من قتل شعبنا السوري عجائب قدرتك واجعلهم عبرة
    والله رغم تشائمي لكن حاسة أنه الله سبحانه ما رح يترك شعبنا المظلوم ورح ينصره وأنه اللي جاية رح يكون خير للسوريين

  5. الى كل حزين ومقهور
    حاول ان ترسم الفرحة والضحكة على وجهك ولو كانت مصطنعة لانه الاصغر والاكبر من اللي حواليك محتاجينك .. ومحتاجين أن يروا قوتك لا ضعفك و حزنك .. يمكن مجرد النظر الى وجهك يستعيدون معنوياتهم الروحية والجسدية .. صدقني يمكن انت لا تحس او تشعر بهم لكنها حقيقة انا شخصياًً أختبرت هذا الشئ من احد المقربين لي الاسبوع الماضي.
    وانت يامأمون ماشاءلله باين عليك قوي الشخصية و اهلك اكيد سوف يفرحون بهذا الشئ …. الله يحمي سوريا والعراق لبنان ومصر وكل البلدان العربية …. وشكرا لصاحب الموضوع

  6. شكرا لصاحب الموضوع
    تهنئأتك هذه لنا بانتخاب بابا جديد لجميع المسيحيين الكاثوليك في العالم دل على مدى اخلاقك العالية وتربيتك المثقفة وعلى احترامك لباقي الاديان الاخرى ..
    بارك الله بك وكثر من امثالك وباركت البطن التي حملتك انت نعم الانسان المسلم الراقي باخلاقه ..
    شكرا لكل من هنأنا .. يارب يعم السلام والمحبة والتسامح بيننا ونترك الدين جانبا ونتذكر فقط باننا بشر وكلنا من ادم وحواء وان ربنا واحد هو الله ..

  7. عذرا على التعليق
    تعليقي على موضوع البابا ولكن حدث التباس بالنشر فارجو المعذرة من صاحب الموضوع ..

  8. نعم حبيبي لا ملجأَ لك إلا بنداءٍ للسماء حينَها تُفتح الأبوابُ لك لتُلاقي عالمـًا للعدلِ يذكِّر بلحظةٍ يُنَادى فيها {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ}[غافر: 17]……………………………………………………فعلا لا ملجأ للإنسان إلا الله سبحانه و تعالى..
    هو وحده من يسمع دعوة المظلوم ..
    و هو وحده من يفتح أبوابه للمهموم..
    فيرفع الظلم و يكشف الهم..
    نسأل الله الفرج لأطفال سوريا و شعبها..عاجلا غير آجل..
    و سلامي ل مأمون..

  9. Brinda في مارس 14, 2013 6:08 م رد
    .. من كل عقلك يا نهى ؟؟؟؟
    ——————————————————————————-
    شو قصدك بريندا ؟
    على كلٍ ما بحكي كلمة إلا قاصدتها

    1. .. و شو فيها لما يشارك مأساة بلدو بشوية حزن في القلب. ليش الإستعجال على الفرح. و كمان فيه شيء أنو مأمون موجود بمكان آمن شوي، خلاص لكان بزيادة عليه، ليش الطمع … تحياتي للتنين.

  10. بالفعل لازم نستحيي عوجهنا
    وونحنا صغار قدام هالصغيير من فترة نزلت فيديو لطفل عم يبكي اقسم بالله بكيت عليه
    ياريت لو دموعي كانت تساعد بإشباع معدههم او لمهم ببيت مهيأ للسكن
    وياريت كتابااتي كانت ساعدت ولكن دعواتنا الله اعلم بها هيي لله والله يحرسكم يا اطفال سوريا
    ويحميكن يا شبابها ويصبر الامهات الثكالى
    مأمون شكرا من قلب مجروح تأثر بكلماتك رغم الاخطاء المطبعية 🙁

    1. الصورة من فلسطين يا سعاد وليست من سوريا أطفال سوريا هم ضحية للمغول الجدد وليس فقط ترسانة النظام العسكرية …………………….الجزائر

    1. مساء الخير مـأمون..
      كيفك؟؟ شفت اسمك حبيت أسلم عليك..
      عساكم بخير إن شاء الله..
      و بإذن الله نسمع عنكم أخبارا سارة عما قريب..
      ربنا يسمع مننا ويستجيب دعواتنا لكم بالفرج القريب..

  11. مقال مؤثر أخى مأمون ، ونسأل المولى سبحانه أن تزول الكبوة والغمة عن سوريا سريعا
    وتعود سوريا بأمنها وأمانها وابنائها لتنهض من جديد ..

    تحياتي لك أخى العزيز .

  12. والله أمام هذه المآسي أستصغر كل تعليق أكتبه عدا حسبنا وحسبكم الله ونعم الوكيل، وحسب أطفال مالي وبورما الذين لا بواكي لهم
    أعانكم الله أخي

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *