CNN) — يحفز مبدأ عدم المساواة بين الجنسين، تحسن الاقتصاد. ورغم أن الأفراد والاقتصادات والمجتمعات ستستفيد من التكافؤ بين الجنسين على المدى الطويل، إلا أن عدم المساواة بين الجنسين، غالبا ما يكون الاختيار العقلاني تماما للأفراد على المدى القصير.

وما زال مبدأ عدم التوازن بين الجنسين، والآثار الاقتصادية الناتجة عن ذلك، غير مرئي بشكل مذهل في كل مكان، بدءاً من العالم المتقدم وصولاً إلى الأسواق الناشئة. وفي البرازيل، فإن النساء ترتاد الجامعة بشكل أكبر من الرجال، ولكن النساء لا تكسب سوى ثلث ما يكسبه الرجل من العمل ذاته. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن النساء ترتاد الجامعة بمعدل ثلاثة أضعاف عدد الرجال، ولكن نصف عدد النساء فقط يشاركن في القوى العاملة.

وفي جميع أنحاء أوروبا، فإن النساء تتفوق على الرجال أكاديميا، وتلتحق بسوق العمل بأرقام مماثلة، ولكنهن يشغلن أقل من 15 في المائة من المناصب العليا في الشركات.gal.work.women.jpg_-1_-1

وهناك أدلة دامغة عن المساهمة الاقتصادية التي يمكن أن تقدمها النساء، بدءاً من المستوى الأسري والمجتمعي، وصولاً إلى الأبحاث التي أكدت أن الشركات تحصل على أرباح التنوع، والبيانات العالمية الخاصة في المنتدى الاقتصادي العالمي بشأن العلاقات المتبادلة بين الجنسين والقدرة على المنافسة، الذي صدر خلال الشهر الحالي.

وحسب بعض التقديرات، يمكن أن يؤدي التكافؤ بين الجنسين في العمل إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي لدول عدة من بينها مثلا دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 12 في المائة، و9 في المائة في اليابان، و5 في المائة في الولايات المتحدة. ورغم أن العديد من المؤسسات تشير باستمرار إلى أن هذه المكاسب الجماعية المحتملة تعتبر مهمة، إلا أن التقدم لا يزال بطيئا. فما الذي يعوقنا؟

ويتخذ ملايين البشر ومن بينهم النساء والرجال قرارات يومية بدءاً من قرار التعاقد مع المدراء، واختيار المرأة لمهنتها، وتخصيص الموارد للأسرة، وصولاً إلى تكريس الفجوة بين الجنسين. وفي كثير من الأحيان، فإن هذه الخيارات تمثل استجابات عقلانية تماما مع الحقائق على المدى القصير.

فمثلاً، تخيل أن أما عاملة لطفلين، في سويسرا، تقرر التوقف عن العمل لفترة الأمومة، بعد النظر في النظام الضريبي المشترك في البلاد، ورعاية الأطفال الباهظة الثمن، ما يجعل ترك العمل من الناحية الاقتصادية يعتبر خيار أفضل على المدى القصير.

وللمفارقة، أن هذه الخيارات تبدو مريحة وجذابة على المدى القصير، ولكنها تؤدي إلى عواقب غير مقصودة وضارة على المدى الطويل. ومع مرور الوقت، تكافح الأم السويسرية من أجل العثور على وظيفة مجزية تطابق توقعاتها، بعد توقف قصري بسبب فترة الأمومة.

وتؤدي هذه الخيارات في نهاية المطاف إلى حالة من الفردية الشديدة، والخسائر الإجمالية على المدى الطويل. إذن ما هو الحل؟
أولا، يتعين على الحكومات أن تصبح أكثر استراتيجية في تنظيم الحوافز، ورفع مستوى الوعي لتشجيع الناس والمنظمات على اتخاذ قرارات مفيدة على المدى الطويل. وفي تركيا، على سبيل المثال، حيث لا يوجد سوى 26 في المائة من النساء يعملن، فإن الحكومة تقدم مكافآت للشركات الحكومية لتوظيف النساء من خلال دعم مساهماتها في الضمان الاجتماعي. وفي النرويج، فإن ما يسمى بـ”الكوتا الأبوية” تخصص 12 أسبوعا، للإجازة الأبوية. وفي بنغلاديش، وإندونيسيا، فإن برامج الحوافز المالية تهدف إلى تشجيع الآباء على إرسال بناتهم إلى المدرسة الثانوية.

أما إذا كانت الشركات تريد حقا أن تحصل على فوائد التنوع بين الجنسين، فإن قادتها يحتاجون لاتخاذ مقاربة كلية تؤدي إلى إصلاحات جوهرية حول كيفية تجنيد الموظفين والاحتفاظ بهم، وكيفية مراقبة ورعاية المرأة ذات الإمكانات العالية، وكيفية توعية المدراء على أساليب القيادة المختلفة، وكيفية إدارة سياسات التوازن بين العمل والحياة الشخصية بحيث لا تسيء إلى المرأة. بتصرف عن مقالة سعدية زاهدي، رئيسة القيادات النسائية وبرنامج المساواة بين الجنسين في المنتدى الاقتصادي العالمي، والمشرفة على التقرير العالمي حول الفجوة بين الجنسين، والذي يصدر سنوياً.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *