يعتقد المخرج المغربي، حكيم بلعباس، أن فيلمه الموسوم بـ “محاولة فاشلة في تعريف الحب”، لو كان حصل على دعم المركز السينمائي المغربي سنة 2007، لما ارتقى إلى مستويات البحث والغور فيما لا نعرف، ولما استطاع أن يحقق نجاحاً جماهيرياً في مهرجان دبي وأثناء عرضه بمهرجان طنجة.
صاحب هذا الفيلم الذي صنف من قبل ناقدين صينيين ضمن أفضل عشرة أفلام خلال العام 2012، قال في حوار مع “العربية.نت”، إنه كلما وضعت أمامك الحواجز، فإن الطبيعة البشرية تدفعك إلى محاولة تكسيرها أو تنحيتها، محبذاً في هذا السياق وضع الحواجز في وجه أي شاب أو شابة يريد أن يلج ميدان السينما، بأن تعطى لهم منحاً مالية بقيمة هزيلة ويقال لهم ضعوا من لحمكم ودمكم وروحكم ما يؤكد لنا، نحن سلطة الدولة، أنكم عشاق للسينما”.

حكيم بلعباس
وفي نظره، ربما تكون هذه طريقة من الطرق الممكن اتباعها للخروج من قوقعة ما يسمى بأزمة السينما المغربية وأزمة السيناريو والحكي، وكلها أوهام تبعا له.
“محاولة فاشلة في تعريف الحب”
حكيم بلعباس، لم يكن يتوقع المحصلة النهائية لفيلم “محاولة فاشلة في تعريف الحب”، الذي كسر الحواجز بين المتخيل والواقعي، الروائي والوثائقي، في غياب سيناريو بمعناه الكلاسيكي، مع إسناد أدوار لأناس عاديين وممثلين محترفين، دفعهم لارتجال الكلام وتقاسم تجربة حياتية مع أهل قرية مهمشة في أعالي الجبال.
ففي حديثه عن هذه التجربة، يرى بلعباس والأستاذ بمعهد السينما بشيكاغو، “أنه حين يكون الإنسان صادقاً، في كل مرة تقول إن هذا الفيلم لن يرى الضوء، لأنك لا يمكن أن تضمن بأن رؤيتك صائبة وبالتالي بمجرد أن تلج عوالم الاختبار تغوص في الأرق وغالبا الاكتئاب. كل ما من شأنه أن يجعلك واثقا من المسار، عزاؤك في الناس المحيطين بك ويكون من حظك أنهم يثقون فيك حتى وإن غابت ثقتك بنفسك، وأشير هنا بالأخص إلى الطاقم الذي يرافقك ويتقاسم معك محنة الاكتئاب”.
ويضيف: “كل واحد منا يعطي من نفسه ومن جسده ومن روحه شيئا لتقوية بعضنا البعض، إلى درجة أننا نصبح كلنا حالمين بشيء لن يتحقق، لكن الحلم أحيانا أسهل”. ويذكره هذا بويليام باتلر يايت، الشاعر الأيرلندي، الذي يتحدث في شعره عما يسميه الحقيقة المرة حينما يتلاشى كل شيء وما ينبعث من الفضاء يبهر في ألمه.
ولا يدري إن كان يعرف الألم باللذة، لأنه يعتبر نفسه في هذه الحالة أنه سيكون سادياً، بقدر ما يحاول تبعا لكلامه، أن يؤكد على أن بعض القيم التي نعرفها على أساس أنها خيرة أو قبيحة، تجعل من هذا المعيار حاجزا بيننا وبين ما تهديه لنا الحياة بكل تشعباتها.
شبيه ميسي
وفي إدارته للصيرورة العملية الإبداعية، أورد مثالا من حياته الشخصية حين يخوض مباراة في كرة القدم التي لم يزاولها منذ ما يفوق السنة، حيث يكون مثل اللاعب ميسي في الملعب ما لم يخضع لقواعد تكتيكية واستراتيجية، لأنه في هذه الحالة يعوّصها. معتبرا أن ما يعنيه هي المرجعيات السينمائية التي يساورها نفس الأرق ونفس الشكوك وتحبذ العيش في قوقعة من القلق، عوض الجري وراء السهل من أجل الكسب في إطار عملية البيع والشراء.
ويعترف بأنه لم يكن مسنودا بسيناريو٬ بقدر ما كان هناك حكي تلقائي يتشكل في صيرورة البحث عن الحقيقة “السينمائية” و”الوجودية”، عبر سفر يسائل مفهوم الحب. “لو قمت بكتابة السيناريو لكنت أغلقت علي النوافذ، إن القواعد هي التي تحمل الخطأ، وحين تتخلص منها، تهديك نفسها” يضيف حكيم.
ويخلص إلى أن عنونة الفيلم بـ “محاولة فاشلة لتعريف الحب كانت في نظر البعض بغير الإيجابية، لكن الإحساس الذي كان ينتابه شخصيا وهو يشاهد الفيلم آلاف المرات لوحده وكذا مع الجمهور شابه نوع من التطهير، إحساس يشير إلى أنه وصل به إلى لحظة معينة ارتقى فيها عن ذاته وخرج منها ليصير كما لو أنه شاهد على محنة أخرى يعزي بها نفسه.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *