كانت تلعفر العراقية مدينة الحضارات التاريخية، واليوم توشك أن تكون عاصمة داعش. فالمعارك المستمرة، وسعي التنظيم الإرهابي إلى إحكام السيطرة عليها، لفت الأنظار إلى قيمة المدينة منذ آلاف السنين حتى انتهت بها الحال تحت رحمة داعش.

وتلعفر مدينة من مدن محافظة نينوى شمال العراق، ويسكنها ربع مليون نسمة، ولا تبعد عن الموصل سوى مسافة نصف الساعة بالسيارة، ومثلها عن الحدود التركية، وكذلك السورية، وتتبع لها ربيعة، أبرز المنافذ الرسمية إلى سوريا.t

عاشت تلعفر أمجاد حضارات ودول كثيرة، وحملت أسماء لافتة ومثيرة، كدولة الخروف الأسود ودولة الخروف الأبيض قبل ستة قرون، ووصفها ياقوت الحموي في موسوعته “معجم البلدان” قبل تسعة قرون بالقلعة الحصينة المحكمة، ذات الماء العذب والنخل الوفير، الذي يغذي سوق الموصل برطبه.

وفي العهد الآشوري نمت البلدة الصغيرة وتوسعت وبنت قلعتها الأثرية، وكانت تعرف باسم “نمت عشتار”، وفي رواية ثانية أنها بنيت في عهد الدولة الأموية، وسميت “قلعة مروان”، عندما خاضت الدولة حرباً شرسة لطرد المتطرفين من المسلمين، الذين أطلق عليهم الخوارج، ونموذجهم اليوم تنظيم داعش، حيث استوطنت وتحركت مداً وجزراً على مدى عقد كامل، إلى أن أطبقت عليها اليوم.

وتلعفر مدينة يعيش فيها التركمان، وثائرة منذ دخول القوات الأميركية العراق قبل 11 عاماً، فعرفت المدرعات الأميركية سطوة مقاتليها، فكثيراً ما سحبت الآليات ما تبقى من حطامها. وعرفت الكثير من الأعمال الإرهابية، والكثير من نشاط الفصائل المسلحة، وعرفت تنظيم “القاعدة” في مختلف مراحله العمرية؛ بداية من مسمى “تنظيم التوحيد والجهاد”، مروراً بتنظيم “القاعدة في بلاد الرافدين”، وتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق”، وصولاً إلى تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”.
شخصيات داعش من أقليات التركمان

ومن تلعفر ظهرت شخصيات بارزة في داعش اليوم، وجميعها تنتمي إلى أقلية التركمان.

• فاضل الحياري، الرجل الثاني اليوم، وهو نائب الرجل الأول أبو بكر البغدادي، والمسؤول عن عموم العراق، وكنيته “أبو مسلم التركماني”، وكانت كنيته قبل أن تعتقله القوات الأميركية “أبو معتز”، وقبل عام 2003 كان ضابطاً في الجيش برتبة عقيد.

• أبو علي الأنباري، الرجل الثالث في التنظيم، والمسؤول الأول عن داعش في عموم سوريا، وتسمية الأنباري حديثة، إذ كان مسماه في السنوات الماضية (قبل أحداث سوريا) أبو علاء قرداش التركماني، وهو مدرس فيزياء ومسؤول فرقة في حزب البعث خلال عهد الرئيس الأسبق صدام حسين، وبعد سقوط نظام البعث، التحق بتنظيم أنصار الإسلام في الشمال، قبل أن يطرد منها سريعاً.

• عبد الرحيم، وكانت كنيته في العراق عبد الناصر، وكنيته في سوريا اليوم “أبو عمر التركماني”، ويتولى حالياً مسؤولية داعش في محافظة دير الزور، وقبل ذلك كان عضواً سابقاً في حزب البعث.

وبروز هذا الكم من القيادات في داعش من تلعفر، ساعد التنظيم على فرض سيطرته عليها.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *