صوتٌ دافئ مُطرز بأصالة جزائرية، وإبداع مصري.. يختلف العرب حول أي شيء لكنهم يُجمعون على حنجرتها التي تشبه الأيقونة الساحرة؛ إذ تملك مساحات غير مسبوقة بشجنها، وتتسلح بذكاء آسر في إحاطة موهبتها بالتصميم والأمل. إنها مطربة العرب “وردة” التي وُلدت لأب جزائري، وأم لبنانية، وفضّلت الإقامة بمصر، وتزوجت من أحد أشهر ملحنيها، وهو بليغ حمدي، وانطلق صوتها الشجي يشنّف آذان أمتها العربية.

وردة” نموذجٌ لإخلاص العربي لوطنه، وإن كانت مصر لها فضل كبير عليها في نجاحها وشهرتها، وإطلاق طاقاتها الإبداعية الدفينة، إلا أنها لم تجد أي حرج في القول بأنها تشجع منتخب بلدها الوطني لكرة القدم في مواجهة نظيره المصري خلال السباق إلى كأس العالم.

موقف وردة أثار حفيظة المصريين وغضبهم أيضا، لكن تقديرهم لها لم يتأثر، بل رجعوا إلى صوتها الشجي، وهي تغني الأغاني الوطنية لبلدهم، وهو -في الوقت نفسه- وطنها الثاني، وفي المقابل أكدت وردة أنها ستكون أول جزائرية تشجع منتخب الساجدين في حال تأهل لنهائيات كأس العالم.

امتلكت “وردة” قدرة خاصة طوال مشوارها على الانتقاء والاختيار، وكان الفن -ولا يزال- بمثابة الهواء الذي تتنفسه، ولا تستطيع العيش دونه، كونه يجري في دمائها، سواء على مستوى الغناء أو التمثيل، ومن هنا لم يكن غريبا أن تتميز علاقاتها بالوسط الفني بالحب، والتقدير، والاحترام.

في الوقت نفسه فإن أمنية المطربة الجزائرية بفوز منتخب بلدها لم تقلل من مكانتها لدى الجمهور العربي الذي شدت له من قبل في الأوبريت الخالد “وطني حبيبي الوطن الأكبر” في فقرة أُضيفت لها بناء على طلب الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، الذي حيّاها بعد الحفل عام 1959 بجملة قال لها فيها “أهلاً بالجزائر”، ليختصر بذلك كفاح شعب كامل في صوت موهبةٍ يندر أن تتكرر.

كما أن وردة لم تنكفئ على نفسها وتقول إن زمنها هو الأفضل، أو إن الدنيا توقفت عندها؛ إذ انفتحت على الحياة بشكل تُغبط عليه، وتعاونت مع الشباب من الملحنين والموزعين، ومن هنا كان سر نجاحها.

مولد.. ونجومية

اختلفت التواريخ حول يوم مولد وردة محمد فتوكي -وإن كان الأقرب للتصديق هو 22 يوليو 1939- في فرنسا لأب جزائري وأم لبنانية من عائلة بيروتية عريقة، مارست الغناء في فرنسا، وكانت تقدم أروع الأغاني للفنانين الكبار من أمثال أم كلثوم وأسمهان وفيروز وعبد الحليم حافظ، قبل أن تعود مع والدتها إلى لبنان لتقدم مجموعة من الأغنيات الخاصة بها.

وقدمت إلى مصر سنة 1960 بدعوة من المنتج والمخرج حلمي رفلة الذي قدمها في أولى بطولاتها السينمائية “ألمظ وعبده الحامولي” ليصبح فاتحة خير عليها، ويكون سببا في إقامتها المؤقتة بالقاهرة، قبل أن تتزوج من وكيل وزارة الاقتصاد الجزائري جمال القصري، وتعتزل الغناء لفترة أنجبت فيها ولديها رياض ووداد.

لاحقا، طلبها الرئيس الجزائري هواري بومدين عام 1972 كي تغني في عيد الاستقلال العاشر للجزائر، وبعد تردد حسمت أمرها بالموافقة التي أدت إلى طلاقها من زوجها، وبعدها عادت إلى القاهرة لتنطلق من جديد، وساعدها على الانطلاقة الكبيرة زواجها من الموسيقار بليغ حمدي بعد قصة حب عنيفة، إذ قدمت معه أكثر من 80 أغنية صُنفت على أنها أروع ما غنت.

وأكد غالبية المتخصصين في الموسيقى أن ألحانه تمثل التاريخ الحقيقي لها كفنانة ومطربة، ومنها: “يا أهل الهوى” و”اسمعوني” و”إيه ولا إيه” و”أولاد الحلال” و”معندكش فكرة” و”أوراق الورد” و”لولا الملامة” و”وحشتوني” و”مال واشتكى” و”في يوم وليلة” و”قلبي سعيد” و”بنده عليك” و”معندكش فكرة” و”بعمري كله حبيتك” و”أكدب عليك” و”الغربة” و”خليك هنا” و”لو سألوك” و”العيون السود” و”مالي” و”دندنة” و”اشتروني” و”حكايتي مع الزمان” وكانت أغنية “بودعك”، وهو آخر لحن يقدمه لها قبل طلاقهما بعد زواجٍ دام سبع سنوات.

“أوقاتي بتحلو” نقطة تحول

جاءت أغنية “أوقاتي بتحلو” من ألحان سيد مكاوي عام 1979 بمثابة نقطة تحول في مسيرتها الغنائية، علما بأنه كان مقررا أن تقدم الأغنية كوكب الشرق أم كلثوم عام 1975، لكن الموت فاجأها لتعيش سنوات طويلة في أدراج الشيخ سيد، حتى جاء دور وردة في غنائها، وقدمتها كأفضل ما غنت حتى الآن.

وكان لاهتمام موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بصوتها أثر بالغ في منحها طاقة فنية هائلة، فتواجدت وسط الزخم الهائل من العمالقة في الساحة الفنية آنذاك، إلى جانب أم كلثوم وحليم وفريد الأطرش، علما بأنها تعاونت مع عدد من أبرز الملحنين، ومنهم: رياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي وسيد مكاوي وطلال مداح وبليغ حمدي، ومن الأجيال التالية صلاح الشرنوبي ووليد سعد.

أفلام ومسلسلات

شاركت وردة الجزائرية في عدد من الأفلام، منها: “ألمظ وعبده الحامولي” مع عادل مأمون، و”أميرة العرب” و”حكايتي مع الزمان” مع رشدي أباظة، و”صوت الحب” مع حسن يوسف، كما قدمت مسلسل “أوراق الورد” مع عمر الحريري، وعادت قبل أربعة أعوام فقط بمسلسل “آن الأوان” من تأليف يوسف معاطي وإخراج أحمد صقر، ولم يكن دورها فيه بعيدا عن شخصيتها الحقيقية، إذ جسدت شخصية سيدة تملك شركة إنتاج كاسيت تقف بجوار الأصوات الجيدة، بينما وردة -في الواقع- لا تترك مناسبة إلا وتشيد فيها بالأصوات الجيدة، وتنصحهم بالاجتهاد والتركيز على الأداء أكثر من المظهر.

كما أنها لا تترك مناسبة إلا وتشيد فيها بكاظم الساهر وأنغام وشيرين وصابر الرباعي ومروان خوري وأصالة وتامر حسني وحسين الجسمي وآمال ماهر التي خصتها بتجسيد قصة حياتها في أي عمل فني يتناولها.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫24 تعليق

  1. كل شخص حر يشجع من يريد وانا اقول لازم نصلي على سيدنا محمد و ننسى الخلافات هذه المهم دولة عربية تمثلنا في مونديال وتحية من تونس للجزائر ربي معاك

  2. هذا هو العقل الحكيم والرأي الصواب
    الف تحية من شعب العراق الى سيدة الورود…وردة الجزائرية

  3. in the first we will encourage algeria than if algeria will lost la9Adare Allah we will l Algerie encourage Egypte but Now vive L Algerie Dieu avec Nous Tunisia

  4. je t` apprecie beaucoup warda et a ce qui parait j`ai une grande ressemblance avec toi et a chaque fois on m`appelait warda ,ca me faisait tres plaisir ,mon reve c`est de devenir chanteuse .

  5. مصطفى العراق كله يسلم عليك لاانك شهم
    الف تحية من شعب العراق
    لأم الدنيا مصر

  6. احنا مع مصر و لبنان والااردن و سوريه لان بس هم وقفو مع العراق سلام يا عزيزي مصطفى والله يحفظ اهلك يا رب

  7. انا احيي بلدي العزيز ..الغالي..1000خطرا
    مبروك على الجزائر ..1000 خطرا
    1.2.3 viva algérie
    ام الدنيا تبقى في الدار ….وابوها الجزائر يروح لمونديال

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *