أثار قرار محكمة القضاء الإداري في مصر بإلغاء الاحتفالات بمولد الحاخام اليهودي أبو حصيرة، والذي يقام في ديسمبر من كل عام بقرية ديمتيوه بمحافظة البحيرة شمال القاهرة ردود أفعال واسعة في مصر، فيما أعربت إسرائيل عن اعتزامها مناقشة القرار مع السلطات المصرية.

https://www.youtube.com/watch?v=SZ9lcdjFgDQ

وقد أعلنت وزارة الآثار المصرية التزامها بتنفيذ الحكم وشطب ضريح أبو حصيرة من سجلات الآثار المصرية عقب وصول القرار رسمياً من المحكمة.

وقال مصدر مسؤول بالوزارة لـ”العربية.نت” إن الوزارة أصدرت قراراً في العام 2001 يقضي باعتبار ضريح أبوحصيرة والمقابر اليهودية الموجودة حوله والتل المقام عليه بقرية ديمتوه ضمن الآثار الإسلامية والقبطية، مؤكداً أن الوزارة تحترم أحكام القضاء وستعمل على شطب ضريح أبو حصيرة وإلغاء قرارها السابق فور وصول صيغة الحكم رسمياً من المحكمة.

وفي غضون ذلك، أدى صدور الحكم إلى حالة ارتياح شعبية واسعة بين أبناء البحيرة مؤكدين أنهم كانوا يعانون بسبب ممارسات الإسرائيليين واليهود المشينة خلال الاحتفال حيث كانوا يقومون بشرب الخمور والرقص حول الضريح في استفزاز تام لمشاعرهم ومشاعر المصريين.
انطلاق الزغاريد

وفور نطق القاضي بالحكم، انطلقت زغاريد النساء ابتهاجاً كما علت الهتافات المنددة بإسرائيل فيما أعلنت بعض الأحزاب السياسية ترحيبها، حيث أكد ناجي الشهابي عضو المجلس الرئاسي لائتلاف الجبهة المصرية لـ”العربية نت” أن قبر أبوحصيرة لم يدرج كأثر حتى يتم شطبه، وبالرغم من ذلك فإن على الحكومة تنفيذ هذا الحكم مع مراجعة كافة العلاقات المصرية الإسرائيلية منذ إقامتها بعد معاهدة كامب ديفيد، مضيفاً أن الحكم يصحح ممارسات وأوضاعاً كانت خاطئة.

يأتي ذلك فيما أشاد الحزب الناصري بالحكم واعتبره نهاية لما أسماه التطبيع الثقافي مع إسرائيل.

على الجانب الآخر ردت إسرائيل على الحكم، وقال إيمانويل نحشون، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، إن مكتبه يدرس حيثيات قرار القضاء المصري وأهميته، وأنهم يعتزمون مناقشته مع السلطات المصرية.
إسرائيل: قرار تعسفي

وبحسب وكالة “أسوشيتدبرس” فإن المتحدث الإسرائيلي أكد أن المسؤولين الإسرائيليين يدرسون قرار القضاء المصري، وسيناقشونه مع السلطات المصرية للتأكيد على أهمية حرية العبادة.

من جانبها وصفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، حظر السلطات المصرية لمولد أبو حصيرة بالتعسفي، معربة عن قلقها من أوضاع اليهود في مصر، وبررت ذلك بأنه أثناء الاحتفالات تتحول المنطقة إلى ثكنة عسكرية محصنة تنتشر فيها قوات الأمن لحماية المشاركين من غضب المواطنين.

وأضافت أنه لم يتم حظر مولد أبو حصيرة في مصر منذ توقيع مصر وإسرائيل معاهدة السلام، مشيرة إلى أن مئات اليهود الذين يعود معظمهم إلى أصول مغاربية كانوا يتوافدون على الضريح الذي تم تسجيله ضمن الآثار اليهودية كموقع ديني في هيئة الآثار المصرية.

وكان أحد المحامين من أبناء البحيرة قد تقدم بدعوى لإلغاء الاحتفال بمولد أبو حصيرة، معللاً ذلك أنه تجرى خلاله طقوس وأفعال تخالف أخلاق الريف المصري.

وفي حيثياتها اعتبرت المحكمة قرار وزير الثقافة الأسبق الصادر في يناير 2001 باعتبار ضريح أبو حصيرة والمقابر اليهودية حوله من الآثار الإسلامية والقبطية معدوماً وينطوي على خطأ تاريخي جسيم يمس تراث الشعب المصري، وألزمت الحكومة المصرية بشطب ضريح الحاخام اليهودي أبو حصيرة من السجلات الوطنية وإعلان قرار الشطب بالوقائع المصرية، وألزمتها كذلك بإبلاغ قرار الشطب للجنة الدولية الحكومية ولجنة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو بعد أن أبلغها وزير الثقافة بأن الضريح أثر إنساني.

وشدد الحكم على محاوله الالتفاف الإسرائيلي لدى منظمة اليونيسكو بطلب نقل الرفات إلى القدس، لتكون المنظمة شاهدة على تكريس فكرة يهودية الدولة على الأراضي الفلسطينية وتغيير هوية القدس العربية، من خلال طلب ملغوم بنقل رفات أبو حصيرة للقدس العربية، وهو ما يجب أن تفطن إليه تلك المنظمة، واعتبرت المحكمة أن الترهيب بمعاداة السامية هو نوع من الترويع الفكري الجديد وهو أمر ترفضه الأعراف والتقاليد الدولية.
من هو أبو حصيرة

ويعتبر مولد أبو حصيرة احتفالاً يهودياً بالحاخام المغربي الأصل، ويقام بصورة سنوية منذ عام 1907 في الفترة ما بين 26 ديسمبر حتى 2 يناير من كل عام داخل معبد يهودي في قرية ديمتيوه.

ويعتقد عدد من اليهود أن أبو حصيرة صاحب “كرامات”، وهو ينتمي إلى عائلة يهودية كبيرة، وقد غادر المغرب لزيارة الأماكن المقدسة في فلسطين قبل مجيئه إلى مصر، حيث أقام في القرية ودفن فيها وأقيم ضريح له عام 1880.

وفي عام 2001 قضت محكمة بالإسكندرية بحظر إقامة الاحتفال ورفع المقابر اليهودية المحيطة به من سجلات الآثار التاريخية، إلا أن السلطات المصرية سمحت بإقامته سنوياً منذ صدور الحكم وحتى عام 2010 عدا مرة واحدة في 2008 لتزامنه مع الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة.

ومنذ ثورة يناير 2011 وحتى الآن، لم يتم تنفيذ أي برامج أو زيارات للقبر أو إقامة احتفالات، وأبلغت مصر السفارة الإسرائيلية صعوبة إقامة الاحتفال السنوي لأبو حصيرة نظراً للظروف التي تمر بها البلاد.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *