العربية- أعلن وزير الدفاع التونسي أن الجيش يقف على مسافة واحدة من كل الأطراف والأحزاب، وأن مهمته حماية الثورة وأهدافها.

وأعلن عبد الكريم الزبيدي أنه تم تأمين حراسة قبر شكري بلعيد بعد ورود أنباء عن اعتزام سلفيين نبش قبره وإخراج جثمانه بدعوى أنه “كافر وملحد” ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين. ودعا متشددون على صفحات “فيسبوك” الى إخراج جثمان شكري بلعيد من المقبرة لأنه “كافر”.

ودعا وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي (غير منتم لاحزاب الائتلاف الحاكم) في تصريحات نادرة مساء الجمعة إلى إبعاد الجيش عن “التجاذبات” السياسية في تونس التي تمر بأزمة سياسية حادة. وقال الزبيدي إن “المؤسسة العسكرية تعهدت بحماية اهداف الثورة، وهي تواصل حماية اهداف الثورةt“.

كما بيّن الوزير أن الجيش التونسي لا “يعمل بالتعليمات والتوصيات” في إشارة إلى تقاليد جيش تونس الجمهوري الذي لا يتدخل في الحياة السياسية.

إلى ذلك، أكد أن “الجيش يعرف ماذا يفعل وقد عمل بنفس الطريقة مع كل الحكومات وحتى في غياب السلطة (بعد الاطاحة ببن علي) والفراغ السياسي والشرعي، عرف كيف يشتغل وكيف ينقذ البلاد”.

يذكر أن تصريحات وزير الدفاع جاءت في معرض تعليقه على تصريحات أدلى بها الهادي بلعباس وزير الدولة للخارجية والناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر (شريك حركة النهضة الاسلامية الحاكمة في الائتلاف الحاكم).

وكان بلعباس صرح خلال مشاركته في برنامج حواري تلفزيوني مباشر أن رئيس الجمهورية منصف المرزوقي سخّر الجيش الوطني لتأمين جنازة المعارض اليساري شكري بلعيد الجمعة.

وعلق الزبيدي “منذ الخميس وأنا أسمع أن الجيش له تعليمات وسخروه لتأمين موكب دفن” جثمان بلعيد و”أريد أن أقول أن الجيش لا يعمل بالتعليمات والتوصيات”.
تونس تشيّع بلعيد

يأتي هذا بعد أن شيع حوالي مليون ونصف مليون شخص، بحسب مصدر إعلامي تونسي، جثمان المعارض اليساري البارز، شكري بلعيد، الجمعة، حيث دفن في مقبرة الجلاز بالعاصمة تونس، وسط اتهامات البعض للنهضة باستهدافه.

وخلال إنزال جثمان المعارض في القبر، ردد الآلاف بصوت واحد “الله أكبر” “لا إله إلا الله.. والشهيد حبيب الله”، و”بالروح.. بالدم.. نفديك يا شهيد”.

واندلعت اشتباكات في محيط المقبرة بين الأمن ومجهولين، وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع. فيما امتنع راشد الغنوشي، زعيم حزب حركة النهضة الإسلامية الحاكم، عن المشاركة في الجنازة.

وانطلقت جنازة بلعيد، الذي اغتيل بالرصاص، الأربعاء، أمام منزله في تونس العاصمة، من دار الثقافة في منطقة جبل الجلود (جنوب العاصمة) مسقط رأس بلعيد، وسط زغاريد النساء. ونقلت سيارة عسكرية الجثمان الذي لف بالعلم التونسي، فيما قدم جنود تحية عسكرية له.

وحضر الجنرال رشيد عمار قائد أركان الجيوش الجنازة. وكان عمار المسؤول الرسمي الوحيد الذي شارك في الجنازة التي غابت عنها رموز الدولة، وشاركت فيها رموز المعارضة.

وصعدت نيروز (8 سنوات) ابنة شكري بلعيد، الى السيارة العسكرية التي تنقل جثمان والدها الى المقبرة.

إلى ذلك، سجلت كاميرات بعض التلفزيونات المحلية بشكل عفوي سرقات وعمليات تخريب وتكسير من طرف بعض المشاغبين حول محيط مقبرة الجلاز، وتم التصدي لهم من طرف المواطنين ورجال الأمن.

وصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، خالد طروش، للتلفزيون التونسي بأن الوحدات الأمنية تحاصر مجموعات تخريبية تريد إدخال البلاد في فوضى.

كما حرصت النساء على حضور الجنازة كتفا بكتف مع الرجال، وهو الأمر الذي انتقدته مجموعات إسلامية على مواقع التواصل الاجتماعي.

فيما نفى مدير مكتب الغنوشي، زبير الشهودي، أن يكون الزعيم التونسي قد غادر البلاد إلى لندن، مؤكدا أن الغنوشي موجود في البلاد، وأنه لن يشارك في جنازة بلعيد احتراما لمواقف عائلته التي سبق وأن وجهت أصابع الاتهام للنهضة حول عملية الاغتيال.
اتهامات للنهضة وهتافات ضد الغنوشي

من جهة أخرى، أطلق مجموعة من أصدقاء السياسي التونسي الراحل بلعيد اسمه على ساحة بالقرب من منزل الراحل، وبنوا فيها مجسما كتبوا عليه اسمه، ووشحوه بالعلم التونسي.

وشهدت الجنازة ترديد شعارات منددة بحزب النهضة الإسلامي الذي اتهمته أسرة بلعيد بتدبير حادث اغتياله. في حين لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن اغتيال بلعيد، المحامي والسياسي العلماني الذي أطلق مسلح الرصاص عليه بينما كان يغادر منزله في طريقه إلى العمل قبل أن يلوذ القاتل بالفرار بدراجة نارية.

وفيما ألقت أسرة بلعيد باللوم على حركة النهضة، نفت الحركة أي تورط في الحادث. وهاجمت حشود عدداً من مقار الحركة في العاصمة ومدن أخرى خلال اليومين الماضيين.

ورغم أن بلعيد يتمتع بتأييد سياسي متواضع لكنه في انتقاده اللاذع لسياسات حركة النهضة كان يتحدث بلسان كثيرين يخشون أن يخنق أصوليون إسلاميون الحريات التي اكتسبت في أولى انتفاضات الربيع العربي.

وانتظر المشيعون في طقس بارد ممطر خارج المركز الثقافي في العاصمة تونس، حيث سجي جثمان بلعيد، وهم يحملون صور السياسي القتيل، وردد البعض هتافات ضد الغنوشي، ووصفوه بأنه قاتل ومجرم.
الجبالي يتحدى النهضة ويصر على حكومة تكنوقراط
وأعلن الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي، الحداد العام في البلاد، فيما وقعت مواجهات عنيفة في عدد من المدن التونسية بين محتجين وقوى الأمن. كما أعلنت الخطوط الجوية الجمعة، تعليق جميع رحلاتها استجابة لدعوة الاتحاد العام للشغل للإضراب.

وانتشر المئات من عناصر شرطة مكافحة الشغب في شارع الحبيب بورقيبة، أحد مراكز الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العاصمة تونس.

وفي رد فعل على اغتيال بلعيد، قال رئيس الوزراء حمادي الجبالي، وهو إسلامي، إنه سيشكل حكومة تكنوقراط غير حزبية لتسيير أمور البلاد حتى يتم إجراء انتخابات مبكرة.

لكن حزب حركة النهضة، الذي ينتمي إليه الجبالي، وشركاؤه العلمانيون في الحكومة، قالوا إنه لم تتم استشارتهم في هذه الخطوة، مما ألقى بظلال من الشك على وضع الحكومة، وزاد من حالة عدم اليقين السياسي.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *