تعيش الفنانة صباح، هذه الأيام، أزمات صحية متلاحقة، صعبة لكنها تنجو منها. مجموعة من «العواصف» حولها، في الجسم وفي النفس وفي يوميات الحياة. المكان الوحيد الذي لم تضربه العواصف سابقاً ولا لاحقاً هو… بساطة هذه المرأة في مواجهة كل شيء. ومع أن تعبير «كل شيء» يبدو مبالغاً فيه، إلاّ أن من يعرف صباح، يعرف ان «كل شيء» عندها يمرّ بابتسامة حيناً وبـ«التطنيش» حيناً آخر لا أكثر ولا أقلّ، وقد حقَّ لها أن توصف بما قاله المتنبي ذات يوم في سيف الدولة: «تمرّ بك الأيام كلْمَى هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسم».

هذه المرأة التي لُقِّبت بـ «الأسطورة»، لم يكن لقبها لقباً. كان وصفاً لواقعها، لشخصيتها، لعمرها الذي كان أعماراً، للأغاني التي أنشدتها بالآلاف وبالألوان، الكلاسيكية والشعبية، اللبنانية والمصرية، للمسارح التي وقفت عليها في كل العالم، للجوائز والتكريمات التي حصلت عليها من مؤسسات عليا، للرجال الذين تغلّبت فيهم وتقلبوا فيها أحباباً وأزواجاً وأصدقاء ومحبين، للأفكار التي حملتها وألقت بها على جمهور وإعلام وإطلالات ساحرة. كانت أسطورة حيّة. وإذا كانت الأساطير في ما تقول الكتب تُبْنى على خيالٍ أولاً وأخيراً، فإن لقب الأسطورة بُنيَ على واقع صباح جملة وتفصيلاً…

لقد تحدثت صباح خلال ستين عاماً عن حياتها، في الإعلام، لكن كل ما تحدثت به، على كثرته، وعلى قيمته، ليس إلاّ جزءاً مما في نفسها، وبعضاً مما في حياتها. حياتها كانت أكبر من ذاكرتها، وأكبر من ان تحتملها حياة واحدة. لقد عاشت أكثر من حياة في حياة واحدة، فكيف لذاكرة واحدة أن تسجل ما في أكثر من حياة. ومع أنها ليست سرية، ولا تكتم مشاعرها ولا أفكارها في الفن والرجال والناس والشهرة والمجد الحقيقي، فإنها عجزت عن أن تُلِمّ بكل قلبها وكل عقلها وكل روحها وكل فنِّها، لكنها لم تعجز عن أن تكون صباح التي كانتها بالفعل. وَجَدتها: هذا هو سرّها.

أي نوع من الحياة يمكن أن يعيشها إنسان ساقهُ قدره الى أن يكون أكبر من ان يكون إنساناً واحداً؟ كان الغناء باباً من أبواب الحياة عندها وليس الحياة كلها. كان الرجال باباً آخر. كانت الشهرة باباً ثالثاً. كان العمر باباً رابعاً. تعدَّدت أبواب الحياة وصباح واحدة وليست واحدة. إمرأة وفوق إمرأة، مغنية وفوق مغنية، كانت حالة. هي حالة عصيّة على المعرفة، على الإحاطة، وعصية على أن تصيبها يد، أو يصيبها مكروه ولو أصابها. لا يصيبها المكروه، إذا أصابها، إلا على حين غرّة، وفي غفلة. المكروه الذي يأتي بلا مواعيد الى كل الناس، وفي كل وقت، كان يعلم انه لا يصل الى صباح إلا بعد معاناة، أو بعد يأس. يصل إليها كأنه ليس مكروهاً لشدة ما اعتادت عليه، ولشدة ما توقعته وقاومته وقاتلت في سبيل نفسها قتال الأبطال. ومع أن بين نساء جيلها من المغنيات العربيات مَنْ زهِدت بالرجال كي تحظى بالمجد الغنائي، أو من أحبَّت الرجال لكن أثر عليها ذلك في فنها، فإن صباح لم تزهد بالرجال ولا بالأغاني وأحبت الرجال وأحبت الأغاني ورسمت معادلة لا نظير لها: الرجال والفن بالقدر نفسه، وحب الحياة هو الميزان الذي وَزَنَت به الإثنين معاً…

صباح، تعاني سكرات الموت أحياناً، أم تغالب سكرات الحياة هذه الأيام؟ سؤال يصحّ جوابه في كلمة واحدة: إنها صباح. كانت تغني فأحبها من أحبها ورفضها من رفضها، مع قيمة مضافة هي ان من أحبها بقي يحبها، ومن رفضها في الماضي عادَ وأحبّها وندِمَ على ما فعل. وكانت تعيش حياتها طولاً وعرضاً فقدّرها بعضنا وذمّها بعضنا الآخر، مع قيمة مضافة أخرى هي أن من قدرها ظل يقدرها، ومن ذمّها عاد فقدّرها وذمّ نفسه أحياناً لظلمه إياها.

سكرات الموت وسكرات الحياة تجتمع ربما للمرة الأولى!
الحياة اللندنية

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫26 تعليق

  1. في موتها راحة لها، وهناك يحاسبها ربها اذا كانت ادت ما عليها في الدنيا ام لا . فقط نحن علينا ان نطلب لها الرحمة حية وميتة .

  2. تصحيح بيت الشعر للمتنبي…..:
    تمر بك الابطال كلمى هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسم…؟!؟!
    وليس الايام……؟!؟!
    اقتضى التوضيح….؟!؟!
    صرصور لابس مايو وعم يتشمس مين هو يا ترى…….؟!؟!
    هع هع مفرفش……؟!؟!

  3. أتعس فنانينا أسعدنا أكثر من رؤسائنا وسياسينا لذلك وجب علينا طلب الرحمه لهم والله اعلم بعباده .

  4. Let me start by saying I am not her biggest fan but I repect the woman. She lived her life and faced it all with herself alone . She stood up and faced life with no one but her and succeeded. All these men wanted to be married from her. Some of us live all their life and can’t find one person want to be with them and yet we judge. She looked her best when her heart was broken. Never showed weakness when she was alone without any support and so many betrayals. We have to admit, she is extermist. But living life on the ground not like most of us we just dream about it. May be we can learn a lesson or two from her. The people who judge are the same people who live and die with nothing to remember about them. They live on the edge of life and missing the opportunity to experience life. There is a reason why God is extending in her life. Think about it.

  5. the problem is every budy asking the forgivness for her like you are all angeles, stop thinking that u are better than other ppl , we are all sinners and u better ask forgivness for ur self before u ask it for others bcs you think ur better than them.

    SHE ALLAH YE3’FIRLA O SHE ALLAH Y7ASIBA, O SHE ALLAH ELY YER7AMA, EE 7’ALSONA BA2A YOU ARE TALKING LIKE ANGLES , BAS THIS IS WHAT I CALL THE CLOSE MINDED

  6. ديدي بتنصحينا انه ما نطلبلها المغفرة لانه احنا كلنا مذنبين ، وشو عنك انتي ليه بتطلبيلها المغفرة ؟ شو انتي منك مذنبة زينا ولا شو؟ دعوتك مستجابه واحنا لا ؟

  7. الله يشفيها ويعافيهااااا
    فنانة قدمت كتييييييير للفن وكانت اكتر من رائعة
    الله يشفيها ويشفي كل مريض يا رب

  8. الله يرحمنا جميعا مافي احلى من طلب الرحمة للجميع العايشين والمتيين

  9. الجمع بين شعر المتنبي وصباح لايتفقان
    أسطورة؟؟ بماذا؟ لأنها لم تمت إلى الآن؟ أو لعدم قناعتها بأنها أصبحت فوق الستين ويجب أن تكون عتزلت هذا العالم وبدأت البناء لآخرتها
    عفانا الله وعافاها ورحمها

  10. الله يمن عالينا بالصحه والعافيه واذا مالقيت احد ترجع بس الافضل تبق مع اخوانها المطربين بينبسطو فيها مع السلامه

  11. كم من الجميل والرائع عندما تدعون لهذه الفنانة بالصحة رغم عمرها الطويل
    وبرغم ما قدمته وكم اعجبني دعاء الاخ زين العابدين لها وشكرا

  12. صباح ما هى الا اسطورة فعلا – هى اشيك سيدة فى المجتمع كلة – انسانه جميلة – عطوفة – رقيقه – مملؤة بالحنان والبساطة – طيبة – غفورة لكل من خانوها – معطائة الى اقصى الحدود – تكره المشاكل – سافرت معها بالصدفة هى وهويدا من القاهرة الى بلجيكا واقول لكم كانت اجمل وامتع سفراتى حيث اعمل كابتن طيار- الله يحميها ويخليها عطول مبسوطة وسعيدة لآنها بتستاهل كل خير – صباح اذا عرفتها عن قرب ولو لدقائق ليس امامك الا انك تعشقها – كانت ومازالت وستكون باذن الله – الآسطورة

  13. هل تتخيل نفسك مكانها بينك و بين اليقين شعرة و تكون صورتك هكذا
    و الله ان الصبية الصغيرة تستحى ان تلبس هذا
    لا احسب مثلها يتوب فى اخر فيمتو ثانية فى حياته مثل الافلام العربى القديمة
    اللهم ارزقنا حسن الخاتمة ولا توفنا الا و انت راض عنا

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *