مرسلة من صديق نورت مأمون

لا يمكن أن يكشف وجه الثورة الجزائرية إلا من رأى إنسانا جزائريا
ولا يمكن أن يعرف طبيعة الثورة إلا من تكلم او دخل حوارا مع جزائري او جزائرية..!!
..إن كل محاولة لفهم الثورة الجزائرية من بعيد تبقى محاولة نظرية أو ذهنية كبعض أشكال الرسم التجريدي* أو بعض أشكال الحب العذري وأنا لم أخرج من مرحلة الحب العذري الجزائري*إلا في نيسان الماضي حين وطات قدماي للمرة الأولى أرض الجزائر..!
..صحيح ان الجزائر كانت قصيدة مرسومة باأكواريوم في مخيلتنا*وكانت ثورتها لؤلؤة تتوهج في قلب كل مثقف عربي*وبين أصابعه*ولكن كل ما كتبناه عن (ليلى الجزائرية) كان على عدوبته وبراءته وصدقه شبيها بما كتبه جميل بثينة في لحظة من لحظات العشق الكبير..
..ومع إحترامي للعشاق العدريين*ولدموعهم وصباباتهم*وأشواقهم أحسست بعد أن رأيت الجزائر*أنها أكبر من جميع عشاقها* وأعظم من جميع ما كتب عنها..ولا أدري لمادا شعرت وأنا أقف على شرفة غرفتي في الفندق*والميناء تحتي مهرجان من الضوء والماء والجواهر*برغبة طاغية في البكاء*أو الإعتدارمن ’’ حي القصبة’’ بأزقته الضيقة وسلالمه الحجرية ومنازله الخشبية التي تخبئ البطولات فيها*كما يختبئ الكحل في العين السوداء.

اه . . كم هو جميل وجه الجزائر..!!

إنك لا ترى عليه أية علامة من علامات الشيخوخة*أو أي تجعيدة تشعرك بأن الزمن مر على الوجه الدي لا يزال محتفظا بطفولته حتى الأن..
..وفي حين دخلت أكثر الثورات العربية – بعد أن حكمت – مستودع الموظفين وأصبحت عضوا في نادي المتقاعدين*نرى أن الثورة الجزائرية لا تزال تمارس رياضة الركض*والقفز*وسباحة المسافات الطويلة بعد زمن طويل من إنطلاق رصاصة التحرير الاولى في نوفمبر 1954 ولا تزال الثورة الجزائرية تتفجر عافية وطموحا وشبابا..
… ومن أروع ما شاهدته في الجزائر أن كل جزائري تقابله*يشعرك بأنه هو الثورة*فهي موجودة في نبرات صوته* وبريق عينه*وحركات يده*وكبريائه وعنفوانه* وطبيعته المتفجرة*وطقسه الدي لا يعرف الإعتدال..!!

في كل مكان دخلت إليه في الجزائر *وجدت الثورة تنتظرني*في رئاسة الجمهورية*في الإدارات العامة*في مبنى التلفزيون والإداعة*في الريف *في بيوت الفلاحين النمودجية*في مصتوصفات الطب المجاني*في المجمعات السياحية*في جامعة قسنطينة المدهشة*في الصحافة*في حركة التعريب الرائعة*في الأدب الجديدالواعد*في في طموح اللغة العربيةالمجنون لتعويض ما خسرته خلال 132 سنة من القمع والحصار ومحاولات التصفية..
ولن أنسى أبدا ليلة أمسيتي الشعرية الاولى في قاعة ’’ كابري’’ في الجزائر العاصمة*حيث وصلت الساعة السادسة لاجد القاعة تكاد ان تنفجر بمن فيها*وأن الأكسجين قد استهلك تماما..
وكان من المستحيل علي أن أصل إلى المنبر * والإخوة الجزائريين أخدوا حتى الكرسيي الدي كان مخصصا لجلوسي..
وطبعا لم أتمكن من الدخول*وتقرر تأجيل الأمسية الشعرية حتى يتم إختيار مكان أوسع يكفي لجلوس ألاف الجزائريين جاءو لسماعي شاعر عربي..
وعندما رجعت إلى فندقي سألت نفسي*ونهر من دموع الفرح والكبرياء يتدفق عني: يا ترى لو جاء ’’اراغون’’ أو ’’ بول ايلوار’’ أو ’’ بول فاليري’’ لقراءة الشعر في قاعة كابري فهل كان الأكسجين سينتهي من القاعة؟ وهل كان الجزائريون سيأخذون كرسيه كما فعلوا معي؟
..إن زيارتي للجزائر وضعت نهاية للكدبة الكبرى التي تقول : إن اللغة العربية مواطنة في الدرجة الثانية في الجزائر*وإن الشاعر العربي فيها غريب الوجه والفم واللسان..
من قال هدا الكلام؟؟
إ، الجزائر التي دخلتها كانت وجها عربيا تضيء فيه مادن دمشق وبغداد ومكة * وتعبق منه مروءات قريش..
وأرجوا ان تسامحوا غروري*إدا قلت إنني لو رشحت نفسي في أي إنتخبات شعرية في الجزائر لنجحت انا وسقط ’’ أراغون’’
عربيا لا يحتاج المرء إلى منظار مكبر ليكشف أن الثورة الجزائرية هي الإمتداد الطبيعي لكل الثورات العربية الاخرى * أو أن هده الثورات هي إمتدادها..
و الثورة الجزائرية حين تعبر عن إنتمائها العربي* لا تعبر عن دلك بشكل استعراضي*أو برومانسية مر عليها الزمن وإنما تضع ثقلها المادي والدولي والإقتصادي والحربي في كل معارك العرب..
..وفي كل الحروب العربية – الإسرائيلية* كانت الجزائر معنا تجهيزا وتمويلا وفي كل مؤتمرات القمة العربية* كانت الجزائر مع استمرار الثورة المسلحة*وضد أنصاف الحلول* وأنصاف الخيارات*وانصاف المواقف..
…وهكدا نرى أن الثورة الجزائرية بعد عشرات السنين من النضال لا تزال في داخل الثورة*ولا يزال كل جزائري مستنفرا و واقفا على خط النار* وحاملا بارودته على كتفه *تماما كما كان في نوفمبر 1954 فتحية للوطن الجزائري العظيم وتحية للثورة التي لا تأخد إجازة…………..

بقلم / الشاعر السوري نزار قباني /

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫19 تعليق

  1. لا فض فوك اخي مأمون ممكن سؤال؟ هل انت سوري؟ الشعب الجزائري و السوري يجمعهما الدم و الثورة و اجدادي من سوريا لولا الثورة لزرت سوريا بلد اجدادي ارى حمص و طرطوس و حماه دمشق و اكثرهم حلب حيث قلعة سيف الدولة تحياتي لك مأمون و سوريا تبقى حاضرة الشرق الاوسط و لؤلؤته

  2. كل جزائري تقابله*يشعرك بأنه هو الثورة*فهي موجودة في نبرات صوته* وبريق عينه*وحركات يده*وكبريائه وعنفوانه* وطبيعته المتفجرة*وطقسه الدي لا يعرف الإعتدال..!! و الله هذا هو الجزائري .

    ميمو !!! كل ما قريت هالمقال بحس اني اول مرة بقراه … سبق و ان بعته انا بنفسي لنورت من سنة او اكثر لكن اسم اضاف له طعم اخر .
    بتشكرك مامون … اصيل من بلد الاصايل . سوريا الله حاميها

    و يبقى عشقي الابدي لكي يا جزائرنا .

  3. سلام عليكم

    ما أجمل أن يتغنى بالجزائر الشاعر الفذ نزار قباني
    فإنه يجسد بالكلمات الرائعه مشاعر كل محب للجزائر بكل نواحيها

    لا عجب أن مرسل الموضوع هو مأمون المبدع دائما
    شكرا مأمون

  4. أعظم ثورة في التاريخ المعاصر
    .*-*. ثورة تدرس ليومنا هذا في جامعات اروبية و امريكية كبــرى.*-*.
    ————–
    تعرف الثورة الجزائرية باسم”ثورة المليون شهيد”، وهي حرب تحرير وطنية ثورية ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي قام بها الشعب الجزائري بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية وكانت نتيجتها انتـزاع الجزائر لاستقلالها بعد استعمار شرس وطويل استمرّ أكثر من 130 عاماً.
    —-
    شكرا على الموضوع.

  5. تحياااااااااااااااااااتى لكل اهلنا فى الجزائر الشقيقة، وتحياااااتى لاصدقائى الجزائريين هنا فى نورت وخاااارج نورت.
    ومشكور مأمون.

  6. … ومن أروع ما شاهدته في الجزائر أن كل جزائري تقابله*يشعرك بأنه هو الثورة*فهي موجودة في نبرات صوته* وبريق عينه*وحركات يده*وكبريائه وعنفوانه* وطبيعته المتفجرة*وطقسه الدي لا يعرف الإعتدال..!!
    ——————————————
    من يفهم يا فارس الكلمة هذا؟ فما رأيته أنت ثورة يراه اليوم غيرك همجية
    —————————————————
    ..إن زيارتي للجزائر وضعت نهاية للكدبة الكبرى التي تقول : إن اللغة العربية مواطنة في الدرجة الثانية في الجزائر*وإن الشاعر العربي فيها غريب الوجه والفم واللسان..
    ——————ما زالت الكذبة مستمرة لليوم يا سيد نزار بل هناك من يدفع كل ما في جعبته من جهد ليمنح هذه الكذبة عمرا لا ينتهي.
    مأمون شكرا على هذه الالتفاتة الطيبة التي لا تصدر الا من سوري فلم يفهم الجزائري الا السوري .

  7. قرأت هذا الكلام لنزار مرات ومرات لا أذكر عددها وفي كل مرة أقرأ أشعر أنها المرة الأولى وحصل معي هذا الآن أيضا.

  8. شكرا أخي مأمون على المبادرة حبك لبلدنا يشرفنا و لا يزيدنا الا معزة للشعب السوري القريب جدا من قلوبنا و شكرا طبعا للشاعر الراحل نزار قباني جعلها الله في ميزان حسناته

  9. اي بلد يقاس بشعبه و ليس بترابه فإن اشتهدوا و اعلوا كلمة الحق و اقاموا العدل فيما بينهم نصرهم الله و زادهم نورا و إن تكاسلوا و تخاذلوا لعب بهم الشيطان
    اللهم احفظ بلدي و كل البلاد المسلمة من كل سوء و اعنّا على رفع رايتك برجال قائمون لا منبطحون
    شكرا على الموضوع

  10. اااه يا اخي مأمون كم يزداد حبي لوطني كلما قرات هذه الكلمات كم افدتيك بروحي ……

    استنشق عبير هوائك ونسمات ايمانكـ……..

    واضاااءت اناراتك لتعطر صفحتي بسمك ياااوطني ~

    يابسمتي وسر سعااادتي ~

    الذي لا يمكن ان يعبره قلمي

    بلا يبقى حبك في قلبي ~

    هو انت ياوطني ~~

  11. رائعة أنتِ يا جزائري…
    الله يخليك و يحفظك يا مأمون على المبادرة الجميلة.

  12. … ومن أروع ما شاهدته في الجزائر أن كل جزائري تقابله*يشعرك بأنه هو الثورة*فهي موجودة في نبرات صوته* وبريق عينه*وحركات يده*وكبريائه وعنفوانه* وطبيعته المتفجرة*وطقسه الدي لا يعرف الإعتدال..!!

    وصف رائع وجميل سلمت يد الكاتب والشاعر نزار قباني
    وسلمت يدا من وارسله وامتعنا بقرأته مرات ومرات كأنني زرت الجزائر وتعرفت عليها وعلى شعبها الذي فرض علي حبه واحترامه من خلال اصدقاء جزائريين خالطتهم وعرفتهم
    بارك الله بك اخي مأمون

  13. – عذرا يا جزائر يا أرض العظماءْ
    عذرا يا جزائر يا موطن الشرفاءْ

    – عذرا لآهات المناضلين
    عذرا لكل قطرة من دم الشهداء

    – عذرا لـ ( الهامل ) وشيخها المأمون
    والمهدي أخ . رمز للكبرياءْ

  14. إن زيارتي للجزائر وضعت نهاية للكدبة الكبرى التي تقول : إن اللغة العربية مواطنة في الدرجة الثانية في الجزائر*وإن الشاعر العربي فيها غريب الوجه والفم واللسان..
    من قال هدا الكلام؟؟
    *************************************************
    سؤال وجيه!!

  15. تحية خالصة لأخوتي واخواتي الجزائريين المحترمين في نورت ( بعيداً عن الشبيحات ) .. من محبكم مأمون ..^_^ ..

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *