أكد خبراء ومحللون سياسيون أن انهيار نظام معمر القذافي في ليبيا سيُؤدي إلى تراجع الدعوات الانفصالية في المنطقة المغاربية، ويُمَكّن المغرب من تأمين جبهة مهمة من صراعه ضد جبهة البوليساريو، التي ثبت دعمها للكتائب الأمنية للقذافي خلال الثورة الليبية.

ويرى المحللون أن تعزيز المغرب لعلاقاته مع ليبيا الجديدة سيمنحه موقعاً متميزاً على المستوى الإقليمي، كما أنه سيساعد اتحاد المغرب العربي المُجمد على تجاوز كل نعرات الانفصال والتجزئة، خاصة أن جبهة البوليساريو كانت أحد أبرز العوامل التي عطلت مسيرة اتحاد المغرب العربي، بسبب النزاع في قضية الصحراء.

وجدير بالذكر أن المغرب اعترف في 22 من أغسطس/آب بالمجلس الوطني الانتقالي ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الليبي، وتوجه وزير الخارجية المغربي بعدها إلى بنغازي حاملاً رسالة من العاهل المغربي إلى قيادة المجلس.
تأمين ضد البوليساريو

ويعتبر الدكتور سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة فاس، أن خلفية دعم المغرب للمجلس الوطني الانتقالي تكمن في رغبته الشديدة في التخلص من نظام ظل محط إزعاج كبير له، وكان وراء إنشاء الأطروحة الانفصالية في جنوب البلاد، حيث مول ودعم جبهة البوليساريو بالمال والسلاح والدعم الدبلوماسي، وما كانت لهذه الأخيرة أن توجد لولا الدعم الليبي والجزائري السخي.

ولفت الخبير في العلاقات الدولية في تصريح لـ”العربية نت” إلى أن القذافي هو أول من احتضن جبهة البوليساريو، مضيفاً أنه بالرغم من أن الملك الراحل الحسن الثاني حاول تحييد القذافي عن قضية الصحراء من خلال الإعلان عن إنشاء ما سُمي بالاتحاد العربي الإفريقي بين المغرب وليبيا، والذي لم يدم إلا سنوات قليلة، فإن المغرب لم يكن مطمئن البال للمواقف المتقلبة للعقيد القذافي، خاصة خلال السنوات الأخيرة.

ويشرح الصديقي: أدلى القذافي حينها بتصريحات تضمنت تهديداً مباشراً بالعودة لدعم جبهة البوليساريو، كما أنه كان يستقبل في مناسبات رسمية رئيس ما يسمى بـ”الجمهورية الصحراوية” محاولاً استفزاز المغرب والضغط عليه، كما حدث خلال احتفالات الذكرى الأربعين لما كان يسمى بعيد الفاتح سنة 2009.

واستطرد الصديقي أنه بالرغم من أن المغرب كان عضواً في اللجنة الدولة للتنسيق حول ليبيا، لكنه لم يعترف رسمياً بالمجلس الوطني الانتقالي إلا بعد دخول الثوار العاصمة طرابلس، ربما – يردف المحلل السياسي – بسبب الخوف من استمرار تحكم القذافي على الأقل على جزء من ليبيا لمدة أطول، ما سيمكنه من الإقدام على خطوات غير محسوبة ضد المصالح المغربية، لذلك يُرجح أن يكون المغرب قدم دعماً مهماً للثورة بشكل سري.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية أن تعزيز المغرب لعلاقاته مع ليبيا الجديدة سيجعله في موقع متميز على المستوى الإقليمي، مقارنة مع جارته الجزائر التي لاتزال تتحفظ على الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي، مشيراً إلى أن هذا قد يؤدي أيضاً إلى تشكيل تحالف ثلاثي قوي بين كل من المغرب وتونس وليبيا، إذا استمر الوضع كما هو عليه في الجزائر.

وأفاد المتحدث بأن هذا الوضع سيُمَكن المغرب أيضاً من تأمين جبهة مهمة من صراعه ضد البوليساريو، لاسيما أن أكثر من مسؤول في المجلس الانتقالي الليبي أكدوا استعانة العقيد القذافي بأعضاء من جبهة البوليساريو.

وتوقع الصديقي أن يتلقى كل من الجزائر وجبهة البوليساريو ضربات قوية، إذا تم الكشف خلال الأيام القادمة على وثائق رسمية من قبل المجلس الوطني الانتقالي تؤكد فعلاً دعمهما بالسلاح والأفراد لقمع الثورة الليبية الوليدة.
إحياء الاتحاد المغاربي

وبالنسبة للدكتور إدريس لكريني، أستاذ الحياة السياسية والعلاقات الدولية بجامعة مراكش، فإن المغرب تعامل مع الأحداث في ليبيا بكثير من الذكاء تجاوز الاختلالات التي رافقت العديد من القضايا الأخرى، من قبيل الدعم الإنساني للثوار في ليبيا قبل سقوط نظام القذافي، وأيضاً الاعتراف بالمجلس الانتقالي في الوقت المناسب، ثم زيارة وزير الخارجية المغربي إلى ليبيا.

وتابع لكريني في تصريحات لـ”العربية نت” أن هذه كلها مؤشرات تفيد بسعي المغرب إلى تمتين العلاقات السياسية مع النظام الليبي الجديد، على الأقل لضمان صوت محايد وموضوعي في المنطقة المغاربية في ما يخص قضية الصحراء.

وأكد المحلل السياسي أن دعم نظام القذافي للبوليساريو دبلوماسياً وعسكرياً ومالياً كان قائماً وقوياً، فدعمت هذه الجبهة الانفصالية كتائب القذافي طيلة الأشهر التي عاشتها الثورة في ليبيا كنوع من رد الجميل، أو خوفاً من سقوط نظام ظل يشكل عاملاً يساعدها على الاستمرار والوجود.

وبخصوص تأثير انهيار نظام القذافي على قضية الصحراء، أوضح لكريني أنه يمكن تحليل هذا الموضوع من زاوية أخرى تتعلق باتحاد المغرب العربي، باعتبار أن من أهم أسباب تحجر هذا الاتحاد هو غياب أنظمة ديمقراطية في المنطقة.

وبالتالي، يردف المتحدث، سقوط نظام القذافي، وثورة تونس التي أطاحت بنظام بنعلي، والحراك الاجتماعي في الجزائر، ثم التحولات الدستورية والسياسية الحاصلة بالمغرب، كلها معطيات يمكن أن تدعم قيام اتحاد المغرب العربي.

واستطرد لكريني أن هذا الاتحاد بين بلدان المغرب العربي يمكن أن يساهم في تجاوز كل دعوات الانفصال والتجزئة، خاصة أن جبهة البوليساريو كانت أحد أبرز العوامل التي عطلت مسيرة اتحاد المغرب العربي.

وخلص إلى أن رغبة شعوب المنطقة في الديمقراطية والحرية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ستهمش كل تلك الأصوات النشاز التي تعطل مسيرة الاتحاد، وتخلق أجواء مشحونة في المنطقة، وتعرقل جهود إيجاد الحلول المُرضية في قضية الصحراء.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫16 تعليق

  1. ان الله يمهل ولايهمل
    لكل اجل كتاب
    انتهى عهد الطاغية وجاء الفرج هنئا للشعب الليبي لقد جائهم الفرج
    نهاية عهد القدافي يبشر بانهاء مشكل الصحراء المغربية التي كانت وستبقى مغربية شات الاعداء ام ابت

  2. القذافي المجنون كان يدعي أنه يساند كل الحركات التحررية التي هي في الواقع حركات انفصالية، لو أن في عهده خرجت فئة من شعبه أرادت “التحرر” هل كان سيتقبل ذلك بصدر رحب ويزودها بالسلاح والاموال؟ طبعا كان سيبيدها كما فعل مع شعبه خلال الاشهر الماضية…

  3. نهاية عهد القدافي يبشر بانهاء مشكل الصحراء المغربية التي كانت وستبقى مغربية شات الاعداء ام ابت

  4. محللون: انهيار نظام القذافي يؤمّن المغرب في صراعه ضد البوليساريو
    ………………………………
    قد يحقق ذلك ..ولكنه -انهيار القذافي- قد يشجع الشعب المسلم في المغرب على التحرك ضد طاغية المغرب .. لان سقوط اي طاغية من طغاة العرب يعد حافزا في تشجيع الشعوب الاخرى على تجربة حظها!!

  5. yasmina في أب 31, 2011 |
    القذافي المجنون كان يدعي أنه يساند كل الحركات التحررية التي هي في الواقع حركات انفصالية،
    ……………………………………….
    وكذلك كان شيخه وقدوته عبدالناصرالذي شجع انفصال السودان عن مصر وانفصال سوريا عن مصر بعد ذلك بسبب استبداده وطغيانه واجرامه بحق الشعوب المصرية والسودانية والسورية!!!

  6. جهاد…. طبعا عبد الناصر ليس بالبياض الناصع الذي يخيل للبعض ولا أظن أن هناك حاكما على وجه الارض يصل الى العدل والحكمة التي نطلبها أو نتصورها ولكن هناك حكام أفادوا أكثر مما أفسدوا وهناك العكس، المسئلة نسبية وأخيرا لا نقول سوى اللهم على كل ظالم متجبر أيا كان فالله وحده العالم بمن هو طاغية فعلي ومن أطلق عليه ذلك ظلما وبغرض إثارة الفتنة والتشويه
    والقذافي وإن كانت مساوئه وحماقاته لا تعد إلا اننا لا نقبل بالتدخل الخارجي والاستقواء بالغرب للاطاحة به كان الاولى أن تكون ثورة شريفة ولا تدنس بطائرات الناتو

  7. جهاد في أب 31, 2011 |

    محللون: انهيار نظام القذافي يؤمّن المغرب في صراعه ضد البوليساريو
    ………………………………
    قد يحقق ذلك ..ولكنه -انهيار القذافي- قد يشجع الشعب المسلم في المغرب على التحرك ضد طاغية المغرب .. لان سقوط اي طاغية من طغاة العرب يعد حافزا في تشجيع الشعوب الاخرى على تجربة حظها!!

    ba3ed syria bitker al masba7a la yet7araro kil al douwal al 3arabye

  8. مادخل صورة الرئيس الجزائري السسسسسسسسسيد عبد العزيز بوتفليقة في الموضوع اخططططططططططونا ياعرب مديتو بلدانكم للصلبييييييييييييييين واحابين دخلو الجزائر فالموضوع الشعب الجزائري واعي بمافيه الكفاية ومثقف وفايق للعبة.

  9. لمن تهمه الحقيقة
    احرنوت الاسرائيلة سنة 2010 : الجزائر أصبحت تشكل تهديدا عسكري وإستراتيجي لاسرائيل و نحن نخشى من تنامي قوتها العسكرية التي
    أصبحت تضاهي أو تفوق قوة إيران

    رامسفيلد سنة 2008 : الولايات المتحدة تسعى لبناء قواعد عسكرية في
    شمال إفريقيا لصد أي تهديد جزائري
    ………..
    فالجزائر من بين العشر دول الأكثر تسلحاً في العالم … كما أن الجيش الجزائري يحتل المرتبة العشرين عالمياً و هو من بين أكثر جيوش العالم شدة
    و كفائة … قوة رهيبة أثارت قلق الكيان الصهيوني و الولايات المتحدة …
    و سعت هذه الأخيرة إلى الاسراع لمحاولة إيقاف ثورة الأسد العربي الجزائري

    هذا ما نراه اليوم واقعاً … سعي الولايات المتحدة إلى بناء قاعدتين عسكريتين هجوميتين في تونس و قاعدة اخرى في المغرب … تدخل أمريكي واسع في تونس … إنقلاب عسكري بحماية أمريكية … إستخدام القاعدة في بلاد المغرب للضغط على تونس و الجزائر … و السعي إلى توتير العلاقة بين الدولتين

    ……… دعوة حكومات الخليج المغرب إلى الانضمام إلى مجلس التعاون لحصار الجزائر استراتيجيا و سياسياً وضع حد لمساعي الصلح بين المغرب والجزائر

    الله يحميك يا جزائرنا و الله يحمي شعبك

  10. لكل من اراد و/او يريد اشعال الفتنه اليكم هذا الخبر الجديد

    الجزائر ترفض دخول القذافي
    كشف مصدر مقرب من الرئاسة الجزائرية أن العقيد الليبي معمر القذافي طلب اللجوء إلى الجزائر، لكن حكومة عبد العزيز بوتفليقة رفضت دخوله البلاد بشكل قطعي،
    بالرغم من قلقها من تحالفه مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
    وأفادت صحيفة الوطن الجزائرية في نسختها الإلكترونية مساء الأربعاء، بأن القذافي حاول التفاوض مع السلطات الجزائرية لدخول الجزائر عبر مدينة غدامس الليبية الحدودية، حيث قالت الصحيفة إنه موجود. ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من الرئاسة الجزائرية أن القذافي “حاول الاتصال هاتفيا بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي رفض الرد على الاتصال”. وأضافت المصادر نفسها: “إنها ليست المرة الأولى التي يحاول فيها القذافي وموفدون عنه الاتصال مع الرئيس الجزائري”. وأوضحت أن “مستشارا للرئيس اعتذر من الزعيم الليبي، متذرعا بأن الرئيس مشغول ببعض التطورات”!!!

  11. تصرفات السلطات الجزائرية المناهضة لتحرر الشعب الليبي وموقفها المشين في النزاع الليبي، والذي تأكد من خلال استقبال أعضاء من عائلة معمر القذافي, يكشف بجلاء الاهداف الحقيقية للجزائر والدور “السلبي” الذي يلعبه هذا البلد في منطقة شمال إفريقيا.

    هذا الاستنتاج كان بمثابة الخلاصة التي انتهت إليها وسائل الاعلام ومراكز البحوث والخبراء البريطانيون المتمرسون الذين يتابعون الوضع في المنطقة المغاربية.

    فمنذ تأكيد السلطات الجزائرية لدخول أربعة أفراد من عائلة العقيد الليبي المطاح به, خصصت أهم عناوين الصحافة البريطانية تعاليق وافية للتنديد بتواطوء النظامين الاستبداديين للجزائر والقذافي.

  12. النظام الجزائري قدم منذ اندلاع الثورة الليبية دعما قويا للعقيد القذافي.

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *