في الوقت الذي أيد المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، التوافق النووي بين بلاده والقوى الكبرى، واصفاً إياه بـ”الناجح” لدى رده على رسالة الرئيس الإيراني بهذا الخصوص، حيث أعرب المرشد عن “شكره وتقديره” لحسن روحاني والفريق المفاوض، إلا أن صحفاً ووسائل إعلام موالية له انتقدت هذا الاتفاق، معتبرة أن إيران هي الطرف الخاسر في هذه المفاوضات.

وكان روحاني ذكر في رسالته إلى المرشد الإيراني: “إن أبناءكم الثوريين تمكنوا من خلال مفاوضات صعبة ومعقدة إثبات حق الشعب الإيراني في النشاط النووي”.

واعتبر روحاني الاتفاقية بمثابة خطوة أولى على طريق “الحقوق النووية وحق التخصيب”، زاعماً أن القوى العظمى اعترفت بهذا الحق لإيران، على حد تعبيره.

وخلافاً لتبادل رسائل التهنئة و”أعراس الانتصار” التي شهدتها العاصمة الإيرانية طهران لدى عودة وزير الخارجية الإيراني من جنيف، انتقدت وكالة “فارس” للأنباء القريبة من الحرس الثوري الإيراني في مقال تحليلي الاتفاق، وأكدت أنه قابل للتفسير والتأويل.rouhani khaman2i
التناقض في التأويل حول عملية التخصيب

وأضافت “فارس” أن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، له قراءته للتخصيب المشار إليه في الاتفاق، في حين جون كيري له قراءة مختلفة.

يذكر أن الحكومة الإيرانية ترى أنها انتصرت في جعل القوى الكبرى تعترف بحقها في تخصيب اليورانيوم، الأمر الذي نفاه جون كيري، مؤكداً أنه لم يتم الاعتراف بأي حق لإيران في مجال تخصيب اليورانيوم.

وتعليقاً على موقف كيري، ركزت صحيفة “كيهان” القريبة من المرشد الأعلى على موضوع التخصيب، حيث أوردت تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بشأن “اعتراف الأسرة الدولية بحق إيران في تخصيب اليورانيوم”، وكتبت “إن الأميركيين نقضوا الاتفاق بعد ساعة من إبرامه، حيث قال جون كيري: إن المادة الرابعة من معاهدة الحد من الانتشار النووي لم تتطرق إلى حق الأعضاء في الحصول على تقنية تخصيب اليورانيوم”.

وأردفت صحيفة “كيهان”: “لا يمكن الثقة بالولايات المتحدة الأميركية، لأن الدبلوماسيين والمسؤولين الأميركيين يحاولون المراوغة بابتساماتهم الخادعة”.

ومن ناحيتها، عددت وكالة “فارس” شبه الرسمية النقاط السلبية في الاتفاق النووي، الأمر الذي يمكن اعتباره تراجعاً إيرانياً أمام الضغوط الدولية على صعيد ملفها النووي.

فقالت “فارس”: لقد خرجت الاتفاقية من أطر ميثاق حظر انتشار السلاح النووي، حيث تم تدويل حق إيران في تخصيب اليورانيوم، مما قد يؤدي إلى تقليص حقوق إيران.
إيران تفقد قدرتها على المساومة

وحول قدرة إيران على المساومة في المستقبل، رأى موقع وكالة “فارس” للأنباء أن الاتفاق النووي الأخير قضى على قوة إيران للمساومة في أي مفاوضات مستقبلية بعد أن تنازل المفاوضون الإيرانيون عن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%.

وذكرت “فارس” أن الاتفاقية ضمت رسمياً كلاً من الصين وروسيا إلى صفوف الدول التي تمارس العقوبات على إيران، إثر توقيع موسكو وبكين على الاتفاقية النووية الأخيرة.

أما موقع “رجانيوز”، القريب من رجل الدين المتشدد آية الله مصباح يزدي، فقد تساءل: ما الذي حصلت عليه إيران مقابل الامتيازات التي منحتها للغرب، واستنتج أن طهران أعطت الكثير ولم تأخذ إلا القليل، ودعت إلى عرض الاتفاقية على مجلس الشورى الإيراني لإبداء رأيه فيها.
الحلويات المرة

وانتقدت مواقع قريبة من الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، الاتفاقية النووية المبرمة بين طهران والدول الكبرى، وأعاد موقع “نكات برس” إلى الأذهان اتفاقية “تركمن شاي” التي أبرمتها إيران القاجارية في القرن التاسع عشر مع روسيا القيصرية وفقدت بموجبها سيطرتها على أراضٍ في أذربيجان الشمالية وأرمينيا والقوقاز، ويتعبر القوميون الفرس تلك الاتفاقية بمثابة وصمة عار على جبين إيران، ووصف الموقع الاتفاقية النووية بـ”الحلويات المرة”، وأثار الشكوك حول إعلان الانتصار في المفاوضات من قبل المسؤولين الحكوميين.

وأكد حسين علي دليجاني، عضو تكتل الأصوليين في البرلمان الإيراني، أن الطرف الإيراني لم يحقق أي نجاح، والطرف الغربي كان المنتصر في هذه الاتفاقية.

أما موقع “الف”، القريب من المندوب المحافظ، أحمد توكلي، فقد عبر عن موقفه بمقال افتتاحي جاء فيه: إن الجمهورية الإسلامية قبلت بتوقيع الاتفاقية، لأنها لم تستطع أن تقاوم أكثر من هذا.

ومن خلال إلقاء نظرة سريعة على مواقع تعبر عن التيارات القريبة من المرشد الإيراني الأعلى، يرى المتتبع أن أغلبها يتحكم بغضبه، ويحاول التعبير عن رفضه للاتفاقية النووية بطريقة غير مباشرة حتى لا يثير غضب المرشد الذي قرر دعم الفريق المفاوض، ورسم طريقه تحت شعار “الشجاعة المرنة”، إلا أن معارضين إيرانيين يطلقون على موقف علي خامنئي من الاتفاقية النووية بـ”تجرع كأس السم الثاني”، في إشارة إلى تعبير استخدمه مؤسس النظام الإيراني، آية الله خميني، عندما اضطر للتوقيع على قرار وقف إطلاق النار مع العراق، قائلاً “أوقع الاتفاق وأنا أتجرع كأس السم”.

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

  1. “أوقع الاتفاق وأنا أتجرع كأس السم”.
    =============================
    إن شاء الله كأس السم التاني بتشربوه وقت الخروج من سوريا

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *