مرسلة من صديق نورت مأمون

بسم الله الرحمن الرحيم ..
في موضوعي السابق في هذه السلسة ” الاسلام والحكم ” . توقفنا عند الحاكم المسلم والقضاء .. وضربنا لذلك مثلاً من قامة من قامات الاسلام الكبار وهو ” علي ابن أبي طالب ” رضي الله عنه وأرضاه .. وكيف مَثُلَ مع اليهودي أمام القاضي سواء بسواء وقبل بحكم القاضي وهو أمير المؤمنين وخليفة المسلمين …
وموضوعي هذا عن الحاكم المسلم وأقربائه ..مع قامة أخرى من القامات العظيمة في الاسلام .. هو الخليفة الراشدي الثاني .. أمير المؤمنين ” عمر ابن الخطاب ” رضي الله تعالى عنه وأرضاه ..وإليكم القصة :
دخل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يوماً السوق .. فاستوقفته مجموعة من الابل السمان المتميزة عن غيرها بالامتلاء والنمو .. فسأل : إبلُ من هذه ؟ فقيل له : إنها لولدك عبد الله بن عمر .. ولما سمع أمير المؤمنين أنها لولده انتفض وقال : عبد الله بن عمر ؟؟ بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين ..وارسل في طلبه فوراً ..ولما جاء عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال له : من اين لك هذه الابل يا عبد الله ؟ فقال عبد الله رضي الله عنه : إنها إبل هزيلة ،، اشتريتها من مالي وبعثت بها إلى المرعى اتاجر فيها وابتغي ما يبتغيه المسلمون .. فأخذ عمر رضي الله عنه يلوم ولده ويقول : يقول الناس حين يرونها اسقوا ابل أمير المؤمنين ،، ارعوا ابل أمير المؤمنين ،، هكذا تسمن إبلك ويربو ربحك يا ابن أمير المؤمنين …ثم قال : يا عبدالله بن عمر، خذ رأس مالك الذي دفعته في هذه الابل واجعل الربح في بيت مال المسلمين.

ابن عمر رضي الله عنه لم يسرق ، ولم ينهب ، ولم يستغل منصب والده ليبتز الناس ويستولي على اموالهم وممتلكاتهم ..بل فعل كما يفعل باقي الناس .. اشترى ابلاً هزيلة وارسلها ترعى ليبيعها .. لكن ذلك كان كافياً لأن ينتفض له أمير المؤمنين ،،
فالابل يسقيها ويُطعمها الناس لأنها ابل ابن أمير المؤمنين ،، وفي الاسلام ليس هناك ميزة لابن الحاكم أو لأخ الحاكم او لقريب الحاكم .. بل الكل سواسية
تلك القاعدة التي وضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نادى اقاربه وعشيرته قائلاً :
يا معشر قريش انقذوا انفسكم من النار .. يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار ،، فلا أغني عنكم من الله شيئاً “”

هذه هي مدرسة الاسلام ،، وهؤلاء هم القادة الذين تخرجوا من هذه المدرسة ،، فهل يجود الزمان بمثلهم ؟؟ ..

وشكراً سلفاً لكل من سيمر …

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫12 تعليق

  1. اخي مأمون سلمت يداك على هذه المقالة الجميلة من تاريخنا رغم انها تثير في نفسي احياناً بعض الكآبة لعلمي إننا فقدنا هذه الشخصيات العظيمة و لم يبق من المسلمين
    الا بعض المحترمين هنا و هناك أعذرني اخي على صراحتي بقي المسلمون و رحل الأسلام الا القلائل كما قلت سابقاً و الله يجيرنا من الأعظم

  2. لقد قامت دولة الخلفاء الراشدين على مبدأ العدل وما أجمل ما قاله ابن تيمية: إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة..
    وأما مبدأ المساواة الذي اعتمده الفاروق في دولته، فيعد أحد المبادئ العامة التي أقرها الإسلام قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].

    بارك الله فيك أخي مأمون و جعله في ميزان حسناتك في انتظار المزيد.

  3. بارك الله فيك اخي مامون على هذه المداخلة الجميلة فحفدة اصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم سيكونون باذن الله خيرخلف لخير سلف فقد اخبرنا الحبيب المصطفى بذلك وهو الصادق الامين قائلا امتي كالغيث لايعلم الخير اوله ام اخره \هذا فقط معنى الحديث\ فمن قال ان الناس هلكى فهو اول الهالكين

  4. اخت ام ريان تعليقك اعجبني جداً عن ابن تيمية هذا ما قصدته عندما اردت تثقيف نفسي دينياً ايجاد الجواب عن كثير من الأسئلة التي تدور في ذهني شكراً لك

  5. هذه هي مدرسة الاسلام ،، وهؤلاء هم القادة الذين تخرجوا من هذه المدرسة ،، فهل يجود الزمان بمثلهم ؟؟ ..

    لو تواجد فى هذا الزمان حاكم واحد يملك ربع صفات خليفة المؤمنين سيدنا عمر ابن الخطاب؛ لانصلح حال العرب والعالم اجمع.
    رضى الله عنه وارضاه……. جزاك الله كل خير مأمون.

  6. سلام
    بورك فيك أخي، إذ تنقلنا بين الحين والآخر إلى أجمل العصور;محمد وصحبه، فننهل من علمهم وأخلاقهم،ونجدد الأمل أن تلك الروح ستسري في الأمة من جديد.
    عمر رمز العدل والنزاهة والزهد، أوتي يوما بغنيمة-بخور-فقال من يقسم لي هذا بين المسلمين؟فتقدمت احدى نسائه.فقال لها فيما معناه:أخاف أن تمسحي عنقك به، فأكون قد استأثرت على المسلمين بما ليس لي.

  7. ماشاء الله مأمون مواضعيك مفيدة وجميلة وتشرح الصدر بارك الله فيك ,,
    شكرا اخي 🙂

  8. والله إن القلب ليحزن, وإن العين لتدمع لخسارة رجل مثلك , رضي الله عنك وأرضاك.
    نَشرت أسرار العدالة إذ وضحت… حتى مشى وحش السباع مع الغـنمِ
    وراودتك دنيا الغـرور إذ كشفت….عن حسنها الفتّـان والخدام والحشمِ
    فأريتها ما لم تُطق من صغرها…. من عـزة النفس والإبـاء والكـرمِ
    لله درك يا فـاروق كم سَهِرت …. عيناك حرص فلم تغفوا ولم تنـمِ
    إمـحوا الدسـائس يا عُذال عن عمرٍ… فإن له ركنـا قويا غير منهدم
    لو يعـلم الواشي أسرار عن عمرٍ… لسـار اليه مشيـا على القـدم

    بارك الله بك يا مأمون…

  9. شكراً لكم جميعاً على مشاركتكم ..
    وأقول لك يا أختي نُهى لا تكتئبي .. فمثل هذه الشخصيات العظيمة ستعود ،، فعظمتها لم تأتِ من الشخصيات وحسب ،، فالكثير منهم كانوا قبل اسلامهم على النقيض .. كانوا قُساة غلاظ شداد ،، ومنهم من كان يأد بناته ،، ولما دخلوا في الاسلام انقلبوا الى مثل هذه النماذج الرائعه المشرفه ،، فالسر إذاً يمكن في الاسلام ،، والاسلام الذي كان في زمنهم هو نفسه الاسلام في زمننا .. لكنهم اخلصوا أنفسهم لهذا الدين وخلطوه بلحمهم ودمهم .. وجعلوا طريقهم فكانوا كما نرى .. وعندما ياتي منّا من يحذو حذوهم فسيكون مثلهم ..!!
    شكراً لكم جميعاً ونلتقي على الود والورد إن شاء الله …

  10. الأصل في دور الحاكم المسلم هو تفعيل التشريعات وتطبيقها للحفاظ على سلامة وتكامل المجتمع الذي قام على أسس مثالية تمثلت في المساواة والعدالة وإحقاق الحق وغيرها مما أرسى دعائم المجتمع المسلم في بدايته في المدينة المنورة بعد الهجرة مباشرة….لذلك فالموقف الذي يتضمنه الموضوع يؤكد هذا وهو ليس غريبا على سلفنا وهم من بفضلهم -بعد الله- تم توسيع رقعة الحكم الاسلامي الجغرافية وتعايشت الديانات والأعراق مع بعضها فأنى لذلك أن يحصل لولا وعيهم بحقيقة الحاكم ومسؤولياته فهو يتولى إدارة شؤونهم فيفوقهم فيما عليهم من مسؤوليات ولكنه لا يعلو عليهم فيما لهم من حقوق .
    شكرا مأمون جزاك الله عنا كل خير

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *