لا يعرف جيل “الفايسبوك” و”تويتر” و”السناب شات” الراقصة داني بسترس، التي قرّرت إنهاء حياتها في أواخر العام 1998 برصاصة في الرأس وضعت حداً لحياة راقصة أدمى قلبها الألم بعد موت ابنها الوحيد غرقاً، وتخلّي أسرتها عنها، ومرورها بأزمة عاطفية سلبت ما تبقى لديها من قدرة على المواجهة.

قصّة داني بسترس ابنة العائلة الأرستقراطية تعود اليوم إلى الواجهة بعد إفراج الفنانة إليسا عن كليب “عكس اللي شايفينها” الذي صوّرته تحت إدارة المخرجة إنجي جمال، وجسّدت فيه معاناة الفنانة الراحلة بدقائق معدودة اختصرت المشهد الذي انتهى بصوت رصاصة لم تقتلها على الفور، بل أدخلتها في غيبوبة لفظت بعدها أنفاسها الأخيرة في المستشفى وسط ذهول المحبين.

لم يكن يبدو على المرأة الممتلئة بالحياة أنّها على وشك الانتحار. تماماً كما تقول إليسا في الأغنية، يغبطونها على ما هي عليه وهي من داخلها تتألم.

الكليب الذي خرج عن كونه مجرّد تجسيد لأغنية، كان أشبه بسيرة ذاتيّة لم تكن تحتاج من المخرجة المبدعة أنجي جمال أكثر من دقائق لتلخّص فيها سيرة حياة مليئة بالوجع، فمن هي داني بسترس التي لا يزال رحيلها بعد 19 عاماً يثير كل هذا الفضول؟

هي ابنة بسترس العائلة الأرستقراطيّة التي كسرت القيود وقرّرت أن تحترف الرقص الشرقي، في أيامها الأخيرة، لم يكن ثمّة ما يوحي أنّ داني على وشك الرحيل، فقد أكّد جيرانها بعيد الحادث أنّهم كانوا يراقبونها يومياً وهي تتدرّب على الرقص أمام مرآة كبيرة في صالونها.

كانت تتمرن لساعات دون أن تقفل النوافذ، تلقي على جيرانها تحية ودودة وتنسى نفسها أمام مرآتها.

لم يتغيّر الروتين في أيامها الأخيرة. كانت تقطن مع حبيبها العربي في منزلها في منطقة أدما، وقد أجمع يومها جيران الراحلة أنّ الرجل كان غامضاً ومتحفظاً في علاقته بهم، كما صرّحوا يومها لصحيفة “البيان” الإماراتيّة أنها كانت بصدد إشهار إسلامها والسفر معه للإقامة في بلده.

داني التي كانت لا تزال تعيش حزناً عميقاً لم تخف وطأته بعد مرور أربع سنوات على رحيل ابنها، دأبت في أيامها الأخيرة كما أثبتت تحقيقات القوى الأمنيّة يومها، على القول للمقرّبين منها إنها متعبة وإنها ليست أفضل حالٍ من داليدا، الفنانة الفرنسيّة التي أنهت حياتها انتحاراً بحسب ما نشرت وسائل الإعلام بعد وقوع الحادث.

تفاصيل اللحظات الأخيرة

برصاصة من مسدس حربي أنهت داني حياتها مساء السبت 25 ديسمبر يوم عيد الميلاد، لكن قلبها بقي يخفق ويصارع الموت حتى يوم الأحد 26 ديسمبر تاريخ إعلان وفاتها.

وقد أثبتت الفحوصات المخبريّة يومها أن الرصاصة استقرّت فوق أذنها اليمنى واخترقت الجمجمة وسحقت العظام والسحايا النخاعية التي تطايرت.

كما أظهرت التحقيقات أنّ الرصاصة قد أطلقت من مسافة نحو ثلاثين سنتيمتراً من الرأس بدليل العثور على وشم للبارود والرصاص فيه.

ويفيد تقرير أمني صادر بعيد الجريمة بحسب الصحف الصادرة آنذاك، أنّه لدى البحث عن المسدس المستعمل في الحادث أفادت الخادمة أنها بعد سماع صوت الرصاص توجّهت إلى غرفة داني وشاهدت المسدس على الأرض، فتناولته بيدها ووضعته في خزانة داني، فضاعت أدلّة مهمة من رفع البصمات عن المسدس للتأكد أنّها بصمات يد داني نفسها، أم بصمات من يشتبه في تورّطه بارتكاب هذه الجريمة.

وقد بررت الخادمة في التحقيق أنها نقلت المسدس من قبيل الاحتراز حتى لا يأخذه أحد، وأنها من شدة خوفها أخفت المسدس وكان عليه أثر دماء وخصلات شعر علقت به.

وقد أفاد جيران داني يومها، أنّ علاقتها العاطفية مع حبيبها لم تكن مستقرة وكانت تشهد خلافاتٍ يوميّة، إذ كان يضربها بقسوة، ما دفعها إلى تقديم شكوى لدى النيابة العامة في جبل لبنان التي أرسلت الطبيب الشرعي سركيس أبوعقل لمعاينتها وتحرير تقرير رسمي بذلك، ورغم سوء وضعها الصحي والنفسي ونيلها تقريراً طبياً، سحبت الدعوى الشخصية بعد أن تصالحت مع حبيبها، الذي أفاد في التحقيقات أنه لدى سماعه صوت الرصاص كان في الصالون، وحين ركض نحو باب غرفة داني وجده مقفلاً فخرج الى إلشرفة ليدخل الغرفة من الباب الزجاجي ويجد الفنانة مضرّجة بدمها.

وقد تبيّن أنّه حاول إسعافها بمساعدة ضابط الإيقاع في فرقتها الذي صودف وصوله إلى المنزل في تلك اللحظات، وكانت لا تزال تتخبط في دمائها.

لم يحسم الأمر فوراً على أنّه انتحار، إلا أنّ أثر الدخان الأسود على صدغها من جراء إطلاقها الرصاصة عن قرب والشعر الذي علق بالمسدس دلّ على التصاق المسدس بالصدغ ما أكّد فرضيّة الانتحار.

داني كانت قد حاولت الانتحار بعد موت ابنها بواسطة الأدوية مرّتين، وفي المرّتين تمّ إنقاذها، وكانت قد أخبرت حبيبها قبل وفاتها أنها تنوي الانتحار إلا أنّه لم يصدقها، فصورها كانت تملأ شوارع بيروت لحفل رأس السنة الذي كانت تستعد لإحيائه.

رحلت داني بسترس وسط صدمة محبّيها والإعلام اللبناني والعربي يومها، وما لبث الإعلام أن استفاق على قصّتها، عندما قرّرت اليسا وإنجي جمال أن تجسّدا معاناة أمٍ فقدت ابنها وقرّرت إنهاء حياتها بصورة مأساوية، علّها تكون رسالة إلى المقهورين، أن كافحوا واهزموا ألمكم وفكّروا قبل أن ترحلوا وتتركوا خلفكم أحباء يتألّمون.

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليقان

  1. هل ترانا نلتقي ام انها كانت اللقيا على أرض السراب
    ثم ولت و تلاشى ظلها و استحالت ذكريات للعذاب
    هكذا يسأل قلبي كلما طالت الايام من بعد غياب
    فإذا طيفك يرنو باسما وكأني في استماع للجواب
    ==================
    تُعجِبُني قصة حُب أمينة قُطب و كمال السنانيري……تذكرتُها في هذا الموضوع لأنني لم أكُن قد سمعت بقصة داني بسترس من قبل ( مع عدم أهميتها ) حتى غنت إليسا كما أن الكثيرين لم يعرفوا قصة أمينة حتى غنى قصيدتها رامي مُحَمَّد ….
    !!

  2. من لا يؤمنون باليوم الاخر
    وبالحساب والعقاب،.سهل عليهم ان ينتحروا
    لان الاسوا من الموت هو الحال الذي يجعل الانسان يتمنى الموت
    اما المؤمنون فلا يستطيعوا الانتحار لانهم يؤمنون ان كل عذاب الدنيا لا يساوي لحظات في جهنم!

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *