جماعات التطرف والارهاب

عصام عبيد
تحت مسميات عديدة وحجج واهية لا يقبلها عقل ولا تنطلى على أحد أتاح الغرب الفرص لنمو وانتشار جماعات العنف والتطرف والأرهاب بمسميات اسلامية وهو يعرف توجهاتها وايدلوجيتها واهدافها التى تدعو لها وتطرحها وتعمل من اجلها وتعلمها لأعضائها والمغرر بهم وتحت حجج حقوق الانسان والحرية فى الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية فتح ابوابه وجامعاته ومجتمعاته وقدم التشجيع والدعم والحماية لها بل قدم المساعدة والتوجيه وهو يعرف ان ما تدعيه من أنها تدعو لدين الله بالكلمة والموعظة الحسنة لا ينطلى على أحد سوى المغرر بهم الذين وثقوا بها وأنقادوا لها .
فقد قامت تلك الجماعات على مدى عقود باعداد جيل كامل من الشباب والرجال والنساء يؤمن بمعتقداتها التى تحمل بذورالعنف والدعوة لمقاتلة حكام بلادها وتكفيرهم بل محاربة عقائد الغرب نفسه الذى اعتبرته كافرا ملحدا وتدعو لقتاله ومع ذلك لم الغرب يتصدى لما تطرحه وقدم لها كل ماتريد من حرية فى نشاطها ودعوتها قاصدا تنمية روح البغض وكره الأخرين بين اتباعها ومريديها وبين مجتمعاته وعقائده ليتسنى له بعدئذ القضاء عليها وعلى بلادها التى جاءت منها بعدما يتورط بعضهم او كلهم فى تأليب المجتمعات التى يعيشون فيها عليهم .
ولا يعقل ولا يصدق ان دعوات تلك الجماعات ليل ونهار على مدى عقود بكفر والحاد وانحلال الغرب والطعن فى منجزاته وتفوقه التقنى والمادى قد تم تحت سمع وبصر الغرب دون ان يدرى او يتوقع النتائج بل انه ساهم وساعد تلك الدعوات على تضخيم ما تطرحه من فساد انظمة وحكام البلاد التى قدموا منها وتوريط هذه الانظمة والحكام بالاعمال المدمرة والافعال المشينة التى اضرت بالبلاد وورطتها فى الديون وفوائدها الباهظة وتبديد ثرواتها مما اعطى صدى مقبول لدعوات تلك الجماعات التى اكتسبت المزيد من المؤيدين حتى يتدخل فى الوقت المواتى للسيطرة على تلك البلاد وثرواتها بحجة قتال ومحاربة الفساد والمفسدين وتحرير الشعوب وانقاذها كما حدث فى العراق وافغانستان وغيرهما الآن .
كما قام ساسته فى نفس الوقت بنبذ ومقارعة تلك الشعوب لديها متهمة فى النهاية المسلمين والاسلام بالجهل والخرافات يدعو للعنف والقتل تحكم بلاده عصابات ولصوص تسرق شعوبها وثرواته وتهريبها وتخزينها لديه ليعود ويقدم جزء منها مساعدات مشروطة أوقروض بفوائد باهظة لمن يراه يجب ان يبقى ولا ينهار كما توجه مثقفيهم لالهاء هذه الشعوب المغلوبة على امرها بما يسمى الحوار والتواصل وبحث عن الحلول كسبا للوقت وابقاء الحال بما هو عليه واقامت مراكز للحوار والأبحاث بين الاديان والحضارات والتطور والتنمية وغيرها فى شبه حملة اعلامية دعائية ضخمة واصبح كل قادر على البحث والتفكير الجدى مشغولا بالجدال والحوار العقيم الذى يسود بحجة البحث عن الحلول وهى بين يديه .
فهى من جهة تعين الظالم فى التمادى فى ظلمه والمظلوم فى مقارعة ومناكفة الظالم وهى عملية وخطة محكمة لاحلول لها ابدا مما اظهرالشرق ومجتمعاته بمظهر قبيح همجي متوحش يبيح القتل والعنف وانتهاك الحقوق والأعراف ولا يلتزم بالعهود ونشر فتاوى وتفسير الحلال والحرام والجريمة والعقاب والارث والحقوق مما زاد الطين بله وساعدت الجماعات السلفية المتزمتة والمتشددة فى نشر عقائدها وافكارها وهى الاشد فتكا حيث يتبين بعد ذلك ان لامفر من استخدام العنف والقتل لتحقيقها ثم يتدخل هو مرتديا الغطاء الانساني والحضارى للدفاع عن الفقراء والمظلومين وهو من عمل على افقارهم وظلمهم بعد زرع الخلافات وتشجيع النزاعات بين الجماعات المدمرة التى ارتدت ثوب الدين .
اما من تعلموا فى الغرب وجامعاته ومعاهده التقنية فقد استنزف موارد بلادهم حيث انه يعرف تماما استحالة عودة تلك القدرات الى بلادها لاسباب عديدة من سيطرة الظالمين وعدائهم لهم وعدم وجود البنية الصناعية والتقنية التى تعمل بها فتفضل البقاء مضطرة ولم يقدم لهم اى مساعدة حقيقية فى تمكينهم من حكم بلادهم وتطويرها والاستفادة من علمهم وخبرتهم التى اكتسبوها بالجهد والمال ثم ضاعت كلها هباء ليصبح المهندسون والفنيون سائقى سيارات اجرة او عمال مصانع تافهة للصناعات التكميلية كما اصبح الاطباء والمعلمون والمحامون ثروة للبلاد التى تعلموا فيها دون اىة تكاليف والتى دفعها اهلهم وبلادهم كما سنت القوانين التى تجبرهم بعد تخرجهم على المغادرة او البقاء والزواج من بلادهم واحيانا من خادماتهم فلم يجدوا سوى الرضوخ والبقاء حيث بلادهم مشتعلة بالحروب والنزاعات والانقسامات والخرافات والفساد المدمر واصبح مصطلح بلاد العالم الثالث يؤكد نفسه .
فالجماعات السلفية وقعت فى مأزق لا تستطيع الخروج منه فهى تعيش وتنجب فى مجتمعات لا تستطيع ان تغيرها ولا هى تستطيع بما تطرحه ان تتغير فتكون النتيجة الضياع والتلاشى والحيرة التى تؤدى لاندلاع الخلافات والصراع بينها تتهم كل فئة الاخرى لأتفه الأمور وتبدء فى التنابذ والتناحربينها الذى يصبح كالأرث تتوارثه الاجيال يحاول كل جيل الانتقام من الذى يليه فيبدو مشوها فاقد الهوية والانتماء منبوذا فى مجتمع يعيش فيه ولا يستطيع مغادرته او الهروب منه خشية المجهول فى بلاده التى اصبح لا يعرفها وكثيرا لا يعرف حتى لغتها التى لم يتعلمها او يستخدمها فى الغالب فيرضى البقاء على مضض محاولا التكيف مع الواقع دون جدوى فيفقد السيطرة ويضيع مستقبله ومستقبل ذريته التى لاتلبث ان تضيع بين قليل مرغم على القبول بالواقع وكثير يرفضه وحاول الانتماء للمجتمع التى يعيش فيه دون جذور فعاش على الهامش او منبوذا.
المشكلة ليست فى ان تهجر بيتك بسبب ما فيه من مساوئ وبلاء الى بيت غيرك الذى حتما لن تستطيع ان تعيش فيه بما تحمل من ارث ومفاهيم ومعتقدات تؤمن بها الحل ان تصلح بيتك بما تملك من وسائل تعمل على تطويعها أو تصلحها بما يناسبك ان كان ذلك ضروريا لاصلاح البيت اما الهرب منه فلا يحل المشكلة كما لا تستطيع ان تعيش فى بيت غيرك بمفاهيم وتقاليد ومعتقدات حملتها اليه وهو لا يقبلها مهما حاولت فهو له جذوره العميقة ومعتقداته ومفاهيمه التى يؤمن بها وربى عليها ولا يمكن بحال تغييرها فما تصفه بالانحلال والأباحية والتفسح هى موروثه الشرعي لا يقبل الا به ويعتبره انجازا للحرية له اسبابه العميقة توارثها وخاض الحروب المدمرة من اجلها وبناء دعائم قوية لها فلا تستطيع انت القادم من البعيد ببعض الكلمات وان كانت محقة أن تغيره فهو نمط حياة ارتضاه وعمل من اجل الوصول اليه ويستميت فى الدفاع عنه وحمايته مما يفسر رفضه للغرباء ومفاهيمهم وعقائدهم ويعتبرها طقوسا قديمة وحضارت اندثرت ولم يبق منها سوى اثارها للفرجه والمتعة بما كان فى الماضي فى بلاد الشرق السعيد.
اما اصرار القادم على تغيير هذه المجتمعات او العيش فيها ومحاولة فرض مفاهيمه عليها فهو اضاعة للجهد والوقت فالمحاولة مستحيلة ولا يعقل ان تنجح تلك الجماعات التى تدعو منذ اكثر من قرن لاقامة دولة الخلافة باصدار الفتاوى والنشرات ومناكفة ومقارعة مثيلاتها وحكامها فلم تقدم سوى الفرقة وفقدان التوازن والهوية وكما اعتبرت المجتمعات الغربية ان القومية تعصب وفاشية وان الاشتراكية كفرا والحادا فأنها تعتبر الأسلام تطرف وعنف وارهاب وأفصحت عن ذلك بعدما قدمت تلك الجماعات المبررات من اقوال وافعال فأعلن الحرب على بلادها تحت مسميات بدت مقبولة من العالم اجمع كما تحالف اعداء تلك الجماعات معه للأنتقام والثأر فكانت أشد وأشرس فى الحرب عليها والتأليب والمحاصرة حيث وجدت الفرصة للقضاء عليها والخلاص منها .

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *