إنها الساعة الثانية والنصف ظهراً. تقرع أجراس الكنيسة فتعيد إلى البلدة الصامتة بعضاً من الحياة. ليست رهبة الموت بالتأكيد ما أخرست أهالي بحرصاف, البلدة اللبنانية, أمس، فلطالما كان الموت فرصة للصراخ والإفراج عن آلام المعزّين والمواسين. لكن البحث عن سبب الصمت ليس صعباً، فالخبر بحدّ ذاته كاف ليصيب الجميع بالصدمة: غريس كسّاب، الأم المثالية وفق أكثر من شخص، سمّمت بناتها الثلاث: مليسا (13 عاماً)، ماديسون (10 أعوام) وألفردا (7 أعوام)، ثم التحقت بهنّ. السيدة الأربعينية، التي «لم تعد قادرة على العيش» وفق ما جاء في تسجيل صوتي تركته قبل وداعها الحياة، أعدّت سلطة الفواكه المجففة لبناتها ببرودة، انتظرت حتى فعل السم فعلته ثم التحقت بهنّ، معلنة أنها المسؤولة كي لا يتهم آخرون.

بول جلخ عاد من أبوظبي واكتشف المأساة (هيثم الموسوي)
بول جلخ عاد من أبوظبي واكتشف المأساة (هيثم الموسوي)

الخبر صادم، وهو غريب عن المجتمع اللبناني، وبالنسبة إلى أهالي بحرصاف هو «أمر لا يمكن أن يحصل عندنا»، يقول رجل كان واقفاً أمام صالون كنيسة مار يوحنا لمحدّثه، هامساً. الكلّ يتهامس هنا، وأي محاولة لتسقّط أي معلومة تواجه بردة فعل عدائية، تصل مع خوري القرية إلى استعمال عبارة نابية لطرد مراسلة إحدى محطات التلفزة من المكان.
تقترب الساعة من الثانية، فتبدأ باصات المدارس بالمرور في الشارع الرئيسي للقرية. ينزل منها بعض التلاميذ عابسين، كأنهم يعرفون أن بلدتهم تواجه حدثاً استثنائياً تعلن عنه أجراس الكنيسة الصاخبة مع تمام الثانية والنصف.

تروي السيدة أن قريبها بول، زوج غريس، يعمل في الدول العربية مربّياً للخيول. وهو كان في لبنان قبل أسبوع. أما زوجته غريس، وهي من كسروان، فهي تقيم وحدها مع بناتها الثلاث في منزل ملاصق لمنزل أهل زوجها. كما تقيم إحدى شقيقاتها في منزل قريب. وقد اعتادت غريس أن تقلّ بناتها صباح كل يوم إلى مدرسة «يسوع ومريم» في الرابية، ثم تعود لتصطحبهنّ بعد الظهر. لكنها، أول من أمس الخميس، لم تخرج من البيت. ولم تنتبه الجدة، والدة بول، إلى الأمر لأنها كانت مرتبطة بواجب الخدمة في الكنيسة، وعندما عادت وجدت السيارة أمام البيت فاعتقدت أن غريس أقلت البنات إلى المدرسة وعادت.
قبل ذلك بقليل، وتحديداً مساء الأربعاء كان بول، الزوج، يتحدث مع زوجته عبر الهاتف من أبو ظبي، على ما يبدو قبل تنفيذها لمخططها، وقد أنهى اتصاله بها بالقول: «معي اتصال آخر، أعاود الاتصال بك لاحقاً». لكنه عندما أعاد الاتصال لم يتلقّ الردّ. كرّر المحاولات، وعندما يئس شعر بأن أمراً غير طبيعي قد حصل فقرر العودة إلى لبنان قبل الموعد الذي كان حدّده لذلك.
وصل بول إلى بحرصاف مساء الخميس، فوجد باب المنزل مقفلاً. ولأنه لا يحمل المفتاح طلب من شقيقتها المقيمة في البلدة أن تعيره المفتاح لأنها تحتفظ بنسخة عنه، فيما ردد آخرون أنه قد يكون عمد إلى فتح الباب بالقوة. وعندما دخل إلى المنزل وجد أسرته كلها قد فارقت الحياة، وبناته يرتدين ثياب النوم (البيجامات)، مع وجود شريط فيديو مسجّل صادرته القوى الأمنية. ومع انتشار الخبر، بدأت وسائل الإعلام بالوصول إلى البلدة.
مضمون الشريط هو السرّ الوحيد الذي لم يجرؤ أحد على إفشائه، لا همساً ولا علانية، واكتفت سيدة كانت تبكي بالقول عبر الهاتف لمحدّثها إن الراحلة كانت تقول: «ما بقى فيي عيش».
وقد أكد مسؤول أمني أن الفيديو الذي وجدته القوى الأمنية في المنزل «يحوي تسجيلاً بالصوت والصورة للأم، تتهم فيه زوجها بخيانتها وبإقامة علاقات خارج إطار زواجهما». وقد تأكدت هذه المعلومات للمسؤول بعد الاطلاع على شريط الفيديو في مفرزة الجديدة القضائية، مرجحة أن يكون «الزوج دخل المنزل بعدما خلعه بمساعدة بعض الجيران». ولفت المسؤول الأمني إلى أن التحقيقات لا تزال جارية للتأكد من وجود شخص آخر قام بدور المصوّر أو ساعد غريس بتسجيل الفيديو، وخاصةً أن القوى الأمنية «تشتبه بأن التسجيل قد تم قبل حصول الجريمة بوقت قليل، وهو الأمر الذي يصعّب (ولا ينفي) فرضية قيام المرأة بالتصوير بمفردها قبيل الجريمة».

المصدر: جريدة الأخبار

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫21 تعليق

  1. No matter what the issue that the late wife did face, she has no right to decide on taking away her 3 daughter’s life.
    It is very sad what happen and lots of time, kids do pay the price of their parents mistakes.
    those innocent kids are victoms and Allah yerhamouhun no matter what religion they follow.

  2. كلام منطقي جدا وعقلاني وانساني اختي الكريمة سيندي ، بارك الله فيكِ ، دائما تعليقاتك تجعلني لا أحتاج أن أُعلق بعدك ….

  3. inno la femme libanaise est très sensitive,et elle n’accepte pas un statut qu’elle ne peut pas le tolérer.Il faut savoir le responsable de cette crime! En tout cas, toutes mes condoléances.

  4. Even if her husband cheated on her that deosn’t give her the right of taking away her dautghers’s life.I think it must be some thing more than that because if this’s the case ,she she could have field for divorce. I think someone else did

  5. الله يرحمها ويرحم عيالها,,,,,
    اكيد الحرمة المسكينة كانت مكبوووتة بتربية العيال”وزوجها بيخوونها,,,
    ويعمل اللي في راسه وهيا المسكينة قاعدة تربي,,,,,,
    وعن جد تربية العيال صعبة اذا كان الابوان منفصلين ,,او الرجل غير
    مسؤوول عن تربية اولاده,,,,,,,

    سمووووووووووووووووووووووووورة

  6. لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ياربي كيف أجاها قلب تقتل بناتها لو زوجها عم يخونها تتطلق منه بس تقتل وتنتحر وترتكب 4 جرائم قتل ومين وين راح تيجيها الرحمة فرطت ب 4 أرواح الله يرحم البنات ال 3 ويكون مثواهم الجنة إن شاء الله وهي هلأ صارت بديار الحق وراح تاخد نصيبها

  7. I think maybe there another truth , i can t believe she can kill her lille kids . maybe there some one else who did that and kill all the familly and oblige the mother to film her self..ect like the movies………….. i can believe she can kill her kids no way……………

  8. كل المعلقين محترمين وتعليقاتهم تدل على انهم يحملون فكر رائع .. شكرا للجميع انهم تمنوا الرحمة والجنة لهن من غير عنصرية . والله بفرح لما بقرأ تعليقات محترمة محايده . نعم لكل الموتى الرحمة ان شاء الله . وتحية خاصة للسمراء السعودية سمووووووووووووورة الله يسعدك..

  9. ياريت الرجال يحسوا ويفهموا بانه المراه انسان ضعيف وحساس
    ما تقبل الخيانه ولا تتقبلها بسهوله
    لكن عيالها كاسرين ظهرها وما قدرت تتحمل هالاذى
    لو الانتحار مباح كان لقيت الكره الاضيه مافيها الا بنات الهوى والرجال
    الله يرحمنا برحمته ياااااااااارب ويهدي كل زوج خائن

  10. dayma rijal sabab ma el khiyana tkoun daymaa bin jinsin ya3ni zay mafih regala khayna fih setat khayna matkhalouch regala chama3a t3ala9ou 3aliha akhta2 el jins tani

  11. ما الاهم في حياة كل ام؟زوجها ونفسها اواولادها؟بالطبع الابناء اغلى من كل شي..لذا عندما يخون الزوج لما لا ترميه الزوجة من حياتها وتهتم بالكنز الحقيقي الذي تملكه؟بدل الانهيار من زوج خائن وحب زائف؟الام الحقيقية هي التي تزيدها الازمات قوة لا ضغفا..والتي تستطيع ان تعوض اولادها غياب الاب وتكون لهم الحياة كاملة طولا وعرضا….

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *