للمرة الأولى على شاشة عربية، وحصرياً على قناة “العربية”، يُعرض فيلم “تدمر” الذي يسترجع تجربة معتقلين من خلال إعادة بناء السجن الذي زجّوا فيه وخرجوا منه بعد سنوات مريرة من التعذيب.

منذ بضعة أيام، نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً مخيفاً عن سجن صيدنايا وفيه توثيق لإعدامات طالت 13 ألف معتقل، أقدم عليها نظام بشار الأسد في غضون الأعوام الخمسة الماضية.

مع فيلم “تدمر” يوثق المخرجان مونيكا بورغمان ولقمان سليم رعباً آخر في سجن آخر اشتهر بسمعته السيئة وهو سجن تدمر. في هذا الفيلم، قررت مجموعة من المعتقلين اللبنانيين السابقين كسر أسوار الصمت الذي كبلهم بعد خروجهم من السجن، فقاموا بإعادة بناء سجن تدمر في مدرسة مهجورة في بيروت وتوزعوا أدوار الضحايا وكذلك الجلادين الذين أهانوهم وعذبوهم وحطوا من كرامتهم لأعوام من دون رحمة، وإذ تعطي إعادة تجسيد التجربة طابعاً درامياً، يوثق الفيلم هذه التجربة بشهادات المعتقلين بحيث تكتمل الصورة في منحاها التسجيلي.

ويبدأ الفيلم من بناء المعتقل في المدرسة، ومن داخلها الذي تحوّل ديكوراً واقعياً يطل معتقل سابق متذكراً يوم استدعائه فجراً في سجن المزّة لإبلاغه قراراً ظن أنه يتعلق بتنفيذ حكم الإعدام فيه، إذ جرت العادة أن استدعاء سجين بعد منتصف الليل ومطلع الفجر لا يمكن أن يعني إلا الاستعداد للموت، لكن ما حدث هو تبليغ المعتقل قرار نقله إلى مكان آخر.

صعد إلى عربة تقل عدداً من السجناء وهو مثلهم لا يعرف في أي اتجاه ستذهب بهم العربة. سأل الجالس بقربه. أجابه، “إذا مررنا في طريق صحراوية فمعنى ذلك أننا منتقلون إلى سجن تدمر”. وإذا لم يروا الصحراء فهم ذاهبون حتماً إلى مصير آخر لعله الموت. وبالفعل مروا في الصحراء واقتيدوا مباشرة إلى سجن تدمر ويا ليته كان الموت بدل هذا العذاب.

الذين يظهرون في الفيلم أمضوا فترات اعتقال تتراوح بين 9 أعوام و14 عاماً. من شهاداتهم تتواتر صور القسوة والذل والذكريات العصية على الزوال. يروي علي أبو دهن كيف أنه أرغم على أكل الحشرات وابتلاع عصفور حي في لقمتين، ويتذكر سيف الدين سعد الدين أنه كفّن بيديه مئات الجثامين ويسترجع موسى صعب نوبة انهياره العصبي ويظهر آخر كيفية وضعه في دولاب وتعذيبه.

في مقدمة فيلمهما، يصف المخرجان أن سجن تدمر هو “درة تاج” النظام الذي قام على القمع والقهر. وليس مصادفة أن يتزامن إنتاج الفيلم وقيام الثورة السورية، فاللبنانيون ليسوا غرباء عمّا حمله السوريون من إرث الحكم الأسدي إبان عهدي الأب والابن، لا بل منذ احتكار حزب البعث للسلطة في مطلع ستينات القرن الفائت.

عرض الفيلم في مهرجانات دولية عدة وأحرز جوائز هامة من مهرجان “رؤى الواقع” في مدينة نيون السويسرية وجائزة أفضل فيلم سياسي من مهرجان “الحرب على الشاشة” في مهرجان هامبورغ في ألمانيا 2016.

سيعرض الفيلم على “العربية” في جزأين متتاليين يومي الجمعة والسبت الموافقين 17 و18 شباط/فبراير في تمام الساعة 20 بتوقيت غرينيتش.

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

  1. اغلب السجون العربيه المسلمه خاليه من الرحمه , لذالك يتجه الشباب العربي للدول الغربيه الغير مُسلمه لان الرحمه والعدل والحق موجوده عندهُم , شعوب مُتطوره غير شعوبنا وحكوماتُنا

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *