من حق بعض السوريين ان يوجه غضبه نحو الرئيس بشار الأسد وحكومته، ولكن الغضب الأكبر في رأينا يجب ان يتوجه الى الدول والقنوات التلفزيونية التي حرضت على الفتنة، وقلبت الحقائق، وضللت الشعب السوري، ودعته الى الثورة، وسلحته، ووعدته بأسقاط النظام في اشهر معدودة ثم تخلت عنه، ووقفت تتفرج على ما حصل في حلب، وهي تملك الجيوش والطائرات الامريكية الحديثة.
هذه الدول تحاول ان تبريء نفسها من الجريمة التي ارتكبها في حق سورية وشعبها على مدى ست سنوات، وتتباكى بكاء المنافقين على الضحايا والجرحى والمهجرين، وهي التي رفضت استقبال لاجئ سوري واحد على اراضيها.
الدول التي يجب ان تغيث أبناء حلب وتوقف المجازر التي ترتكب في حقهم، وتشرد من نجا منهم، وتدفن قتلاهم، هي أمريكا وتركيا والسعودية وقطر، وهي الدول التي وقفت الى جانب الثورة السورية وسلحتها، واحتضنت قياداتها، ومولتهم بكل الدعم، وهي تملك الطائرات الحديثة والمتطورة، مثلما هو حال أمريكا الدولة العظمى، ومئات المليارات من الدولارات، مثلما هو حال الدول الخليجية.
ندرك جيدا انهم يملكون امبراطوريات إعلامية ضخمة، وجيوش الكترونية جبارة على وسائط التواصل الاجتماعي، ولكن هذا لن يدفن الحقائق حول دورهم، الرئيسي المشبوه، في تدمير المنطقة العربية، وبذر بذور الفتنة الطائفية، وشن حرب دموية في اليمن، وقتل الآلاف من أبنائه وتجويع الملايين منهم.
استعادة الجيش السوري لمدينة حلب، وخروج المقاتلين منها، وهم يتفرجون، ولم ينطقوا بكلمة تضامن واحدة مع اهلها، وتركوا النواح والبكاء لأجهزتهم الإعلامية، ودسوا رؤوسهم في التراب.
العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز لم يتطرق الى حلب، ولم ترد على لسانه كلمة “سورية” في خطابه الذي القاه أمس امام مجلس الشورى، ولم يصدر تصريحا واحد عن وزير خارجيته عادل الجبير، الذي كان يردد ليل نهار، وفي كل المناسبات ان الرئيس الأسد يجب ان يتنحى سلما او حربا، انه الرعب مما هو قادم.
الشعب السوري تعرض الى اكبر خدعة في التاريخ، عندما وورطوه في مؤامرة لتدمير بلده، وقتل مئات الآلاف من اشقائه على جانبي الخط السياسي، وهم آخر من يحق لهم الحديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان.
الرئيس بشار الأسد يتحمل المسؤولية أيضا عما حدث ويحدث في بلاده، واعترف بحدوث تجاوزات واخطاء وجرائم، وهذا الاعتراف موثق، ولكن مسؤولية من ورطوا الشعب السوري في بحر الدماء هذا لاحقاد شخصية، ونزعات ثأرية، يتحملون مسؤولية اكبر، لانهم تدخلوا في شؤون دولة عربية، واشعلوا نار الحرب فيها، وهم الذين كانوا، وما زالوا، يرفضون تدخل أي احد في شؤونهم.
ندرك جيدا ان معركة حلب انتهت، ولكن الحرب لم تنته في سورية، فهناك معارك عديدة قادمة، مثل ادلب والرقة والباب وغيرها، ولكن الخذلان التي عاشه، ويعيشه الشعب السوري من قبل هؤلاء الذين تخلوا عنه في اكثر اوقاته صعوبة، وتركوه يواجه قدره في حلب وحده، يشكل وصمة عار في جبين هؤلاء وكل من راهنوا عليهم.
يوما بعد يوم تكشف لنا أمريكا وحلفاؤها مدى كراهيتهم لكل ما هو عربي ومسلم، وتثبت ان كل تدخلاتها العسكرية هي لتمزيق هذه الامة، وبذر بذور الفتن الطائفية في صفوفها، واشعال نار حروب يكون العرب والمسلمون هم وقودها.
من تدخل في الشأن السوري، وضخ آلاف الاطنان من الأسلحة والعتاد والمليارات من الدولارات، هو الذي يجب ان يدفع فاتورة الاعمار كاملة، وثمن جرائمه في سورية، ويتحمل الكثير من المسؤولية عن سفك دماء الشهداء والقتلى والجرحى.
طالبنا، وسنظل نطالب، بالديمقراطية والعدالة والمساواة وحقوق الانسان للشعب السوري، وعانينا الكثير من النظام، في وقت كانت هذه الأنظمة التي تدعي الحرص على هذا الشعب ترتعد خوفا منه، وتفرش السجاد الأحمر لقادته الذين يصفونهم اليوم بالطغاة.
الامة العربية وشرفاؤها، والشعب السوري نفسه يعرف جرم هؤلاء، وسيأتي يوم الحساب لكل من سفك دم، او ساعد في سفك دم انسان وطفل سوري، كما ان هذه الامة العظيمة لن تنسى مطلقا أولئك الذين سفكوا، او تواطأوا مع سفاكي دماء الاشقاء اليمنيين.. وسيدفعون ثمن جرائمهم ضد الإنسانية غاليا.
ألأن يتباكون على العراق الذي يقولون انه تحول الى منطقة نفوذ لإيران وحكم الرافضة، والمجوس، ويتباكون على صدام حسين ونظامه وايامه، ويستنجدون بطوب الأرض لحمايتهم من ايران ومشروعها النووي، ويتذكرون كيف حارب ايران لثماني سنوات، وبجيش من الرافضة والمجوس لحمايتهم، ومنع وصول الثورة الخمينية الى عمق عواصمهم.
واصلوا نداءات الاستغاثة، واطلاق الشتائم واللعنات والمسبات على وسائط التواصل الاجتماعي مثلما شئتم، ودسوا رؤوسكم في الرمال، حتى لا تروا ذنوبكم وخذلانكم للشعب السوري كله، وليس لاهالي حلب فقط، وتماما مثلما قال اجدادكم ” اشبعناهم شتما وفازوا بالابل”.
من هزم حلب هم اللذين خذلوها وتخلوا عن اَهلها وأغلقوا آذانهم عن استغاثتها وأطفالها وهم اللذين وعدوها بالنصر واعتبروها خطا احمر.
سيأتي يوم تترحمون فيه على سورية مثلما ترحمتم على العراق وصدام حسين.. والأيام بيننا.
سورية ستنهض من كبوتها، وشعبها سيتصالح فيما بينه، وسيتجاوز كل المحن، تماما مثلما حصل في كل الحروب الأخرى في المنطقة، والمعارضة السورية بدأت الخطوة الأولى في هذه المسيرة بقبولها التفاوض مجددا.. وبعد ان يهدأ الغبار في يوم ما، ونأمل ان يكون قريبا، وسيتم الالتفاف الى رؤوس الفتنة، والمحرضين على الدمار والخراب، لن نخاف.. ولن نصمت.. والأيام بيننا.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫10 تعليقات

  1. نعم الشعب السوري تعرض الى اكبر خدعة والتاريخ لن يرحم من كان وراء هذه الإساة وستضل وصمة عار في جبين من كان السبب ……

  2. DECEMBER 15, 2016
    ضاحي خلفان: أردوغان ورط ثوار سوريا!

    دبي ـ وكالات: توجه نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي ضاحي خلفان، الخميس، إلى تركيا هذه المرة، واتهم رئيسها رجب طيب أردوغان بتوريط “ثوار” سوريا.
    وكتب خلفان من خلال صفحته في تويتر تغريدة عن أردوغان، قال فيها:”أردوغان ورط ثوار سوريا.. حفزهم.. شجعهم .. دفعهم للخروج على بشار.. والآن يصطف مع بشار وروسيا ضدهم”.

  3. اول مايلفت انتباهك في هذا المقال
    ان صاحبه نسي او تناسى دور ايران والمليشيات الارهابيه التي تسانده والاعجب محاولته التبرير لبشار وكان ببشار مصرح له ان يقتل السورييين ويدمر المدن فقط لان الشعب. طلب العيش بكرامه وواضح لكل شخص ان كلامه موجه بالتحديد. للسعوديه وكانها المسؤله عن مذابح بشار والحقد الطائفي الايراني الذي لايرتبط بدوله او امه بقدر ارتباطه بالاسلام ككيان
    نعم هناك تقصير من الدول الاسلاميه ولكن مايقوم به بشار فاق كل تصور والسبب انه ينطلق من منطلق طائفي عقدي احتلالي ويكفي ان نشاهد تعامله مع العلويين وتعامله مع السنه
    لن تنسى او لاتنسى لاننا نريدك الا تنسى ان حرب المجوس قصيره وان ظهر انهم ينتصرون
    تنسى او لاتنسى لكننا لن ننسى ان نقول لك ان هذه الامه تمرض لكنها لن تموت وبشار مع انصاره لن يستطيع ان يحكم سوريا كما كانت قبل الثوره والمؤكد ان دور العلويين الى زوال في سوريا باذن الله. والايام بيننا
    وعندها يفرح المومنون بنصر الله وبدحر انصار ايران

  4. ال سعود هم سبب بلاء الامتين العربيه والإسلامية الله لا يبارك فيهم ولا في الذي يناصرهم ويدافع عنهم ال سعود هذه هي طريقتهم يحثون ويوهمون ويوعدون ولا ينفذون نفس ماعملوا مع صدام حثوه ووعدوه بالوقوف الى جانبه بالمال والعتاد على محابة ايران وبالاخر تبين انهم سرقوا نفط العراق بالوقت الذي كان صدام يحارب بدل من ال سعود ولم يكتفوا بهذا بل سلموا العراق الى امريكا وذهب ضحية اعمالهم ابرياء من شهداء ومهجرين ومهاجرين ولحد الان يدفع العراق فاتورة مااقترفوا ال سعود به فال سعود دائما يدفعون بدوله او مجموعة تحارب ايران عوضا او بدلا عنهم بأسم الدين والطائفه لانهم جبناء لا يستطيعون ان يحاربوا نمله فبدل مايتباكوا ويدعوا في الخطب والمساجد كان اولى فيهم ان يوجهوا صاروخ من عدهم الى طهران وبدل ماالطرطور جبير وسفيرهم يتمسخر كان ارسلوا دواعشهم الى طهران ليفجروا نفسهم ولا هم فالحين يرسلوا الكفرة المفخخين فقط الى العراق وسوريا وليبيا لان امريكا واليهود يريدون ذلك اي تخريب ودمار الدول الاسلامية العربية واخيرا اوجه تحياتي الى صاحب المقاله واقول يااستاذ خالد بارك الله فيك وبصراحتك وبشجاعتك وبالمقابل لا باركه الله في كل من يساند ويحب ال سعود الانجاس الكفرة وانشاء الله لهم يوم يذوقوا مااقترفوه من نذاله بحق العراق وسورية وشعوبها والله لهم بالمرصاد

ماذا تقول أنت؟
اترك رداً على Amouna إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *