مرسلة من صديقة نورت Noha

بقلم الكاتب اسامه غريب

تحيرني بشدة التصريحات التي تتحدث عن أن الشرطة المصرية مارست ضبط النفس و لم تلجأ إلي العنف في مواجهة المتظاهرين الذين اندفعوا إلي الشوارع للتعبير عن يأسهم من هذا النظام و شوقهم العارم إلي التغيير.إن المتظاهرين الممتلئين بكل أسباب السخط و الغضب و الحنق هم الذين مارسوا اقصي درجات ضبط النفس و تحلوا بأعلي درجات المسؤولية و هم يتلقون الرصاص في صدورهم.
إن رجال الشرطة قد تركوا مصر نهباً للخراب و اختفوا، فضلاً عن أن بعضهم تزعموا عصابات السلب و النهب في طول البلاد وعرضها و هوالأمر الذي دفع شباب مصر لعمل لجان شعبية لحماية بيوتهم و ممتلكاتهم من هجمات البلطجية.

أنا أريد للعالم كله أن يعرف أن الشعب المصري شعب راق إلي أبعد الحدود. لقد احتمل هذا الشعب ما لا يحتمله بشر..احتمل أعباء الحرب و أخذ علي عاتقه عبء الدفاع عن الأمة..احتمل قلة الرزق و سوء التوزيع و غياب العدالة..احتمل لصوص نهبوا أمواله، و مغامرين بددوا مكانته، و سياسيون صغار لم يعرفوا قيمة بلد بحجم مصر. احتملوا سخرية الأشقاء من فقره و تهكمهم علي حاله.احتملوا إقبال الأشقاء علي الاستفادة من مأساته و استغلال آلامه تحت اسم السياحة و ذلك بقضاء أجمل الاوقات علي ضفاف النيل بقروش زهيدة مع افتراس لحم بناته اللاتي أسلمتهن حكومتهن للنخاسين و الوحوش العجائز. احتملوا أن يوصفوا بالجبن و هم الأعزاء الأباة..احتملوا أن يعيشوا في الغربة و هم الذين يعشقون تراب مصر.
كل الألم تعلمه المصريون و احتملوه بصبر. فهل كانوا عاجزين عن الرد؟. هل كانوا غير قادرين علي أن يقوموا و ينتفضوا فيضربون بالجزمة كل كلب و ابن كلب أهانهم وسعي في إذلالهم؟. ألم يكن بإمكانهم أن يطعموا أحذيتهم للصوص السفلة الذين ساموهم سوء العذاب؟. هل يتصور الناس أن المصريين أضعف من أن ينتقموا و يقيموا المقاصل و ينصبوا المشانق للقتلة و النهابين كما فعل الفرنسيون في ثورتهم؟. بلي يستطيعون و أكثر، لكنهم لم يفعلوا لأنهم بكل بساطة شعب محترم يمتلك مخزوناً من الرقي و التحضر و الأخلاق العالية لا يسهل فهمه. إن المصريين يفضلون إحداث التغيير دون إراقة دماء لأنهم يعرفون حرمة الدم و قيمة الحياة الإنسانية. لقد أحدثوا تغييراً هائلاً في يوليو 52 دون أن يتم جرح إصبع مواطن مصري واحد و دون أن يقتلوا الملك فاروق أو يؤذوا أي من أفراد أسرته. هؤلاء هم المصريون . الهدوء هو طبعهم و الغفران هو شيمتهم.
قال عبد الرحمن يوسف:
“يا من لعرضي هتك…فقدت شرعيتك
أموالنا لك حل فاملأ بها جعبتك
خلف الحراسة دوماً مستعرضاً قوتك
تبدي مظاهر عز تخفي بها ذلتك
سواد قلبك باد فاصبغ به شيبتك
مع العدو كليل لكن بشعبي فتك”.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫19 تعليق

  1. أسامة سيد غريب كاتب صحفي مصري وروائي خريج كلية الإعلام جامعة القاهرة يجيد عدة لغات. اشتهر بالكتابة الساخرة وأدب الرحلات. عُدت مقالاته بجريدة المصري اليوم نقطة تحول في زيادة عدد محبى هذا النوع من الكتابة التي تمزج النقد السياسي بأدب الرحلات بالسخرية

  2. لكنهم لم يفعلوا لأنهم بكل بساطة شعب محترم يمتلك مخزوناً من الرقي و التحضر و الأخلاق العالية لا يسهل فهمه. إن المصريين يفضلون إحداث التغيير دون إراقة دماء لأنهم يعرفون حرمة الدم و قيمة الحياة الإنسانية. لقد أحدثوا تغييراً هائلاً في يوليو 52 دون أن يتم جرح إصبع مواطن مصري واحد و دون أن يقتلوا الملك فاروق أو يؤذوا أي من أفراد أسرته. هؤلاء هم المصريون . الهدوء هو طبعهم و الغفران هو شيمتهم.

    المصريين اولاد ام الدنيا لازم يكونوا هيك

  3. صح المصريين ديمقراطيين ودولة متطورة وهذا مما لا يختلف فيه اثنان
    ولكن هناك صفات ذميمة هي من تحط من قدرهم بالنسبة للدول الاخرى
    ونقول لا احد كامل سوى وجهه سبحانه
    ولكن في بعض الاحيان صفه واحده سيئه تحط من الف صفة ايجابيه
    فلنكن اذكياء ونعلم ماهي الصفات التي ترفع من قدرنا وان كانت بسيطه
    هذا فضلا عن تعاليم ديننا الاسلامي الذي يحثنا على الاخلاق الحميده والتعامل الحسن

    وسلامي للثوار المصريين والله انكم ارتقيتم في اعيننا رغما عنا :$

  4. لقد احتمل هذا الشعب ما لا يحتمله بشر..احتمل أعباء الحرب و أخذ علي عاتقه عبء الدفاع عن الأمة..احتمل قلة الرزق و سوء التوزيع و غياب العدالة..احتمل لصوص نهبوا أمواله، و مغامرين بددوا مكانته، و سياسيون صغار لم يعرفوا قيمة بلد بحجم مصر. احتملوا سخرية الأشقاء من فقره و تهكمهم علي حاله.احتملوا إقبال الأشقاء علي الاستفادة من مأساته و استغلال آلامه تحت اسم السياحة و ذلك بقضاء أجمل الاوقات علي ضفاف النيل بقروش زهيدة مع افتراس لحم بناته اللاتي أسلمتهن حكومتهن للنخاسين و الوحوش العجائز.

  5. بين عسكر الجيش ، وعسكر الشرطة ما صنع الحداد ،،، وهذه الاختلافات بدأت يوم ان هزم الجيش المصري في حرب الايام الستة سنة 1967 ، فكانت فرصة الشرطة في الانتقام من الجيش المنهزم بعد ان كان رجال الجيش يتمتعون بسلطات كبيرة بعد الثورة، وقبل الهزيمة في الحرب ، والتي كان قبلها لم يكن يستطيع رجل الشرطة ان يفعل شيئا لعسكري في الجيش والا قامت الدنيا عليه …. وفي الاحداث الاخيرة قام مسئولي الشرطة بسحب رجالهم من الشوارع حتى يتركوا الجيش يضرب الناس ، ولكن خاب فألهم وحمى رجال الجيش الاذكياء المتظاهرين ، وحكموا البلاد ، فعاد رجال الشرطة الى حجمهم الطبيعي اما الناس وامام العسكر بعد ان تجبروا ايام المخلوع بشكل لم يسبق له مثيل في مصر …. كلها تراكمات نفسية بين الجيش والشرطة ، تؤثر بالسلب دائما على حياة الشعب المسكين الواقع في المنتصف بينهما !!!!

  6. Top Qualityشكراً على مداخلتك القيمة فيما يتعلق بالعلاقة بين عسكر الجيش و عسكر الشرطة
    لاحظت انك تحب المطالعة لذا انصحك بقراءة ( مصر ليست امي٠٠ دي مرات ابويا ) لنفس الكاتب و هو كتاب طريف

  7. شكرا نهى على المقالة الرائعة
    _____________
    ثمة نور
    نتساءل عن الصفات الذميمة في شعب بأكمله
    بس عشان نحاول ننظف نفسنا من هذه الصفات ونتجنبها

  8. لأنهم بكل بساطة شعب محترم يمتلك مخزوناً من الرقي و التحضر و الأخلاق العالية لا يسهل فهمه.

    لا يستطيع أحد أن ينكر مثل هذه الملاحظه

    عندما كنت أزور القاهرة أكثر ما يشدني هو رقي الناس وبشكل ملحوظ الأطفال.
    فالإحترام واللطف هو الغالب في تعاملهم
    ولكن أعتب على كثرة المسلسلات التي تبرز عكس ذلك

    وليش حتى نروح بعيد كل الإخوة المصريين بنورت هم مثال واضح لهذه الأخلاق العاليه

    عظيمه يا مصر بأبنائك وبناتك

    ربنا يكلل ثورتكم بالنجاح والمستقبل الأفضل

    شكرا يا نهى
    مواضيعك وتعليقاتك تفتح دوما باب البحث
    فقد أثرت فضولي لكي أعرف أكثر عن العالم والباحث المصري جمال حمدان

    دامت الموده والمحبه والمشاركات الهادفه

  9. مصر رائدة فى الخير والشر.. فيها أحسن قارئ قرآن وأحسن أديب، وأحسن راقصة وأحسن فرعون… د. يوسف القرضاوى «قناة اليوم».
    -نأمل أنها بعد اليوم لن تكون رائدة إلا للخير
    نهى، مواضيعك دوما مميزة، مشكورة

  10. عزيزتي وميض انا مش مصرية لكني احب المطالعة و اعجبتني كلمات الكاتب اسامة غريب لأنها تعبر عن صرخة إنسان مصرى يرى تحولات في بلاده تتناقض مع طبيعة الإنسان المصري
    Shahira وميض سعاد-الناصره nor & salam
    شكراً على مروركم الكريم

  11. صاحب المقال مصيب في كثير مما ذهب إليه …
    لكن من المؤسف التفرق بين أفراد الأمة بالعصبية القطرية ، الجماهير البسيطة من الشعوب العربية والإسلامية لا تكاد تجد عندها أدنى تفرقة ، لكن المصيبة دوما تأتي من النخب المزعومة من إعلاميين وفنانين ورياضيين يزرعون الفتن بين الإخوة لأجل مصالح شخصية وآنية ضيقة ، والأدهى أنهم يتكلمون باسم الشعب ككله … فمن أعطاهم هذا الحق ؟ وما الأزمة المفتعلة بين مصر والجزائر إلا خير دليل … وننتظر من شعبنا الأ صيل في مصر إنصافنا نحن الجزائريين من كم الظلم الهائل من شرذمة من التافهين الذين مصر وشعبها أكبر واعز واشرف من أن يتكلموا باسمها…. ولإخواني في مصر الطيبة المباركة أجمل تحية…

  12. اخ جزائري :واضح انك إنسان كريم النفس جزائري اصيل شكراً على مرورك الكريم
    اخ فيب :شكراً على مرورك الكريم
    رمضان كريم للجميع

  13. .احتملوا أن يعيشوا في الغربة و هم الذين يعشقون تراب مصر.

    Shahira في أب 9, 2011 |

    شكرا نهى على المقالة الرائعة
    _____________
    ثمة نور
    نتساءل عن الصفات الذميمة في شعب بأكمله
    بس عشان نحاول ننظف نفسنا من هذه الصفات ونتجنبها

    copy

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *