كتب عبدالباري عطوان في الرأي اليوم:

يواجه الشيخ يوسف القرضاوي رئيس هيئة علماء المسلمين امتحانا عسيرا هذه الايام يضعه في موقف حرج للغاية، ونقصد بذلك الانتفاضة الشعبية التي اندلعت شرارتها في السودان وتصدت لها قوات الامن بشراسة مما ادى الى سقوط اكثر من سبعين شخصا، واصابة المئات بالرصاص الحي حتى كتابة هذه السطور.
مصدر الحرج ان الشيخ القرضاوي، والكثير من العلماء المسلمين مثله في مصر ودول الخليج ايدوا الثورات العربية المطالبة بالاطاحة بالانظمة في مصر وتونس وسورية وليبيا واليمن، ووقفوا في خندقها، واصدر بعضهم فتاوى بقتل زعماء هذه الدول، مثلما فعل الشيخ القرضاوي بتحليل اهدار دم العقيد القذافي في ليبيا، ودعا الى الجهاد في سورية، لنصرة المجاهدين، والآن يجدون انفسهم في حيرة من امرهم تجاه الاوضاع في السودان، ويحاولون ان يمسكوا العصا من الوسط، لسبب بسيط لان النظام الحاكم في السودان “اسلامي” وتعتبر جبهة الانقاذ التي يحكم تحت رايتها امتدادا لحركة الاخوان المسلمين.
المأزق الصعب الذي يواجهه الشيخ القرضاوي تواجهه ايضا المحطات الاخبارية العربية الرئيسية مثل “الجزيرة” و”العربية”، وهي المحطات التي جعلت من تغطية فعاليات “ثورات الربيع العربي” في ليبيا وسورية ومصر وتونس الحدث الاهم على مدار الساعة، واستعانت بالخبراء والمحللين وشهود العيان والجنرالات العسكريين، والمفكريين لتحليل جوانبه وتطوراته وتفسير ما يجري على الارض من النواحي كافة باسهاب ملحوظ.
السلطات السودانية اغلقت مكتب محطة تلفزيون العربية يوم الجمعة، وطردت العاملين فيه، وما زال من غير المعروف ما اذا كانت ستفعل الشيء نفسه مع زميلتها الجزيرة، لكن خبراء كثر يستبعدون ذلك لان تغطية الاخيرة في رأيهم اكثر تعاطفا مع وجهة نظر الحكومة من تعاطفها مع المحتجين وضحاياهم.
الشيخ القرضاوي وفي خطبة الجمعة التي القاها في مسجد عمر بن الخطاب يوم الجمعة دعا “الحكام” في السودان وهم “اسلاميون” بعدم تكرار التجربة المصرية في التعامل مع المحتجين المسلمين، وطالبهم بالتوقف عن قتل المحتجين والعمل على “مناقشتهم” في مطالبهم وقال “لا نريد من اخوتنا في السودان وهم من الاسلاميين ان يفعلوا كما يقعل المجرمون في مصر وفي سورية وفي غيرها من البلاد الذين يحكمون في رقاب الناس السيوف والمدافع الرشاشة والدبابات والطائرات التي تضرب الناس”.
نعومة الشيخ القرضاوي في التعاطي مع حكام السودان واكتفائه بتوجيه النصح الملطف لهم، ستعرضه للمزيد من الانتقادات من خصومه وما اكثرهم هذه الايام، خاصة انه لم يجرم عمليات القتل للمحتجين، ولم يطالب بتقديم المسؤولين عنها الى المحاكم من اجل القصاص منهم ولم يصدر فتاوى بهدر دمائهم.
صحيح ان المظاهرات الصاخبة التي انطلقت في السودان جاءت احتجاجا على رفع اسعار الوقود اي ليس من اجل غياب الديمقراطية واستفحال القمع، ولكن نسبة كبيرة من المحتجين والسياسيين، وبينهم الزعيم الاخواني حسن الترابي، اتهموا النظام بالديكتاتورية، ووصفوا الاحتجاجات بانها ثورة شعبية اسوة بالثورات العربية الاخرى، وطالبوا برحيل النظام، واكدوا انها لن تتوقف حتى يتحقق هذا الهدف، ومن المفارقة ان الدكتور الترابي اسلامي واخواني ايضا ولم يجد كلمة تعاطف واحدة من زملائه العلماء وقادة الحركة الاخوانية.
الحكومة الاسلامية السودانية تصرفت بالطريقة نفسها التي تصرفت فيها الحكومات غير الاسلامية في الدول العربية الاخرى التي شهدت او تشهد، ثورات تطالب بالعدالة والاصلاح والتغيير، وهذا مفهوم، لان الحاكم العربي، اسلاميا كان او علمانيا، لا يمكن ان يتنازل عن الحكم بسهولة استجابة لرغبة شعبية، وسيستخدم كل الوسائل المتاحة بالتالي لقمع الاحتجاجات التي غالبا ما تبدأ سلمية وتنتهي دموية في معظم الحالات.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عما سيفعله الشيخ القرضاوي والعلماء الافاضل الداعمون للثورات العربية، واذا لم تستجب الحكومة السودانية الاسلامية لمطالبهم بالتوقف عن قتل المتظاهرين؟ فهل سينحازون الى الشعب السوداني الثائر وجمعيهم من المسلمين السنة، ام انهم سيستمرون في مسك العصا من الوسط، وتوجيه النصيحة تلو النصيحة للنظام.
الرئيس عمر البشير الذي لا نشك مطلقا في التزامه الديني والوطني اساء فهم حالة الغليان الشعبي داخل بلاده مثل الزعماء العرب الآخرين، ولكن ذنبه اكبر في رأينا لانه شاهد النتائج الكارثية التي تترتب على حالة قصور الفهم هذه، وعدم الاستفادة من تجارب الآخرين واخطائهم، وبما يؤدي الى تجنيب البلاد الاخطار المترتبة على ذلك، فما كان يفيد الرئيس البشير لو انخرط في حوار بناء مع القيادات السودانية المعارضة والتجمعات الشبابية، وطبق الاصلاحات المطلوبة ودعا الى انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية لاختيار قيادة جديدة خاصة واعلن عدم الترشح لفترة رئاسية اخرى.
اما كان الاجدر بحكومة الرئيس البشير ان تجمد اسعار الوقود لعدة اشهر او اعوام اخرى وهي تعلم جيدا ان اي زيادة في الاسعار قد تكون المفجر لموجة الاحتجاجات هذه وتوفير الذرائع للمتربصين بالسودان مثلما تقول الحكومة السودانية.
الرئيس البشير وضع نفسه وكل العلماء المسلمين المتعاطفين معه وفضائياتهم في مأزق صعب للغاية.. مأزق سياسي واخلاقي وايديولوجي ويتعلق بالمصداقية واختبار الانتقائية.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫7 تعليقات

  1. حكام السودان فرع من فروع الإخوان
    بيقتلوا في شعبهم … عادي
    كانوا السبب في تقسيم السودان … عادي
    وفي طريقهم للموافقة على إستقلال دارفور يعني تقسيم آخر … عادي
    لأ ولسة حنشوف من فساد الإخوان .. عادي

  2. الاخوان المسلمين مؤسسة اقتصادية تراعي مصالحها المالية بغطاء يكسوه الدين لان الدين ابسط وارخص وسيلة للسيطرة على عقول البسطاء من عامة الناس وجعلهم خفراء وحراس على اموالهم —وممكن توجيههم حتى لنسف اجسادمهم باحزمة ملغومة بالمتفجرات وهم شاكرين لدخولهم الجنة من اوسع ابوابها

  3. كان الشيخ السديس قد عنف الشيخ القرضاوي حين قال له ان دماء عشرات الاف الليبيين دين في رقبتك الى يوم القيامة الا ان القرضاوي على ما يبدو لم يرتدع وثابر على اصدار الفتاوى التي تحلل دماء المسلمين في سوريا ومصر مدعيا” ان حكومات هذه الدول كافرة وتقتل شعبها دون مبرر في حين ان هذه الدول تقاتل الذين يقاتلونها وهؤلاء المقاتلين يختبؤن بين المدنيين فيتسببون بقتلهم اي يستعملوهم دروعا بشرية….

  4. اي قرضاوي واي رجال دين من صحبه , المخطط الغربي الصهوني له حكومات تموله و تنفذه وعلى راسهم قطر والسعوديه وتلك الحكومات استعانت برجال دين للسيسطره على عقول الناس البسطاء بالجهاد والجنه والحور العين وووو.
    هذه الخلاصه ولعل الاحداث في السودان تكشف نفاق هؤلاء علماء الدين الذين اصبحوا كلهم قرضاويين الا من رحم ربي .

  5. وماذا عن فتاوى ملالي ايران والعراق وحزب الله للجهاد في سورية وأن من يقتل هناك، هو بالفردوس الأعلى مع الأنبياء والصالحين، هذا ماذا تسميه. الا اذا كانوا هأولاء اصبحوا مواطنين سوريين. وأنا لا اتجنى على حزب الله أنه أعلن سورية أرض جهاد بدل اسرائيل. قالوها بألسنتهم. من بيته من زجاج…..

  6. الإخوان المتأسلمون

    بقلم : فوقي فؤاد محمد – صحفي وشاعر
    – المنصورة – مصر

    هيا كلمة قالوها زمان
    الإخوان ما لهمش أمان
    نشروا القتل ف كل مكان
    اخترناهم……..أيدناهم
    آي والله عرفنا معاهم
    يعني ايه هما الإخوان
    يعني ايه معنى الإيمان
    معناه تكدب. تقتل .تنهب
    أي بشر مش م الإخوان
    معناه غيرك مش إنسان
    هيا كلمة قالوها زمان
    الإخوان مالهمش أمان

    * * *
    إخترناكم….أيدناكم
    قلنا هتنشروا شرع الله
    يا اللي ما تعرفوا شرع الله
    بس خلاص أهو كدبكوا بان
    والسلاح في إيديكم بان
    إوعو تفكرو يوم راجعين
    أبدا أبدا مش راجعين
    كل الشعب عرفكم مين
    إنتو أخدتو سنة فرصتكم
    أتاريكو طلعتم فاشلين
    كنتم ناويين على بيع سينا
    وحلايب وكمان شلاتين
    قال إخوان ومسلمين
    وانتم أكتر م الشياطين
    عليكو اللعنة ليوم الدين
    هيا كلمة قالوها زمان
    الإخوان ما لهمش أمان
    * * *
    ياللي طمعانين في الكرسي
    سبتو الشاطر..جبتم مرسي
    ولا على بالكم ييجي مين
    المهم يجيب ملايين
    ولو ماتو المصريين
    دانتو أفسدتو البلاد
    و خربتو الإقتصاد
    كل الشعب عرفكم مين
    قال إخوان ومسلمين
    وانتو أفجر م الشياطين
    هيا كلمة قالوها زمان
    الإخوان ما لهمش أمان
    * * *
    هوا شرع الله بيقول لك
    اللي يخالفك يبقى عدوك
    وينضرب بالنار على طول
    وتقول والله مش مسئول
    طب هوا فين الشرع فين؟
    فين هوا شرع ربنا؟
    لما تقتل مسلمين
    مؤمنين وموحدين
    وتقولوا عارفين ربنا؟
    هتقولو إيه لربنا ؟
    لما نقابله كلنا
    هتقولوا إيه؟
    عملتو ايه؟
    وكله مكتوب في السما
    والرب شايف
    شاهد وعارف
    انتو ما تعرفوا ربنا
    وقال جبريل نزل لكم
    ما خلاص عرفنا كدبكم
    والله يا ويلكم كلكم
    يا ويلكو من رب السما
    يوم القيامة عملنا يبان
    تحت عرشك يا رحمن
    وانت تجازي بالإحسان
    هيا كلمة قالوها زمان
    الإخوان ما لهمش أمان
    * * *
    إحفظ مصر يارب يا رب
    من اللي دقوا طبول الحرب
    من كل الكدابين
    من كل الغشاشين
    بيقولوا مؤمنين
    ولا يعملوش بالدين
    بيحللوالقتل بكيفهم
    يارب خلصنا منهم
    دول خونة ملهمش أمان
    واللي يقتل يوم إنسان
    لأنه قال أنا مش إخوان
    عمره ما يعرف الإيمان
    يا رب إحفظ مصر كمان
    م الإخوان والأمريكان
    هيا كلمة قالوها زمان
    الإخوان ما لهمش أمان

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *