يحذرك الكليب أولاًَ بأول منعاً لأية «شكوك» قد تساورك. يكتب بالانكليزية: «كل شخص شارك في هذا الكليب هو عربي». تنتظر. تطل سيارات فخمة ينزل منها شبان وصبايا يستعرضون أنفسهم أمام عدسات المصورين. هم أصحاب ألقاب جمالية ومغنون ومغنيات وراقصون وراقصات.. فوراً بعد السيارات الفارهة، يقرر المخرج يحيى سعادة أن اللمسة العربية لا بد أن تكون حاضرة منذ البداية: هذا جمل يتوقف أمام السجادة ويترجل عنه أحد النجوم(!).

123017-1

يغني جاد شويري بإلانكليزية «نحن لسنا ما تراه على «سي أن أن» و«بي بي سي» أنظر إلينا، لسنا مفجِّرين..». إذاً يريد جاد شويري أن يقدم صورة بديلة للعرب بعيداً عن تلك التي التصقت بهم جراء أخبارهم المحزنة عامة. هو يأخذ على عاتقه أن يكسر صيت العرب كإرهابيين أو متخلفين. تبرر الغاية البداية: تلعب الكاميرا دور جهاز «السكانر»، تمر على أجساد الوافدين إلى الحفلة بحسب ما يقتضي السيناريو. تكشف بلمحات سريعة هيكلاً عظمياً وحزاماً ناسفاً من نوع مختلف، إذ كتب عليه هناparty booster أي «مدعّم الحفلات» مع عدة الاحتفال. إذاً، لمن كان يشك بالعرب، لمن يجهل حضارتهم وثقافتهم وإسهاماتهم، لمن يعتقد أنهم يعيشون في خيم يقمعون نساءهم، ها هو الجواب القاطع: العرب ليسوا انتحاريين هم محبو وروّاد حفلات صاخبة!
تفصح الأغنية عن رغبتها بتقدّيم العرب «بحس حداثي» كما تقول. حتى اللحظة وحده الجمل

المسكين، الذي يبدو أنه أقحم إقحاماً في أجواء الراب والهيب هوب والبوب والحفلات الباذخة، يذكّر برمز تقليدي، (وبدائي بدلالاته)، عن العرب. يريد الكليب أن يحدث صدمة بين المتخيل والصورة المقدمة. يتخبط سريعاً. تدخل الكاميرا إلى «كواليس» الحفلة، حيث يفترض ان تغير الصورة رأي المشككين بنا: «لدينا صبايا جذابات، لدينا جمال عربي سوف يهز عالمك كله، لدينا شبان محشوون بالمال ..عليك أن تراهم عندما يحلّقون». تحاول أن تتجاهل إهانة تطال الشبان العرب، عندما تصبح فضيلتهم الوحيدة أنهم «محشوون» بالمال. لا تنجح. هذا علاوة على أن كلمة «التحليق» في اللغة الانكليزية تستعمل للدلالة على نشوة المدمن حين يتناول المخدرات. هو معنى مقصود تعززه الجملة المطبوعة على قميص شاب والتي تشتم مراكز إعادة التأهيل. تزداد معضلات الأغنية المصورة.. فالغاية المعلنة هي تقريب العرب من الغرب وكشف صورتهم الحقيقة، أما ما تعرضه الشاشة فيفضح هوساً بتقليد مظاهر أسبغت عليها صفة «الغربية». يكمل الكليب وتهشّم صورة العربي(ة) شيئاً فشيئاً. يتعاظم هاجس تبرير وتفسير «من نحن» لكن من بوابة مغلوطة عنوانها: «أرأيتم كم نشبهكم؟» أو بالأحرى «أرأيتم؟ نحن أنتم!»، ولو انه من السذاجة بمكان اعتبار أن صورة الحياة الليلية الصاخبة تختزل الغرب بما له من إنجازات فكرية وثقافية وتكنولوجية وفلسفية وغيرها. وفيما يعلن الكليب انه سيكشف حقيقة العرب، إلا انه، في كل ثانية، يبدو مهجوساً بالتخلص من الهوية العربية والالتصاق حتى الذوبان بصورة مشتهاة تركز على عنصرين اثنين هما الجنس والمال، كنقطتين مشتركتين للتقرّب من الآخر. أرأيتم؟ لدينا كل ما يلمع، نحن «عرق متألق» ونساؤنا متحررات. لو ان مفهوم التحرر هنا مرتبط فقط بالثياب الاستعراضية وبالسهر والرقص. لوهلة يتمنى المرء لو أن شويري قصد أن يسخر من نمط حياة يقوم على تقليد استهلاكي للغرب. لكن لا. المغني يتعامل مع «مهمته» بجدية كاملة، يحرص على أن يظهر الكثير من مفاتن الأجساد، يركز على الشبان والصبايا وهم ينفثون دخان السجائر والسيجار. يعاد المشهد مراراً. تقبّل ماريا، بثوبها الاستعراضي، شاباً وهي تجلس في كأس كبيرة مليئة بقطع الجليد وقنينة شامبانيا كبيرة. «هؤلاء العرب يستطيعون أن يثيروك»، تكمل الأغنية، وتفرغ صبية قنينة كحول في فمها، بينما ترقص أخرى على البار. «جنس ورقص حتى الفجر». هنا شابة تحمل إبرة تحقنها في وجهها وتستعرض ثياب البحر وحقائب اليد. إذاً يجب زيادة إضافة: النساء العربيات جميلات يستعرضن مفاتنهن، يرتدين ماركات «لوي فويتون» و«غوتشي» ولا يخشين حقن «البوتوكس» ويطلبن المزيد. تفصيل آخر ضروري ليصبح الكليب نسخة مقلدة طبق الأصل عن بعض أغاني الراب المصورة: هيا إلى العمل. تثبّت الصبية شويري في زاوية، لتتكفل يد برسم «تاتو» خاص على بطنه. شويري يتألم. الموسيقى تكمل. الصبايا يرقصن. الشبان ينفقن المال. هكذا نحن العرب!

غياب الفردية والهوية العربية هو بالضبط ما تمثله الأغنية، بلا عمّال ولا كادحون ولا مواطنون عاديون ولا ناجحون ولا سعيدون ولا غاضبون ولا محبطون، هنا صورة بلا هوية تصر على انها عربية. حتى من وجهة نظر فنية بحتة، فإن الكلمات ولكنة شويري الواضحة عندما ينطق الانكليزية، تجعل الكليب عالقاً في الوسط، فلا هو عبّر حقاً عن العرب ولا هو وصل حقاً إلى كل الغرب. كل ما في الأمر أن كاميرا التقطت، ولو ببراعة إخراجية، بهرجةً متقنة على وجوه وأجساد مغرية، متناسية أن الصورة لكثرة ما أرادت أن تقرّب العرب من الكوزموبوليتانية، نزعت عنهم جلدهم وألبستهم آخر يحتاج إلى الكثير من حقن البوتوكس كي لا يترهل سريعاً.. بسرعة مرور كليب!

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫22 تعليق

  1. والله فيك الخير يا جاد طلعت افضل من غالبية اهل الغناء في العالم العربي واستطعت ان تعمل عملا فنيا يخاطب فكر ووجدان الغرب في مسح الفكرة السيئة عن البلاد العربية والعرب … صحيح يا جاد اللي ما يعرفك يجهلك ,, ربنا يوفقك ويزيد من امثالك من المثقفين العرب الغيورين على بلادهم ويعرفون من اين توكل كتب الغرب ,,,

  2. ارجوكم طبعا لا تصدقوا كلمة مما قلت ,,, لحسن تفتكروني باتكلم بجد وتتهموني بالهبل والعياذ بالله,,,

  3. تسلمي يا ست الكل يا سيمران ,,, انا بس حبيت اعلق بطريقة شوية مختلفة علشان اللي بيقرأ يضحك شوية ,, جعلكالله من السعيدين دايما…ومقبولة منك يا ستي…

  4. انا عارف يا سيمران ,,, على كل حال ثقتك في كتابتي خلتني اشعر باني غلطت وما كان لازم اكتب بتلك الطريقة ومنك السماح يا ستي ,,, ربنا يخلي الثقة بينا ,,, على العموم انا كتير احيانا ما بأقرأ الخبر لما تكوني انت اللي كاتبه التعليق وباخد فكرة عنه اولا من كتابتك ,,, يعني فا فيها شي نكون نثق بتعليقات بعض ,,, ربنا يديم الثقة …

  5. shu hal videp clip wallahi its worse than what the western think of us.. i rather that the western think of us as weirdos and have no respect for women than they think of us as people who are drug and sex addict wallahi its a shame and to think about all that money spent of doing that video…. ya3ni jad afandi ja yeka7elha 3amaha

  6. والله جاد شويري وامثاله هم من شوهوا صورة العرب.
    هذا تطرف من نوع اخرهو تطرف للشذوذ والاباحية.

  7. i think he did a great job, i watched the video, okay the girls look like whores, but its to show that we are people just like them, and please people dont tell me we dont have whore in the middle east cuz we have alot of them, but they lay low, unlike the westerns they would show from miles away that they are whores, he is not trying to insult arabs but he is trying to show americans that we are humans, some people still think that we live in desserts and we travel on camals…..unfortunately usama binladen has showed them that arab women are being killed on the streets like animals and they have no rights like slaves, 50% of americans dont watch the news but they watch you tube 24/7 soo, in my conclusion he is just trying to change our bad image in the west, but in a way they only understand!!

  8. i can’t believe this ….i already hated him ..he is no singer ,,cuz he is such a discrase…and all of his songs have no dam meaning..i mean if he’s trying to copy&past the english singers …
    well he better go somewhere else..cuz we are fed up with this shi&*&* shame on u JAD…
    you really need help

  9. all what we did before and every single mean we tried inorder to prove to these pigs that we are not only good, but even better than them, they don’t even think outside the ter. so, showing the head drug addicts, and hores of the dark side of arabs is going to do nothing but prove to those heads that we are retarded and are willing to give up everything and anything inorder to be considered as 3 world country instead of being camel jockeys’ country. and besides, our trash is not going to achieve what our leaders couldn’t .peace out

  10. i think my first comment was not published because of the harsh words i used, so i will put it in other words. inorder to prove to those mentally inclosed peaple that we are better than what they think of us, we need to do it the right way which is the hard way. and i mean by this by hard work, inventions, development and improvement. we need to become china, japan and even india and pakistan, not by some cheap videoclip exhibitting our trashy dark side of our victorious history. we do not need to sink down to their level, but we have to rise so high in their sky so when they look at the sun and the stars they’ll find us up there, not down in trash dumpsters and sewars. i hope you get my point.

  11. انا معك مئة في المئة فيما قلت يا ( فارس آخر الزمن ) تحياتي وشكرا على الافكار الطيبة ,, الاخوان تأخروا في وضع تعليقك ليس بسبب كلامك القاسي ( على حد تعبيرك ) لكن فقط لانك تضع تعليق كريم لاول مرة فيجب ان يدققوا في ايميلك واسمك المستعار …

  12. thank you top quality and thanks to the adminstrators. i live in canada in a rednecks province (worse than usa itself), and i go through this every single day of my life . may GOD guide us and help us all

  13. آمين يا رب العالمين ,,, وشكرا لك من القلب على تعيقاتك المتسمة بالذوق وقبلها باعمال العقل في طريقة كتابه التعليق مما يفيدنا جميعا ,, بارك الله فيك وحماك من كل الشرور عندكم …

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *