مرسلة من صديق نورت الفارس المصري العربي

يقول أحدهم : كنا في حفل عشاء مخصص لجمع التبرعات لمدرسة للأطفال ذوي الإعاقة ، فقام والد أحد التلاميذ وألقى كلمة لن ينساها أحد من الحضور ما دام حيا .

فبعد أن شكر المدرسة والمسئولين عنها طرح السؤال التالي:

حين لا تتأثر الطبيعة بعوامل خارجية فإن كل ما يأتي منها يكون عين الكمال والإتقان.

لكن ابني “!!!!” لم يمكنه أن يتعلم الأشياء بنفس الطريقة التي يتعلمها بها الأطفال الأخرون الذين لا يعانون  من الإعاقة، فلا يمكنه فهم الموضوعات التي يفهموها فأين النظام المتقن في الكون فيما يتعلق بابني؟

 

 … وبهت الحاضرون ولم يجدوا جواباً.

 
وأكمل الأب حديثه: أعتقد أنه حين يقدم إلى الدنيا طفل مثل ابني يعاني من عجز في قدراته الجسمانية والعقلية، فإنها تكون فرصة لتحقيق مدى الروعة والاتقان في الطبيعة البشرية، ويتجلى هذا في الطريقة التي يعامل بها  الآخرون من هم في نفس ظروف ابني .

ثم قص علينا القصة التالية:

مررت أنا وابني بملعب حيث كان عدد من الأولاد الذين يعرفون ابني يلعبون لعبة البيسبول ، وسألني ابني “هل تعتقد أنهم سوف يسمحون لي باللعب؟

 وكنت أعلم أن أغلب الأولاد لن يرغبوا في وجود شخص معاق مثل ابني في فريقهم.

 ولكني كأب كنت أعلم أنه إن سمحوا لابني باللعب، فإن ذلك سوف يمنحه الإحساس بالانتماء وبعض الثقة في أن الأولاد الآخرين يتقبلوه رغم اعاقته.

واقتربت متردداً من أحد الأولاد في الملعب وسألته (ولم أكن اتوقع منه الكثير)، إن كان يمكن لابني أن يلعب معهم.

 ودار الولد ببصره، ثم قال نحن نخسر بست جولات، واللعبة في دورتها الثامنة أعتقد أننا يمكن أن ندخله في الدورة التاسعة ونعطيه المضرب.

 

وتهادى ابني “!!!!” بمشيته المعوقة إلى دكة الفريق، ولبس فانلة الفريق بابتسامة واسعة على وجهه وراقبته بدمعة  فرح رقيقة والشعور بالدفء يملأ قلبي ورأى الأولاد مدى فرحي بقبولهم لابني ….تحسن وضع فريق ابني خلال الجولة

 الثامنة ولكن بقي الخصم متفوقاً عليهم بثلاثة جولات.

ومع بدء الجولة التاسعة اعطوا ابني قفازاً ولعب في أيمن الملعب، ورغم أن الكرة لم تأت عنده إلا أن سعادته وحماسه  كانا واضحين لمجرد وجوده باللعبة واتسعت ابتسامته لأقصى حد وأنا ألوّح له من وسط المشجعين.

وأحرز فريق ابني نقاط إضافية وتقلص الفارق إلى نقطتين، مما جعل الفوز ممكنا وكان الدور على ابني ليمسك بالمضرب، فهل تتوقعوا أن يعطوه المضرب ويضيعوا فرصتهم في الفوز؟

لدهشتي أعطوه المضرب، رغم أن الكل يعرف أنه من المستحيل أن يحرز نقاط الفوز، حيث انه لا يمكنه حتى أن يمسك المضرب بصورة سليمة، ويكاد يستحيل عليه ضرب الكرة بصورة متقنة ولكن مع تقدمه لدائرة اللعب وإدراك لاعب الخصم

 أن فريق ابني يضحي بالفوز لهدف أسمى، وهو إسعاد وإثراء حياة ابني بهذه اللحظة التي لا تتكرر، قدم مفاجأة أكبر فتقدم عدة خطوات وألقى الكرة برفق لابني حتى يتمكن على الأقل من لمسها بمضربه… وحاول ابني ضرب الكرة ولكنه لحركته

 المعاقة فشل وخطا مدافع الخصم خطوات اضافية مقترباً من ابني ورمى الكرة مرة أخرى برفق بالغ نحو ابني وضرب ابني  الكرة بضعف وردها لخصمه الذي تلقفها بسهولة وتوقعنا أن هذه نهاية المباراة.

وتلقف المدافع من الفريق الخصم الكرة بطيئة الحركة وكان يمكنه أن يمررها لزميله في النقطة الأولى وكان ذلك سيجعل ابني  يخرج من المباراة التي تنتهي بهزيمة فريقه وبدلاً من ذلك رمى المدافع الكرة فوق رأس زميله بعيداً عما يمكن أن يطوله أي

 من أعضاء فريقه… وبدأ الكل يصيح مشجعاً من مشجعي الفريقين ومن لاعبي الفريقين : اجر يا “وينادون ابني”  اجر إلى النقطة الاولى ….وكانت هذه أبعد مسافة يجريها ابني بحياته، واستطاع بصعوبة أن يصل للنقطة الأولى ….وترنح في طريقه

 على خط الملعب، وعيناه واسعتين حماساً وارتباكاً ….وصرخ كل من كان في الملعب اجري إلى النقطة الثانية ….ووصل ابني  إلى النقطة الثانية لأن لاعب الخصم بدلاً من أن يعوقه كان يعدل اتجاهه بحيث يصل للنقطة الثانية وهو يشجعه “هيا ” اتجه للنقطة الثانية !

وكان الجميع يصرخون اركض  اركض يابطل اركض حتى النقطة الثالثة … والتقط ابني أنفاسه وجرى بطريقته المرتبكة نحو النقطة الثالثة ووجهه يشع بالأمل أن يواصل طريقه حتى يحقق لفريقه النقطة الكبرى.

وحين اقترب ابني من النقطة الثالثة كانت الكرة مع أحد لاعبي الخصم وكان أصغر عضو في الفريق ولديه الآن في مواجهة ابني  الفرصة الأولى السهلة ليكون بطل فريقه بسهولة ويلقي بالكرة لزميله ولكنه فهم نوايا زميله المدافع فقام بدوره بإلقاء الكرة عالياً  بحيث تخطت زميله المدافع عن النقطة الثالثة وجرى ابني نحو النقطة الثالثة وهو يترنح في حين أحاطه الآخرون راسمين له الطريق إلى نقطة الفوز … وكان الجميع يصرخون اجري اجري يابطل حتى النهاية ؟؟؟وبعد ان تخطى الثالثة وقف المتفرجين حماساً وطالبوه  بأن يجري للنقطة الرابعة التي بدأ منها!

وجرى ابني حتى النقطة الرابعة التي بدأ منها وداس على الموقع المحدد وحياه كل الحضور باعتباره البطل الذي أحرز النقطة الكبرى  وفاز لفريقه بالمباراة …

في ذلك اليوم، أضاف الأب والدموع تنساب على وجنتيه ساعد الفتيان من كلا الفريقين في إضافة قبسة نور من الحب الصادق  والإنسانية إلى هذا العالم.

ولم ير ابني الصيف التالي، حيث وافاه الأجل في ذلك الشتاء، ولكن لم ينس حتى آخر يوم في حياته أنه كان بطل المباراة مما ملأني بالفرح  وبعد أن رأيته يعود للمنزل وتتلقاه أمه بالأحضان والدموع في عينيها فرحة بالبطل الرياضي لذلك اليوم!

……………………..

 

كل منا يستطيع أن يصنع الفارق في حياة شخص يحتاجنا ..

كل منا يستطيع رسم الابتسامة لكن في حال كانت لدينا قلوب طيبة حقاً!

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫11 تعليق

  1. شكراً على القصة ما ينقصنا نحن العرب رغم التدين الشديد بعض الأحيان مراعاة الآخرين ببساطة لا ادري لماذا

  2. thanks 2sa ktir mo2asira ma3 l 2asaf ktar men l 3alam w 5asatan l 3arab by3amlo li 3ndo 2i3aka 3ala 2no 2nsen bala mache3r w ma bya3ref chi bl wa2et yali howi w birogem 2i3akto bykon byhes w by3aref yali 3am ysir 7ado

  3. قصه مؤثره هل هي حقيقيه والله ادممعت عيناي لان مازال هناك اشخاص ربوا ابنائهم على الايثار وزرعوا في قلوبهم معنى الرحمه…
    الله يرحم الصبي ويصبر اهله 🙁

  4. سلمات يا فارس,
    بالبدايه لم افهم كلمات الأب لكن القصه محزنه ,وللأسف ببلداننا ما زلنا ننظر نظرة دونيه لأولائك البشر وكأنهم من عالم آخر, صبر الله اهالي ذوي الأحتياجات الخاصه,
    مشكور يا مصري

  5. كل منا يستطيع أن يصنع الفارق في حياة شخص يحتاجنا ..
    كل منا يستطيع رسم الابتسامة لكن في حال كانت لدينا قلوب طيبة حقاً!
    قلب طيب و لين, ضمير خالص و حسن الخلق تجعلنا نصنع الفارق
    شكرا اخي الفارس, القصة في منتهى الروعة

  6. نعم .. نعم ..نعم
    كل انسان فينا يستطيع ان يصنع الفارق في حياة اي انسان .. القلب الطيب والضمير الحي والكلام اللطيف هما صفاة المؤمن الذي يهاب الرب سبحانه وتعالى .. وهنالك كثير من الناس اللذين عملوا فارق في حياة الكثيرين ..
    يارب اعطني القدره على ان اصنع فارق في حياة من يطلب مني اي شيء استطيع القيام به .. يارب
    مشكور اخ فارس .. مواضيعك دائما جميله وفيها معنى

  7. سلام
    فعلا في مجتمعاتنا ينقصنا الإهتمام بذوي الإحتياجات الخاصة، والأخذ بيدهم للتغلب على إعاقتهم، رغم أن ديننا يدعونا لدمجهم في المجتمع

    لقوله تعالى { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون }
    مشكور أخي الفارس

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *