كانت العروس في كامل زينتها وأناقتها، وبجانبها عريسها يتبادلان نظرات الوله وابتسامات الشوق مع همسات ووشوشات، وبعد التوقيع على عقد الزواج بحضور الشهود وجمع من المدعوين ارتفعت زغاريد النسوة الحاضرات في الحفل؛ تعبيراً عن الفرحة بالحدث السعيد.

غنى المغنون ووزعت الحلويات على الحاضرين، ومن بينهم من هم من علية القوم، فقد حضر والي (محافظ) بنزرت، وشخصيات أخرى إلى جانب الأهل والأصدقاء.
وعندما شارف الحفل على نهايته بعد أن تمت كل مراسم الزواج، وبعد تلقي التهاني ساعتها بالضبط ذهب العريس منصاعاً ومن تلقاء نفسه مباشرة من حفل زفافه إلى السجن، وعادت الزوجة ترفل في فستانها الأبيض مباشرة إلى بيت أهلها وهي سعيدة ومستبشرة! وليلة دخلتها نامت العروسة في بيت أهلها ونام العريس في زنزانته! ولم يثر ذلك استغراب أهل العريس أو دهشة أهل العروس أو حيرة المدعوين!

«سيدتي» التقت العروس ويداها مخضبتان بالحناء؛ لتكشف لنا «لغز» ما حصل وتروي سر ما وقع!تقول عايدة الطرابلسي، وهي اليوم في الثانية والثلاثين من العمر: إنها تعرفت إلى نادر منذ عشرة أعوام عندما كانت تعمل بائعة في مركز تجاري كبير بتونس العاصمة، ويوماً بعد آخر توطدت العلاقة بينهما وتحابا.

وعايدة، كما تتحدث عن نفسها، فتاة مكافحة وكادحة؛ لضمان لقمة عيش شريفة لها ولأمها، وقد واصلت تعليمها إلى مستوى البكالوريا «الثانوية العامة»، ورضيت بالعمل بائعة في مركز تجاري كبير.
ووفق ما ذكرته لنا فإن المصاعب التي اعترضت كلاً منهما في الحياة كانت عنصراً أساسياً في حصول التقارب العاطفي والإنساني بينهما، فنادر شاب يتيم الأبوين ومن وسط اجتماعي متواضع، ولم ينل نصيباً يذكر من التعليم والقاسم المشترك. والذي جمع بين نادر وعايدة هو إحساسهما معاً بأن حظهما في الحياة قليل.

رسائل
وبينما كانت عايدة تخطط مع نادر للمستقبل حصلت عام 2007 مأساة، فقد تم اعتقال نادر بتهمة خطيرة هي استهلاك المخدرات وترويجها، وحكمت عليه المحكمة بـ28 عاماً سجناً لكثرة القضايا التي تعلقت به.
حصلت لعايدة صدمة، واظلمت الدنيا في عينيها، لكنها قررت ألا تتخلى عن نادر، وأن تشد أزره في محنته؛ ليقينها بأنه ضحية ظروفه القاسية، ولأنها لا تمت له -رسمياً- بصلة قرابة فلم يكن مسموحاً لها، وفق القوانين المعمول بها، بزيارته في السجن، واكتفت بتبادل الرسائل معه مرتين كل أسبوع.

بعد أن مرت خمسة أعوام على سجن نادر جاء يوم تلقت منه رسالة يقترح فيها عقد القران عليها؛ لتصبح زوجته شرعاً، ويمكن لها بالتالي قانونياً زيارته في السجن، ومتابعة قضيته لدى الجهات المعنية لعله يظفر بمراجعة الحكم القضائي؛ ليقينه بأن الحكم كان قاسياً.
وتضيف عايدة: نادر وهو اليوم في السادسة والثلاثين من العمر رجاها أن تفكر جيداً قبل اتخاذها موقفاً بالرفض أو القبول، مشدداً على أنه لا يطلب شفقتها بل إنه يأمل بحنانها وحبها.
ولأن عايدة تحبه فعلاً، وتريد الارتباط به فقد قبلت طلبه، تقدمت بمطلب إلى إدارة السجون؛ للترخيص لها لمقابلة نادر وزيارته والإعداد لعقد القران عليه، وتؤكد عايدة أنه تم بصفة استثنائية الاستجابة لمطلبها، وبعد خمس سنوات من الفراق والغياب تمكنت من رؤيته في سجن «الناظور» بمحافظة «بنزرت».

لم يكن أمراً يسيراً لعايدة إقناع أمها وإخوتها وبقية أفراد أهلها باعتزامها عقد قرانها على رجل محكوم عليه بـ28 عاماً سجناً، وبعد أن التقت أمها نادراً في السجن ومدير السجن الذي أثنى على سلوكه وافقت.

الحفل
بعد موافقة إدارة السجن بصفة استثنائية على عقد القران بدأت عايدة بإحضار الوثائق الإدارية اللازمة لكتب «الكتاب»، وتم تحديد يوم 25 يونيو (حزيران)؛ لإقامة حفل الزواج.
تقول: «لم تكن إمكاناتي المادية تسمح لي بإعداد كل مستلزمات حفل الزواج، فقد انتهى عملي في المركز التجاري، وأصبحت شبه عاطلة ولكن صديقاتي ساعدنني على شراء خاتميْ الزواج وبعض المصاغ، وتولى صالون التجميل في الحي الذي أسكن فيه تزييني مجاناً، وتبرعت لي امرأة بثوب الزفاف.

وتضيف عايدة قائلة: «فوجئت ساعة وصولي مرفوقة بأهلي ومعارفي وصديقاتي بوجود موظفي السجن والمسؤولين الكبار، ووالي (محافظ) بنزرت في انتظاري بقاعة مطعم السجن الذي تمت تهيئته على شاكلة قاعة أفراح؛ ليحتضن مراسم عقد القران. كانت هناك أيضاً فرقة موسيقية وثلاثة مطربين غنوا على امتداد السهرة، وقد عزف لنا المحافظ بنفسه على الكمنجة؛ تعبيراً منه عن مشاركتنا فرحة العمر، وأهداني موقد طبخ كما وزعت إدارة السجن المشروبات على كل المساجين، وكانت كل تكاليف الحفل على حساب إدارة السجون، وهو ما يحدث للمرة الأولى في تونس.

الوسادة الخالية
ووفق التقاليد تمت قراءة الفاتحة بعد توقيع عقد الزواج، والدعاء للعروسين بحياة سعيدة وبالرفاه والبنين كما تم تقديم التهاني، وغمرت عايدة ساعتها مشاعر الفرحة ممزوجة بمشاعر الحزن؛ فهي سعيدة بزواجها والتخلص نهائياً من صفة «الآنسة»، وحزينة لأن زوجها سيتم اقتياده بعد الحفل إلى السجن، وستكون وسادته في غرفتها خالية. سألنا عايدة عن مهرها فقالت: إنه كان عشرة دنانير، وقد سجلها عدول الأشهاد في عقد الزواج.
ويبقى أمل عايدة في أن يتم تخفيف الحكم على نادر أو تمتعه بإطلاق سراح مشروط، وأن يتم يوماً في تونس الترخيص للمساجين بالخلوة الشرعية، على غرار ما هو معمول به في بعض الدول؛ لتتمكن من إنجاب طفل.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫12 تعليق

  1. هي كل تونس لقبها الطرابلسي هههه
    الله يعين الزوجة احلى ليلة اصبحت اتعس ليلة ويافرحة ماتمت
    وغريبة لما سمعت كملت الزفاف عادي لو اي وحدة غيرها كانت ندبت حظها
    الزواج هي مشاركة طول العمر لكن في هاد الحالة زواجهم ماعندوش اي معنى لانو راح يضيع من عمرها 28 سنة وياعايش وياميت
    روحي عيشي حياتك الحب احيانا لاينفع

  2. العين الطراقة تطرق الحمير ..محكوم عليه بالسجن 28 سنة بتهمة استهلاك المخدرات وترويجها يعني شمام وتاجر مخدرات وعم تدافعي عنه وتتزوجيه وقال ظروفه قاسية !
    على هيك أغلب العالم لازم يكونوا منحرفين لأنه ظروفهم سيئة وفقراء لأنه أغلب العالم فقراء
    دائماً المنحرف بيدور على عذر… امثالك لازم يحبسوهم بمصح عقلي لأنه ما فيه إنسانة طبيعية بتعمل هيك بظن أنه الجنان وراثي لأنه أهلك كمان موافقين معك على هالهبل !

  3. هناك من يحب مرّة واحدة في حياته
    و هناك من يحب مرات و مرات
    هذه الفتاة حياتها فارغة و لم يقنعها اي رجل آخر
    لا أرى مانع من هذا الإرتباط الذى وفّر لها السعادة التي حرمت منها لسنين طوال
    شيء من السعادة أفضل من لا شيء
    حسن سلوكه قد يخفف من مدة سجنه الى جانب إمكانية طلب اعادة محاكمته

  4. أتفق نوعا ما مع noha و لا نعلم الدوافع التي جعلت الفتاة تقبل -عدى الحب و قد يكون دافع كافي
    صدر فستان الزفاف الابيض مش مزبوط و هي رافعته كثير لفوق لحد الرقبة تقريبا! كرافطة العريس أكبر منه … يالله زواج على قدهم

  5. هيدي إسمها الأقدار الصعبة و كلو نتيجة الحظ السيء، و البنت عم تتحدى الزمن، رح تتعب و تضيع وقت كتير و طاقة كبيرة لتحقق قليل من النجاح و السعادة. هل هذا هو الصراع من أجل البقاء ؟؟

  6. الحب اللي بيكون بدون عقل إسمه جنان وليس حب وبعدين هو محكوم 28 سنة وبتهمة من أسوأ التهم مخدرات تعاطي وتجارة وقد ما راعوا ظروفه مستحيل يطلع قبل نص المدة على الأقل وبعدين تعرفت عليه من 10 سنيين وما حلي لها تتزوجه إلا لما انحبس …قلة عقل وغباء منقطع النظير منها من اهلها اللي وافقوها …ربنا يثبت علينا عقولنا !

  7. باين عليه من وجهه متعاطي وتاجر سبحان الله الوجه لحاله بيحكي
    وهي لو لقيت واحد احسن منه ماقبلت فيه

  8. على رايك ليلى
    يعني العرسان كانو بالدور
    وهي نقت ابو 28 سنه سجن
    ولا ممكن تقدمولها 3 عرسان 2 اعدام و واحد 28 سنه
    قامه بالفطنة وحسن التدبير والفراسة استغلت الموقف
    ب انانية واختارت ابو 28 سنه

    الله يعينها هي كمان

  9. ليلى- لو تدخل عايدة وتشوف تعليقك ابسطها حتلقي بنفسها من النافذة الكلام المنطقي كلام Brinda

  10. ههههههههههههههههههه
    ماحد قبل فيها الا ابو 28 سنة
    اللهم لك الحمد والشكر

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *