استيقظ يا وطن

مرسلة من صديقة نورت ميس

من الواضح أننا صرنا نحتاج في عصرنا هذا إلى طارق بن زياد آخر يحرق كل مراكب الاستسهال والكسل ويجعل المغاربة يدركون أنهم في خطر داهم،فالمحيط الأطلسي هو الوحيد الذي صار مسالما في هذه اللحظات بعدما كشر جيراننا عن أنيابهم واظهروا حقيقتهم وحقدهم الكبير على المغرب،فمن الشرق،لدينا جار عنيد اسمه الجزائر كان ولا زال اكبر حاجز عرفته المنطقة أمام تطورها الاقتصادي،ومن الشمال تقف اسبانيا حاجبة عن المغرب الكثير من سحب الرخاء والتنمية،ومن الجنوب ظهرت صنيعتهما البوليساريو تقتل الناس وتمارس الإرهاب وتسبح في الماء العكر..

لم يكفي جيراننا الأعزاء كذبهم على الرأي العام وتزويرهم للحقائق،بل تجاوز بهم الأمر إلى ابعد من ذلك،فها هي وسائل الإعلام الاسبانية تتاجر بدماء أطفال غزة وتقول أنها صورة تتعلق بأحداث العيون الدامية،وهي الصورة التي فطن إليها العالم بسرعة ليتيقن أنها مأخوذة سنة 2006 من طرف موقع” وورلد بروت اسمبلي” على خلفية العدوان الإسرائيلي على غزة،والغريب في الأمر أن وسائل الإعلام الاسبانية استمرت في تزييفها للحقائق لتعرض بعد ساعات صورة أخرى قيل أنها تبين مجزرة ارتكبها الجيش المغربي في حق نشطاء صحراويون،وما هي إلا تلك الصورة التي التقطها مصور جريدة “الأحداث المغربية” في شهر يناير من هذه السنة،وتتعلق بجريمة بشعة وقعت بحي سيدي مومن بالدار البيضاء..

الإعلام الاسباني والجزائري لم يجدا دلائل حقيقية تؤكد صدق ما روجاه من أكاذيب عن وجود حرب إبادة بمدينة العيون،وعندما كان الغريق يتمسك بقشة على حد تعبير المثل،بدأت هذه الوكالات الإعلامية التافهة بالكذب على الرأي العام،لتوقع نفسها في الشرك الذي نصبته للمغرب،وليشهد العالم على أن اسبانيا والجزائر يحقدان فعلا على المغرب ويريدان تمريغ سمعته في الوحل،فالقنوات الجزائرية تربط اتصالاتها بمدينة العيون المغربية وتسميها “العيون المحتلة”،وعوض أن تقف بعض القنوات العربية الأخرى موقف الحياد من القضية،شاطرت القنوات الجزائرية موقفها المتطرف من القضية الصحراوية،فقناة الحرة المستشرقة لونت الصحراء المغربية باللون الرمادي والمغرب بلون آخر كأنهما دولتان مستقلتان،وقناة الجزيرة القطرية التي طالما اعتبرناها قناة الرأي والرأي الآخر،وأثناء تغطيتها لأحداث العيون،اتصلت بشاهدي عيان،احدها اقسم بأغلظ الإيمان أن هناك حرب إبادة بالعيون،ولا ادري هل بمقدرة المغرب حقا شن حرب إبادة وإخفائها في لحظات،كما لو أن الأمر يتعلق بمحرقة أخرى سيتردد أن المغرب ارتكبها ضد السامية ليتفاخر بها شعب البوليساريو ويحصل بها على تأييد العالم وربما على وعد بلفور جديد يعطى له من طرف الأمم المتحدة للاستقلال بالصحراء..

اسبانيا التي تفاخر بحقوق الإنسان والتي تدعي مساندتها للشعوب في حق تقرير مصيرها،مصابة بمرض خطير اسمه انفصام الشخصية،فقبل أن تحشر نفسها في شيء تسميه الصحراء الغربية،عليها أن تعترف إن كانت صادقة بمنظمة “ايتا” الباسكية التي تنشد الانفصال،فالحرب الدائرة بين قوات الأمن الاسبانية وانفصاليي هذه المنظمة تمس بالتأكيد بحقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا،وبالتالي إن كانت لاسبانيا حقا هذه الجرأة على دعم شرذمة البوليساريو،فلتعترف باستقلال إقليم الباسك، ولكن لأنها دولة مصابة بالتناقض،تحرم على نفسها ما تبيحه للآخرين..

النظام الجزائري الذي يتاجر بأموال شعب بأكمله في قضية لا تعنيه بشيء،والذي يتشدق هو الآخر بحقوق الإنسان التي على حد تعبيره ينتهكها المغرب في الأقاليم الصحراوية،تناسى كيف هو نفسه أباد الآلاف من ساكنة الجزائر في التسعينات ونسبها زورا وعدوانا إلى جبهة الإنقاذ الإسلامية،هذا النظام الذي يفاخر بكونه يدعم حرية التعبير،نسي كيف انه كان أول من زور الانتخابات التي أدت إلى صعود الإسلاميين إلى الحكم في التسعينات،وكيف ارتكب ثاني اكبر مجزرة في تاريخ الجزائر بعد ثورة المليون والنصف شهيد،فبعد ان كانت فرنسا تأتي على الأخضر وتترك اليابس في أيام الاستعمار للجزائر،أتت هذه العصابة العسكرية لتلتهم الأخضر واليابس،هذه العصابة التي تستغل ثروات دولة غنية كالجزائر لتضع أموالها بجيوبها تاركة الكثير من أبناء الجزائر الحبيب يعيشون تحت خط الفقر..

أعود لأقول،انه بقدر ما كان لجيراننا الأعزاء كل الفضل في هذه الظروف المحتقنة،يتحمل بلدنا هو الآخر مسؤوليته في هذه الأحداث،ما الداعي أصلا للسماح بإقامة مخيم في منطقة حساسة كالصحراء؟متى كانت الاحتجاجات الاجتماعية تصل الى حد تشييد خيام تأوي الآلاف من الناس؟الم يكن على السلطة ألا تسمح من الأول بإقامة هذا المخيم وان تعوضه بتقديم المطالب العادلة لهذه الساكنة إلى الإدارات المختصة قصد النظر فيها؟لماذا تصر الداخلية المغربية على سياسة الدلع للأقاليم الصحراوية كما لو أن مغاربة الجنوب الصحراوي يحتاجون لكل هذا الغزل الزائد لإعلان ولائهم للغرب؟فالمغرب هو مغرب الجميع،وأقاليمنا الصحراوية هي جزء من التراب المغربي وأبناؤها يعشقون هذا البلد ولا يحتاجون إلى كل هذا التملق،أما شرذمة الانفصاليون فحتى لو بنى لهم المغرب جنة عدن في الصحراء،سيتمردون يوما ما لان الكريم إذا أكرمته ملكته،أما اللئيم فتعامل معه بمنطق”ما دير خير ما يوقع باس”..

على المغرب أن يستيقظ من سباته،على الشعب المغرب أن يدق حالة الطوارئ ويعلم انه مستهدف في أغلى ما يملك وهي الوحدة الترابية للبلاد،على وزير خارجيتنا أن يسمح عنه تلك الابتسامة الغبية ويتحرك في بلدان العالم كسبا للتأييد العالمي بخصوص قضية الصحراء،على إعلامنا المرئي أن يتخلى عن أساليبه التقليدية في الإخبار ويستغل كذب اسبانيا والجزائر ليبين للعالم اجمع ولقناة الجزيرة-التي لم تبين في نشراتها ما نشرته وسائل الإعلام الاسبانية من افتراءات-أن الصحراء مغربية ولا تحتاج لمزايدات الآخرين عليها،على حكومتنا أن تتوقف عن كلام الخشب وتتخذ إجراءات أكثر حزما مع هؤلاء الذين يتآمرون على المغرب،على أجهزة الأمن المغربية أن تكثف من حملاتها للقضاء على كل بؤر الانفصال في الصحراء،على فنانونا أن يفعلوا شيئا من اجل هذه الصحراء بدل ترديد أغاني السبعينات،على رجال السينما بالمغرب أن يساهموا بأفلامهم في دعم القضية الترابية…

باختصار.على المغرب ان يستيقظ من سباته،وان لا يكون مثل الزجاج التي تهشمه ضربات الآخرين،بل عليه أن يكون كالحديد الذي تصقله هذه الضربات فتجعله أكثر صلابة وأكثر قوة..

عيدكم مبارك سعيد، ادخله الله عليكم بالصحة والهناء