لم يكتب لـ”فيستي باز” أو مهرجان الحمير الذي يخصص جزءاً من فقراته لأجمل حمار وحمارة، أن يعقد هذه السنة في موعده، بسب ما وصفته إدارة المهرجان بسياسة التهميش والإقصاء التي تتعرض له قرية بني عمار الواقعة شمال مدينة مكناس المغربية.

وإذا كان أحد رؤساء مؤسسة اقتصادية كبرى بالمغرب، يرفض بشكل مطلق دعم “فيستي باز”، لأنه لا يحب الحمير كما يقول بعض المنظمين، فإن المهرجان استطاع هذه السنة رغم إلغائه لدورته الثانية عشرة أن يحصل على الجائزة العالمية الخاصة بالخيول (Horses of the World Special Award)، ومقرها العاصمة السويسرية جنيف.

وقال محمد بلمو، المدير الفني لمهرجان الحمير لقصبة بني عمار، في تصريح لـ”العربية.نت” إن هذه الجائزة العالمية التي يشرف عليها مربو الخيول ومدربو سباقات فروسية عالميون، تمت وبإجماع أعضاء لجنة التحكيم، أولاً لكون فكرة المهرجان تتسم بالتفرد، وبالتالي فإنها تستحق الدعم بالنسبة لهم، وثانياً هي التفاتة وتكريم للحمار.

وأشار بلمو إلى أن خبر الجائزة أثار دهشة سكان قريته الجبلية، وزرع الفرحة والحماس والأمل في نفوسهم إلى جانب المنظمين، الدين ألغوا دورة هذه السنة، احتجاجاً على ما تتعرض له قريتهم التاريخية والتراثية من تهميش، والتي لا تتوفر على عناصر الحياة، حيث إن الطرقات مهترئة، ولا يوجد قاعة مسرح ولا مكتبة ولا ملعب رياضي.

وأوضح بلمو أن الساحة الوحيدة التي كانت تستغل في تلك المناسبة بني بها مستوصف يشتغل مرتين في الأسبوع في أقصى تقدير، مشيراً إلى أن اختيار هذه الساحة كان متعمداً من طرف بلدية المنطقة التي تتوفر على الوعاء العقاري المناسب لذلك.

وأبرز أن المستهدف من ذلك هو المهرجانات التي تنظمها جمعية قدماء تلاميذ بني عمار ومنها مهرجان سينما القرية ومهرجان الحمير، وكلاهما لا يلقى دعماً من طرف السلطات المحلية ولا وزارة السياحة وكذا الفلاحة، باستثناء وزارة الثقافة ومؤسسة صندوق الإيداع والتدبير.

وأكد على أن سياسة التهميش دفعت ثلثي السكان نحو الهجرة، مع أن تاريخ القرية يعود إلى القرن السادس الهجري، وتوجد بها أربع زوايا صوفية ومجموعة من المآثر التاريخية، بعضها مكوم تحت التراب ولم يخضع بعد لإجراء حفريات تحدد تاريخه، كما أن القرية بالنسبة له شكلت ملتقى للعرب والأمازيغ.

وفي هذا السياق يقول الدكتور عبدالهادي التازي، الباحث والمؤرخ وعضو أكاديمية المملكة، حول هذه القرية التي سبقت أن استضافته في دورة سابقة لمهرجان الحمير، قصدت قلب “المدشر” وفوجئت بمشاهدة الآثار الباقية من الأمس البعيد: أقواس عظيمة تنتظر من يستنطقها، تحكي عن عالم كان حافلاً بساكنيه الذين راحوا برجاله ونسائه”، ليستشهد في هذا الباب بقول الشاعر ابن العميد:
سكن الدنيا أناس قبلنا رحلوا عنها وخلوها لنا
ونزلناها كما قد نزلوا
ونخليها لقوم بعدنا!
ويضيف التازي: “مبان كانت بالأمس هنا، كانت منازل إن لم أقل قصوراً… آثار لمساكن وأحياء ومرافق. وضمن هذه المباني كان هنا حي يسكنه يهود المدينة الذين كانوا يجدون في القصبة ما يسعدهم، كما وجد لاحقاً ثوار الريف وعائلاتهم ملاذاً آمناً في هذه القصبة، حيث استقر بعضهم بها عندما انهزمت ثورة عبدالكريم الخطابي”.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *