أثار قرار محكمة جزائرية وضع رسام كاريكاتيري تحت الرقابة القضائية موجة من السخط والتنديد في الأوساط الإعلامية والسياسية، لكون الرسم لم يكن موجهاً للنشر، ولكون الطرف الذي حرك القضية ضد الرسام هو الصحيفة نفسها التي يعمل بها.

وقررت محكمة وهران وضع الرسام الكاريكاتيري جمال غانم تحت الرقابة القضائية، بناءً على شكوى حركها مدير نشر صحيفة “الصوت الوهراني” الناطقة بالفرنسية، وتصدر غربي الجزائر، على خلفية رسم كاريكاتيري غير منشور، يتضمن حواراً بين صاحب محل لبيع “حفاضات الأطفال” يخاطب الزبون قائلاً: “تريد حفاضات لأي شريحة من العمر”، ويرد عليه الزبون “العهدة الرابعة”.h

وهذه أول مرة تقدم فيها صحيفة شكوى ضد رسام أو صحافي بناءً على مقال أو رسم يحتفظ به لنفسه، دون أن يقدمه للنشر. وكيفت النيابة العامة الرسم على أنه تعرض لشخص الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الذي تزداد احتمالات ترشحه لعهدة رئاسية رابعة رغم حالته الصحية، ووجهت الرسام “تهمة إهانة رئيس الجمهورية وخيانة الأمانة”.

وقال الرسام جمال غانم لـ”العربية نت” إن “الرسم كان مجرد فكرة، ولم تكن لي نية نشره أو تقديمه إلى هيئة التحرير في الجريدة، ولذلك أعتبر أنه من غير المعقول محاسبة الناس على مجرد نوايا، لم ينشر الرسم وعليه لا يمكن أن تكون هناك قضية”.

وأضاف أن “سلوك مدير الصحيفة مستغرب على الصعيد الأخلاقي والمهني، وهذا يعطي فكرة عن الأسباب التي دفعت الصحافة الجزائرية الى أن تصل إلى مثل هذه الانحرافات”.
تطوّر خطير وحرب بالوكالة

وهذه هي المرة الثانية في أقل من شهر التي تجري فيها إحالة قضية الى العدالة فيما يتعلق بالمسّ بشخص رئيس الجمهورية، وكانت النيابة العامة لمحكمة تلمسان (غربي الجزائر) قد قررت حبس المدوّن عبدالغني علوي، بعد نشره على صفحته على فيسبوك صوراً مركبة للرئيس بوتفليقة، اعتبرت مسيئة لشخص الرئيس بوتفليقة.

وقال رئيس المبادرة الوطنية لكرامة الصحافي، رياض بوخدشة، لـ”العربية نت” إن “هذا تطور خطير في منحى الحريات الإعلامية، كنا نطرح مشكل الحريات خارج قاعات التحرير، لكن الذي حدث في قضية الرسام الكاريكاتيري يعد تطوراً خطيراً”.

وعبّر بوخدشة عن أسفه لحرب بالوكالة يخوضها ناشرون ضد الصحافيين خدمة لمصالحهم الخاصة وامتيازاتهم المرتبطة مع السلطة.

ودانت نقابة الصحافيين الجزائريين وضع الرسام الكاريكاتيري جمال غانم تحت الرقابة القضائية من طرف قاضية التحقيق لدى محكمة وهران، وقال بيان وقعه الأمين العام للنقابة كمال عمارني ” إن محاسبة الرسام على رسم غير منشور، هي محاكمة عن النوايا وسابقة أولى في القضاء، واستغرب سلوك الصحيفة ووصفه بـ”السلوك المخجل والمنافي لأدنى أخلاقيات الممارسة الصحافية”.
تضييق من قبل الرئاسيات

وتربط بعض التحاليل حملة المضايقات الأخيرة ضد الصحافيين والناشطين الى اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ولفت رئيس مبادرة “كرامة الصحافي” الى أن القضايا انعكاس غير مباشر للوضع السياسي في الجزائر، حيث بات واضحاً أن إلقاء عدد من القضايا تتصل بالصحافة في الفترة الأخيرة الى المحاكم، يراد منها إشهار سيف العدالة على الصحافيين.

وعزا نفس المصدر ذلك الى اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في أبريل المقبل، ورغبة السلطة في سد الباب أمام أية معارضات أو توجهات قد تعاكس خياراتها السياسية.

وقال النائب في البرلمان الجزائري حمادوش ناصر: “مع أني ضد استغلال حرية التعبير للمساس بالأشخاص والهيئات أو للمساس بالأديان والمقدّسات، إلا أن هناك محاولة للتضييق وخنق الحريات خاصة في هذه المرحلة قبل الرئاسيات، وفيما يتعلق بالرئيس، في المقابل هناك جرائم وملفات فساد ظاهرة وموثقة وتعتبر تهديداً حقيقياً لمقدرات وإمكانات البلد ومع ذلك يتم التغاضي عنها”.

والخميس الماضي منعت إدارة رياض الفتح، وهو مجمّع متاحف تاريخية وقاعات سينما ومركز تجاري، صحيفة “الوطن” من تنظيم ندوة نقاش سياسي، واعتبرت الصحيفة أن هذا المنع يدخل في إطار محاولات السلطة للتضييق على حرية التعبير والنقاش السياسي في الجزائر.

وفي شهر أكتوبر الماضي هددت وزارة الدفاع الجزائرية بالمتابعة القضائية لكاتب عمود شهير في الجزائر وهو الصحافي سعد بوعقبة عقب نشره عموداً في صحيفة “الخبر” يتعرض فيه للجيش وللجنرالات.

وقبل ذلك تم توقيف صحيفتي” جريدتي” و”مون جورنال”، ووضع مديرها الصحافي هشام عبود تحت الرقابة القضائية بسبب نشرها مقالات تعرضت للرئيس بوتفليقة وشقيقه.

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

  1. رجل يحاكم من أجل كاريكاتير لم ينشر !!!!!!
    لو كان الخبر هذا عن المغرب لسمعنا الأسطوانة المعهودة: الخوف،، العبودية،، قمع الحريات..
    الآن لا أحد دخل للموضوع أو ترك تعليق…. الكل عامل نفسه مش شايف الخبر.. !!
    يا عزيزي،، كلنا دول العالم 3..
    أقولها دوما مافي حد أحسن من حد …و لكن انتم لا تقتنعون !!!!!!

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *