داهمت يوم الثلاثاء الماضي أربع سيارات دفع رباعي تقودها مجموعة مسلحة، معسكر “الشجراب” للاجئين الإرتيريين والذي يقع بالقرب من مدينة كسلا شرق السودان، وقاموا باختطاف 15 شخصاً من بينهم نساء، وفروا بهم إلى جهة غير معلومة، فيما حاول بعض السكان تقفي أثر الخاطفين ولكن دون جدوى، حيث شقّت العربات فائقة السرعة طريقها نحو الأحراش غير مكترثة بصرخات واستنجاد المخطوفين.
حادثة الاختطاف هذه لم تكن الأولى التي سجلتها الجهات الرسمية ولن تكون الأخيرة، في ظل تنامي ظاهرة الاتجار بالبشر والتي انتشرت بصورة مخيفة في العامين السابقين على الحدود الإرتيرية – السودانية، فالروايات تحدثت عن اختطاف مئات الأشخاص بذات الطريقة المحزنة، والذين تمكنوا من الإفلات، تناقلوا روايات مفزعة عن انتشار عشرات الجثث للمخطوفين، والذين تم قتلهم بدم بارد، بهدف بيع أعضائهم البشرية التي أضحت تجارة رائجة ولها أسواق عالمية تدرّ على العاملين بها أموالاً طائلة.

الأعضاء
اللاجئون الإرتيريون الأكثر توافداً
وتعتبر منطقة شرق السودان من أكثر المناطق استقبالاً للاجئين القادمين من منطقة القرن الإفريقي، لا سيما اللاجئين الإرتيريين الذين يعتبرون الأكثر توافداً للمنطقة بسبب عوامل الحروب وانتهاكات حقوق الإنسان وبرنامج الخدمة العسكرية في بلادهم، ومع تزايد أعدادهم يومياً في مقابل افتقاد مفوضية اللاجئين إمكانيات الحماية، حيث يشكو اللاجئون من الإهمال الشديد، والأوضاع الأمنية المضطربة، أضحت تلك المعسكرات من أسهل الأماكن التي يصطاد منها عصابات الاتجار بالبشر ضحاياهم.
نقل الأشخاص بالعنف والخداع والإكراه
ويقول خالد عطا، المنسق بالمكتب الإفريقي لحقوق الإنسان، إن الاتجار بالبشر أو كما تسميه أدبيات السياسة بالعبودية المعاصرة، يتضمن نقل الأشخاص بواسطة العنف أو الخداع أو الإكراه بغرض العمل القسري أو العبودية أو الممارسات التي تشبه العبودية.
وأضاف لـ”العربية.نت” أن نشاط الاتجار بالبشر تزايد بشكل مريع خلال الأعوام الماضية، نسبة للعائد المادي السريع الذي قدرته الأمم المتحدة بأنه يحتل المركز الثالث من مصادر دخل الجريمة المنظمة بعد الاتجار بالمخدرات والأسلحة.
وأوضح عطا أن عدم توافر معلومات وإحصائيات دقيقة عن حجم المشكلة وضحاياها والشبكات التي تديرها خلق مناخاً لممارسة الجريمة المنظمة.
وكشف أنه خلال عام واحد تم العثور على أكثر من 80 جثة في الشريط الحدودي الذي يمتد بين إرتيريا والسودان ومصر والتي تعود لأشخاص تم تهريبهم من الجوار الإفريقي أو اختطفتهم أيدي العصابات من معسكرات اللاجئين، كما تم العثور على عربات تعمل كعيادات متحركة لتجارة الأعضاء، وهو الأمر الذي يدل على أن نشاط الاتجار بالبشر في شرق السودان هو عمل منظم اكتملت أركانه على مدى سنوات، مما يتطلب تدخل قوى للجهات الرسمية لاجتثاث هذه الظاهرة التي يروح اللاجئون ضحايا لها دون ذنب.
بيع أعضائهم أو أخذهم كرهائن
من جهته، أوضح الحقوقي الإرتيري، ياسين عبدالله، رئيس مركز “سويرا” لحقوق الإنسان، أنه بسبب الخدمة العسكرية التي تطبقها حكومة أسمرا دون الالتزام بفترة محددة، أصبحت إرتيريا أكبر مصدر للهجرات غير الشرعية لمواطنيها، مبيناً لـ”العربية.نت” أن الأمم المتحدة قدرت عدد الهاربين بـ25 شخصاً يصلون يومياً لمنطقة شرق السودان، وهو الأمر الذي تسبب في تنامي عمليات الاتجار بالمنطقة، حيث تنشط العصابات في تهريب المواطنين مقابل مبالغ مالية، وفي الطريق منهم من يصل سالماً، ومنهم من يتم استغلاله كالرقيق من خلال بيع أعضائه، أو أخذه كرهينة وإطلاق سراحه بعد أن يدفع ذووه الفدية والتي تصل إلى 30 ألف دولار.
وحذر ياسين من مغبة نذر حرب أهلية بين اللاجئين الإرتيريين المقيمين بشرق السودان، والذين يقدر عددهم بمئات الآلاف وبين قبائل البدو من “الرشايده” والتي يمارس بعض أفرادها عمليات الاختطاف والترهيب والاتجار بالبشر، مطالباً الجهات الرسمية في السودان بتوفير الحماية وعمل إحكام تام للحد من دخول صائدي المهاجرين للمعسكرات، وإنزال أقصى العقوبات على من يثبت تورطه في هذه الجريمة البشعة.

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

  1. افريقيا مسكينة قارة لا تسمع باسمها إلا و اقترنت بالمآسي من حروب أهلية إلى مجاعة إلى جفاف إلى الاتجار بالأعضاء و القائمة طويلة عريضة … قارة غنية و شعوبها من أفقر فقراء العالم..

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *