على موقع “يوتيوب” على الإنترنت، تحولت رشا، ابنة التسع سنوات، إلى بطلة مسلسل “أم عبدو الحلبية” الذي يروي للمرة الأولى بكثير من خفة الظل والمشاعر، حياة الناس في الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة في مدينة حلب السورية.
وتم تصوير المسلسل المؤلف من حلقات لا تتعدى الواحدة منها 10 دقائق، في المدينة التي تشهد منذ صيف 2012 معارك يومية، ويتقاسم السيطرة عليها كل من قوات المعارضة وقوات النظام، وقد شاهده عشرات الآلاف من متصفحي الإنترنت.
وبلغ عدد حلقات المسلسل 30، وممثلوه جميعهم من الأطفال. وتلعب رشا دور “أم عبدو”، ربة العائلة التي تروي تفاصيل الحياة اليومية تحت القصف وفي ظل أزمات المياه والمحروقات والدمار فيما كانت العاصمة الاقتصادية لسوريا.
ويعتمد المسلسل خطابا معارضا للنظام السوري، إلا أن بعض المقاطع يسخر أيضا بلطف من المعارضين.
وتُقلِّد رشا، الفتاة السمراء الجميلة، بشكل دقيق أحاديث النساء السوريات في المجتمع التقليدي وتعابيرهن وحركاتهن، وتظهر بعباءات ملونة مختلفة، ويتسم أداؤها بعفوية مذهلة.
ويقول مخرج المسلس بشار هادي لوكالة “فرانس برس”: “الفكاهة هي الأقرب إلى قلب المشاهد”، مضيفا أن الهدف من المسلسل هو “كسر الحزن المديد الذي عاشه شعبنا، أردنا أن نوصل بعض الأفكار ورسم الابتسامة في آن واحد”.
وتظهر الأفكار التي أراد القيمون على المسلسل إيصالها، في مونولوج طويل تدلي به أم عبدو حين يسألها برنامج تلفزيوني عن أحلامها، فتقول: “حلمي بوطن آمن، حلمي بوطن آمن وحر وشريف. حلمي يرجعوا أولادنا إلى داخل البلد، ويرجعوا كل النازحين إلى ديارهم”.
وتتابع وهي تسير مع خلفية موسيقية حزينة، وسط دمار حقيقي داخل مدينة حلب، وحفر في التراب ناتجة على الأرجح عن قذائف، وسيارات محطمة: “حلمي أن نثأر لأولادنا الذين ضحوا بزهرة شبابهم، وأن ننتصر على الظالم. حلمي أن يتوقف القصف والدمار والخراب، وأن يخلصنا الله من الطاغية ومن شبيحته. حلمي أن أقف في وسط ساحة سعدالله الجابري وازلغط سعيدة لسقوط هذا الفرعون. يخرب دياره”.
وتظهر في الصورة طائرة تلقي برميلا متفجرا. وتقول الفتاة: “آخ، آخ.. ماذا أروي لك عن البراميل ورعب البراميل وخوف الأولاد من البراميل؟”.
ويقول المخرج إن رشا والأطفال في المسلسل “حالهم حال أي طفل سوري فرضت عليه ظروف الحرب. وبنية الشعب السوري القوية جعلت من أطفالنا أمثولة للعالم في الصمود وتحدي المصاعب، ليعبروا ببراءتهم عن الأمل الذي بداخلهم وقدرتهم على بناء المستقبل”.
ويشير إلى أن المسلسل “وسيلة لإيصال أصواتنا وإيصال مشاكلنا إلى الناس عامة، مؤيدين أو معارضين، عرب أو أوروبيين، وفي أي مكان في العالم”.
ووضعت حوار المسلسل عفراء هاشم، بينما حملت إحدى شركتي الإنتاج اسما معبرا هو “فضائيات بكرا أحلى”، إلى جانب “شركة لمية للإنتاج”، وتتخذان مقرا لهما في تركيا.
وتم بث المسلسل في مرحلة أولى خلال شهر رمضان في الصيف الماضي، لكن عدد مشاهديه على ارتفاع يوما بعد يوم.
كما أن نجاحه دفع قنوات تلفزيونية عربية للتواصل مع القيمين عليه من أجل البحث في عرضه، في حين يعمل المخرج على “تجهيز الترجمة لنتمكن من إيصال الرسالة.. إلى العالم”.

www.youtube.com/watch?v=dp2rAbEKfGo

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *