عاشق

* “سلمى”, ساعديني في العثور على شقة للايجار في حارتكم, ويُستحسن ان أُقيم في البناية التي تشغل أسرتك الطابق الثاني فيها: الطابق الارضي يناسبني, وأعد ان أكمن كل يوم في »بيت الدرج« لأراك في الذهاب والاياب, وربما أرمي »قشرة موز« لتتزحلقي, فأهبّ لمساعدتك, ثم يقول الجيران عني: شهم.

* ان اقامتي في الطابق الارضي, تحتكم مباشرة, مفيدة لكم على نحو ما: اعتبريني حارساً للبناية: أشعل ناراً في »تنكة«, وأجلس قربها طوال الليل عند المدخل, وبامكاني ان أقدم خدمات, وعلى مدار الساعة: الذهاب الى السوق لشراء حاجياتكم. وتنبيه بائع الغاز الجوال الى أنكم في حاجة لأسطوانة. وخذي بعين الاعتبار أعمال الصيانة اذا طرأ في بيتكم خلل: ربما أنك تجهلين أنني ماهر في تمديد الكهرباء, ومنظومة الصرف, وليتني أدهن حيطان بيتكم بلون آخر, فقد لاحظت/ أو أنني أتخيل/ أن اللون بهت في مواقع معينة, واتسخ عند أباريز الانارة. صدقيني, أنا مفيد جداً.

* أو جدي لي غرفة على سطح بناية مجاورة لتكون اطلالتي أوسع بحيث أراك عندما تصعدين لنشر الغسيل, فألوّح لك بيدي, وهذا يكفيني حالياً.

* »سلمى«, ساعديني في البقاء قريباً منك.

2006/11/25
الحائط

محمد طمليه

اليوم خميس, وغدا جمعة, وقد قمنا في مثل هذا اليوم من الاسبوع الفائت/الجمعة/ بتأخير الساعة, بما في ذلك »ساعة الحائط«, ايها الحائط, ستين دقيقة. وقناعتي انه كان يجب ان نرجع اكثر الى الخلف: ستون ساعة, وستون سنة وقرنا, وبما يتلاءم مع اوضاعنا وسلوكنا ومفاهيمنا, كما هي عليه الان بالفعل.

المجريات حاليا بالية, كأن تقول: اشتريت حذاء جديدا من »البالة«, وهذا لا يجوز, ولكنه منطقي, فالحذاء المستعمل جديد بالنسبة لك. ولا احب ان اصف الحذاء الذي كنت تنتعله اصلا.

نرجع الى الخلف مقدار قرن من الزمن لنعرف المناخ الذي تشكّل فيه الصدأ. والدماغ الاول الذي انتج »الهبل«. والمادة التي اضافوها الى »الخلطة« بحيث اصبح الضوء اسود.

وتقديري ان ستين دقيقة الى الخلف لا تكفي لنفهم ما يستجد من سُبات. وليت الوراء ورائي, والامام امامي.

2/11/2006
اللوحة

* أمضيتُ ليلة البارحة/ليلة عيد ميلادي/في غرفتي, وحيداً, ولكني بقيتُ مكتظاً وأعجُّ بامرأة في البال-امرأة هي كل النساء. ورجوت أن تقرع بابي في هذا الليل البهيم. اسمعي, افعليها ولو مرّة, هكذا: اقرعي عظم الجمجمة, واخرجي الى الأبد من رأسي.

* ها أن أحدهم لا يقرع بابي, فلا أفتح, ويكون زائري “لا أحد”, ممشوقاً مثل ضوء منسرب من ثقب في ستارة النافذة: “الغرفة موصدة الباب, والصمت عميق/وستائر شباكي مرخاة, ربّ طريق”… ولم ترد في قصيدة “السياب” اي اشارة لثقب في ستارة النافذة لا تتسرب منه امرأة ممشوقة, جبناً الى جنب مع خيط من بصيص.

* ولا أدري أين قرأت ما مفاده أن المتنزهين لا يحفلون أثناء تجولهم في حديقة عامة برجل وحيد يجلس على مقعد مزدوج تحت شجرة. ولكن هؤلاء المتنزهين أنفسهم يقفون طويلاً لتأمل لوحة على جدار يظهر فيها رجل وحيد يجلس على مقعد مزدوج تحت شجرة في حديقة عامة.

*
عموما, كل عام وأنا فقط بخير

15/11/2006
ثوب أمي

* ما تزال أمي متعبة جراء افراطها في الرقص في حفل زفاف أخي »أحمد« الذي وقع يوم الأربعاء الماضي. وكان رقصاً مؤسفاً باعثاً على الأسى, فقد كشف/ أعني الرقص/ أن أمي تقدمت أكثر في العمر, وباتت حركتها ثقيلة وتوحي لمن هم أقلّ هدداً أن أمي على وشك أن تقع. لو أنك رأيتها وسط شبان وشابات راقصين: غطاء رأسها الأبيض, وثوبها التقليدي الحافل بشقائق الحرير, لأدركت أن هذه المرأة توأم لرغيف صعب. وللصفيح. وللزغاريد عندما يسقط أحد الفتيان مضرجاً بالزهو والنشيد. وللدوالي وحبل الغسيل في الباحة المتربة. لماء الدلف ورائحة الشاي التي تنبعث من ابريق وضعته على »بابور الكاز«. لصياح الديك وعويل الريح..

* فكم من لجوء? وكم من نزوح? وكم من مجزرة? وكم من دمعة?

* وأكتفي بهذا.
26/11/2006
محمد طملية كاتب وصحفي أردني (1957 ء 2008) من مواليد مدينة الكرك، جنوب الأردن. يُعد من الكتاب الأردنيين الأكثر شهرة محلياً وعربياً لما يتميز به من سخرية لاذعة وفهم سياسي لما يدور محليا ودوليا. بدأ مشواره الصحفي مع جريدة الدستور عام 1983، وكان كاتبا لعمود يومي في عدة صحف أردنية أخرى، كما كان عضواً في الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين، وفي اتحاد الأدباء والكتاب العرب.

وهو أول من كتب مقالا ساخرا في الأردن. وقد استطاع أن يوجد لنفسه أسلوبا فريدا، فجمع بين الأسلوب الصحفي والأدبي في الكتابة.

وُلد محمد عبد الله مصطفى طمليه في قرية أبو ترابة، قرب الكرك، جنوب الأردن، عام 1957. ويمتد جذر اسرته إلى قرية عنابة بقضاء الرملة، في فلسطين. حصل على بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من الجامعة الأردنية عام 1986
تشدو الإشارة إلى أنه بدأ قاصاً واصدر عدداً من المجموعات القصصية في الثمانينيات منها “المتحمسون الأوغاد” ثم انتقل إلى كتابة المقال الساخر تحديدا استطاع ان يؤسس لنفسه نمطاً كتابياً زاوج ما بين الصحافي والنص الادبي ليبدع كتابة مختلفة ينثر فيها ما لم يكتب من جارح وخارق وخارج عن المألوف
لشدة إعجابي بأسلوبه الأدبي الرائع اردت ان أعرف كل الأخوان بنورت بهذه الموهبة الفذة التي رحلت كزهرة
قُطفت قبل اوانها

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫104 تعليقات

  1. نصيحة اليوم على وزن طبخة اليوم
    تعَّلم ان تقرأ ما بين السطور
    و لن تتفاجئ بأي بوم
    هههههههههههههههههههههه

  2. سؤال أخير
    هل توجد حتى اليوم في أوكرانيا مناطق موبوءة بمعنى لا تصلح للزراعة نتيجة حادثة تشرنوبل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *