بعد تحويل مغامرات الرئيس الأسبق ميتران إلى مادة للمسرح والسينما، وتصوير فيلم عن مسيرة صعود خلفه الرئيس ساركوزي، جاء دور الرئيس الفرنسي الحالي فرنسوا أولاند ليأخذ نصيبه من الفكاهة التي ترتدي ثوب “حرية التعبير”، الحق المكفول قانونياً والذي ليس من المناسب للرئيس أن يقمعه، فقد بدأت على مسرح «تريستان برنار» في باريس عروض مسرحية «الرئيس العادي ونساؤه وأنا» للمؤلف والمخرج برنار أوزان.

يحمل بطل المسرحية اسم فرنسوا غودا، وتحمل شريكة حياته على المسرح اسم ناتالي فالترير، بينما جاء اسم الشريكة السابقة مارغولين لوايال (من قال إن المقصود بها سيغولين روايال؟).Francois Hollande ولم ينتظر المخرج لكي يستكمل أولاند سنته الأولى في الحكم، بل عاجله بعرض ساخر من النوع الذي يجتذب آلاف المشاهدين من الجنسين. لقد سبق لفريق العمل نفسه أن قدم قبل 3 سنوات، مسرحية بلغ عدد عروضها 400 ليلة، عن ساركوزي بعنوان «الرئيس وزوجته وأنا»، تتناول بشكل طريف زواج الرئيس من عارضة الأزياء كارلا بروني، وها هو الفريق نفسه يكرر ضرب الحديد وهو ساخن، حسبما نقلت جريدة “الشرق الأوسط”.تحاول الغريمة السابقة مارغولين، أن تستعيد قلب فرنسوا الذي تعتبره حقاً صرفاً لها، لا سيما بعد أن أصبح رئيساً للجمهورية، وأن تبطل مفعول سحر شريكته ناتالي، الساحرة الشريرة التي خطفته منها. ولا يقصر المؤلف في ابتداع النعوت الخبيثة للسخرية من الصحافية التي تعتبر سيدة البلاد الأولى، فهي «الكرة المنفلتة» و«المغردة الحقود» التي وقفت ضدها وحرمتها من منصب نيابي. أما ناتالي فترد الصاع صاعين ولا تتلفظ باسم مارغولين بل تسميها دائماً «الأخرى» و«المجنونة». وبدورهم، لا يتورع العاملون في القصر الرئاسي ومساعدو أولاند عن التعريض بشريكة حياته التي تمارس سطوتها على الرئيس، ويطلقون عليها أشنع الألقاب، مثل «الأم الضاربة بشدة» التي تشبه، بابتسامتها الباردة، قطعة حلوى مثلجة من متجر «بيكار» الشهير للأطعمة المجمدة.

أما الرئيس غودا (وهو اسم لجبنة فرنسية) فهو لا يكتفي بالتذمر من المرأتين السفيهتين اللتين تتصارعان حوله، بل من منصبه الجديد الذي يفرض عليه التخلي عن كسله وحبه للنكتة ويورطه بحمل مسؤوليات تثقل كاهله. ويقول بطل المسرحية في أحد المشاهد «أنا لم أطلب أن أكون هنا». واختار المخرج ممثلاً ممتلئ الجسم مثل أولاند، هو دانييل جان كولوريدو، وجعله يقوم بحركات مضحكة مثل أن يفتل ربطة عنقه أثناء الحديث، أو يمد يده إلى جيبه أثناء الاجتماعات الرسمية، ليخرج حبات ملبس حمراء يتسلى بها بينما تعلو قهقهات الجمهور.

مع هذا، يؤكد المخرج أنه لم يطلب من الممثل تقليد حركات الرئيس، كما كان الحال في المسرحية السابقة عن ساركوزي، بل قرأ كتب السيرة التي صدرت عنه وعن سيغولين روايال وفاليري تريرفيلر – أولاند خلال السنوات الأخيرة، وبالذات كتاب «رئيس بين نارين»، وحاول استحضار وقائع وقصص واقعية نشرتها الصحف عن الشخصيات الثلاث. لكن المخرج حرص، في الوقت ذاته، على عدم الخلط بين الحقيقة والخيال لئلا يعرض نفسه للمقاضاة أو منع المسرحية من العرض بتهمة المساس بالحياة الخاصة للرئيس وامرأتيه.

وماذا عن الشتائم التي تتبادلها مارغولين وناتالي؟ إن المخرج ابتعد عن التعامل مع ممثلتين تشبهان الشخصيتين الحقيقتين، لكن المتفرج كان يتابع صراع الممثلتين المعتوهتين ويضحك وكأنه يتخيل الأمور تجري في «الإليزيه» وليس على خشبة المسرح. وإذا كان ساركوزي قد بعث بمحاميه ليرى العرض الذي دار حول حياته مع كارلا، فإن أولاند لم يحرك ساكناً حتى الآن، رغم أن المخرج أرسل له بطاقة دعوة معتمداً على سمعة الرئيس كشخص يعشق الفكاهة والمقالب. لقد أشبعه ممثلو الفكاهة في التلفزيون تقليداً وتشنيعاً حتى صار له جلد فيل.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *