كتب عبدالرحمن الراشد في الشرق الأوسط:

توزيع الحلوى في الضاحية الجنوبية، حيث جمهورية حزب الله في بيروت، ورفع أعلامه احتفالا بتدمير القصير وتشريد أهالي البلدة السورية، لم يقل بشاعة عن منظر النساء والأطفال المشردين الهاربين من جحيم الحصار والقتل.

في عشرين سنة ماضية لم نعرف قضية ألهبت مشاعر الناس مثل بلدة القصير السورية؛ قصة فيها بطولة الصمود ومأساة أربعين ألفا معظمهم أطفال ونساء، وهمجية العدو الذي بعد أن فشل في مقاتلة أهلها لجأ إلى تدمير البلدة بالدبابات والصواريخ. عشرون يوما موثقة بالصور، والفيديوهات، وشهادات الأهالي عرّت همجية حزب الله وجوره، وفضحت تاريخه المزور. أخيرا وبعد أن فشل في القتال، استولى عليها بعد أن هدمها بصواريخ سكود وبمعاونة طيران الأسد بأكثر من ثمانين غارة جوية. نجح الغزاة في «تطهير» القصير وتشريد أهلها، هذا هو مجد حزب الله وفخره الذي احتفل به.

عسكريا، كانت خسارة القصير محتومة لمن يعرف جغرافيا المنطقة، البلدة تبعد فقط خمسة عشر كيلومترا عن حدود لبنان، حيث تربض ميليشيات حزب الله، المعززة بالأسلحة والمدربة دائما. وتحولت إلى معركة معنوية لقوات الأسد، وتحديدا لحليفه حزب الله، بعد هزائمهم المستمرة خلال العام الماضي.

القصير دمرت وشرد أهلها، إنما الثمن أغلى على حزب الله وإيران من الدم الذي دفعوه رخيصا هناك. الثمن انقلاب في المفاهيم السياسية في الشارع العربي. العدو اليوم هو حزب الله وإيران. والمشاعر أصبحت أقوى من أي يوم مضى لتحرير سوريا من نظامها ومن القوات المساندة له من إيرانية وعراقية وحزب الله. وإذا كان حزب الله يظن أنه أسدى خدمة كبيرة لبشار الأسد بأن يذهب وفده إلى مؤتمر جنيف معززا بانتصاره في القصير، فالحقيقة عكس ذلك. انتصاره في القصير بالهمجية التي شاهدها العرب، وتوزيع الحلوى في الضاحية، ودق طبول النصر في طهران، أضعف كل الأصوات التي كانت ترضى بالذهاب إلى جنيف، أو القبول بشيء من الحل السياسي.

هل سقوط القصير يعني بقاء الأسد ونهاية الثورة السورية؟

لا، أبدا. الثوار في سوريا ليسوا القوات الأميركية في العراق أو أفغانستان كان عليهم الرحيل يوما ما. هؤلاء أهل البلد وغالبية سكانه، إلى أين سيرحل أكثر من خمسة عشر مليون سوري، هم الغالبية الساحقة للسكان؟ كيف سيقضي حزب الله عليهم وهو الذي فقد المئات من القتلى، وأمضى يقاتل ثلاثة أسابيع من أجل بلدة مثل القصير؟

معركة سوريا ليست حربا سياسية، بين قوى إقليمية ودولية، رغم وجود هذه القوى على أرضها تقاتل برجالها. هذه حرب شعب حقيقية، لا يمكن مقارنتها إلا بحروب مثل الجزائريين ضد الفرنسيين، والفلسطينيين ضد الإسرائيليين. فهل ينوي حزب الله والإيرانيون البقاء في سوريا واحتلالها، وإلى متى؟

من أجل البقاء نظام الأسد يعيش على فيلق القدس الإيراني، وحزب الله اللبناني، وميليشيات عراقية، فهل هذه القوى مستعدة للمحاربة عنه إلى آخر بلدة في سوريا؟ وإلى متى؟ ستصبح سوريا أرضا جاذبة لكل المقاتلين من كل العقائد والأفكار، وما مأساة القصير إلا الملهم لمثل هذه القوى الغاضبة المنتشرة في عرض المنطقة العربية.

[email protected]

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫3 تعليقات

  1. يسلم تمك مقال صادق في كل حرف وعم يحكي بلسان كل سوري معارض لهالنظام
    فعلا تاريخهم المزور صار مكشوف للجميع ووجههم الطائفي المنافق ظهر ألنا وإذا كانوا ربحوا هالجولة في القصير على حساب دماء وجثث نسائنا وشبابنا وأطفالنا لكنهم خسروا كتير جدا خسروا تأييد غالبية الشعب السوري اللي كان مصدق كذبهم وداعم إلهم هلأ ربحوا حقدنا وكرهنا إلهم كره كتبوه بدماء أهلنا في القصير ومتل ما قلت صاروا عدو لنا مع الصهاينة و إيران
    وبشار إن ما رحل اليوم فهو راحل غداً واللي باقي هو شعبنا السوري اللي أصبح يعتبرهم عدوله
    ومو بس نحنا كتير من العرب والمسلمين هيك صارت نظرتهم لهالحزب الشيطاني وخليهم يحتفلوا ويوزعوا حلوى قد ما بدهم إن غداً لناظره قريب
    شكراً عبد الرحمن الراشد أول مرة بتفق معك

  2. سوريياااااا
    بلاد باركها الله ….. ودعى لها رسوله
    ستنتصر حتى ….. ولو حاربها العالم كله

  3. القصير !!!!!!!! …….؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    ربما للاسم صدى في النفس وسيظل مدويا في الاذان معلنا ان في القصير كان هناك تقصير وتقصير كبير جدا , تقصير من الجيش الحر , وتقصير من الامة العربية التي _ ان اعتبرت _ شهدت افعال الاعداء بهم ان هم تراخوا وقصروا في مجالدة الاعداء وفي نصرة اخوانهم ووحدة صفوفهم , ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد .
    ايها الجيش الحر , ايها المسلمون هذا مصيركم كمصير القصير ان ترددتم عن نصرة بعضكم بعضا .

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *