عدّلت الإدارة الأمريكية خلال الأسابيع الماضية من مواقفها تجاه المعارضة السورية، فقد اقتنع الأمريكيون أولاً بأن جيش النصرة لديه امتدادات متطرفة وتعود جذوره إلى تنظيم القاعدة في العراق، فأعلنت واشنطن أن جيش النصرة هو تنظيم إرهابي.

وأكثر ما دفع الأمريكيين في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي كان موقفهم المبدئي من القاعدة في العراق، والتي ارتكبت جرائم ضد العراقيين، خصوصاً زعماء وأفراد الصحوة، كما يعتبر تنظيم القاعدة في العراق مسؤولاً عن مقتل وإصابة عشرات الجنود الأمريكيين في عمليات هجومية أو انتحارية.
الحر منظّم ومنضبط

تسبب الإعلان الأمريكيsyria بردّ فعل رافض لدى المعارضة السورية، واستوعبت الإدارة الأمريكية ردود الفعل هذه، لكنها حصلت بالفعل خلال الأسابيع الماضية على مواقف من قادة الجيش الحر يلتزمون فيها بأن يكون جيشهم مستقلاً عن تنظيم النصرة، كما “التزم زعماء في الجيش الحر بأن يعالجوا مشكلة جبهة النصرة لاحقاً”، أي بعد انتهاء المعركة مع نظام الأسد.

ويعتبر ناشطون قريبون من الجيش الحر أنه حقق إنجازاً لدى تصريح الإدارة الأمريكية، على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن الإدارة على اتصال مع المقاومة المسلّحة السورية ممثلة بالجيش السوري الحر، وأن الجيش الحر أثبت للأمريكيين أن لديه هيكلية منظمة معروفة ومنضبطة، وأن الإدارة الأمريكية علمت بشحنة الأسلحة الكرواتية عن طريق لبنان، وأيضاً عن طريق الأردن وربما تركيا، ولم تمنعها لأنها تعرف الآن من يحصل عليها وتعرف وجهة استعمالها.

ويعاني مؤيّدو الجيش السوري الحر من بطء شديد لدى الأمريكيين في التعاطي مع الأمر الواقع في سوريا، حيث استهلكت إدارة أوباما أكثر من سنة للتوصول إلى قناعة بأنها ستتعاطى مع الجيش السوري الحر وما زالت ترفض حتى الآن أن تسلّحه، بل تكتفي بغض النظر فقط عن تسليحه بمضادات للدبابات.
يحتاجون إلى تصوير من الجو

يقول وزير الخارجية الأمريكي الجديد، جون كيري، إنه يبحث عن خيارات وبدائل لدفع بشار الأسد ومناصريه وروسيا وإيران لتغيير حساباتهم، فيما يعتبر مؤيدو الثوار في واشنطن أن المطلوب من الأمريكيين واضح، فالثوار بحاجة إلى ثلاثة مساعدات أساسية لتغيير الحسابات على الأرض، وأولها معلومات الاستطلاع.

فحتى الآن اكتفت واشنطن بإعطاء بعض الدعم الاستخباراتي للجيش الحر، لكنهم يطالبون بشكل خاص بـ”معلومات استطلاع حية”، ولن يتمكن أي طرف دولي من تقديم هذه المساعدة إلا الأمريكيين.

وشرح متخصص قريب من الجيش السوري الحر هذه المعلومة لـ”العربية.نت” بالقول إن الأمريكيين قادرون على تقديم تصوير من الأقمار الصناعية لثكنات الجيش النظامي بقيادة بشار الأسد، كما يستطيع الأمريكيون إطلاق طائرات تجسس صغيرة من دون طيار من أراض محيطة بالأراضي السورية مثل تركيا والأردن، وتستطيع هذه الطائرات إيصال معلومات آنية للجيش الحر عن تحرك أرتال أو تعزيزات يرسلها الجيش النظامي إلى نقطة مواجهة.

واعتبر هذا المتخصص، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الأمريكيين سيثبتون جدّيتهم ونيّتهم الثابتة في تغيير حسابات الأسد وزمرته ومؤيّديه عندما يقدّمون هذا الدعم النوعي للثوار، وكان الأمريكيون فعلوا ذلك في ليبيا عندما وفّروا المسح الجوي، وأعطوا الثوار معلومات واضحة ودقيقة وآنية عن تحركات أرتال من مناصري القذافي، وتمكن الثوار من خلال هذه المعلومات من صدّ المهاجمين.

يريد الجيش السوري الحر من الولايات المتحدة أيضاً أن تسمح بوصول أسلحة تسمح للثوار بشن هجوم وليس فقط الدفاع عن المواقع، وهذا يعني حصول الجيش السوري الحر على مدفعية متطورة ودبابات من مصادر خارجية، فلا ينتظر أن تسقط هذه الأسلحة في يده عندما ينشق ضباط وجنود أو تسقط ثكنة عسكرية، ويريد أن يستعملها لإسقاط مواقع عسكرية مكّنت حتى الآن النظام من التمسّك بخطوط الإمداد الرئيسية بين العاصمة والشمال ومنطقة الساحل.

لا شيء من هذا حصل حتى الآن، وإدارة باراك أوباما ما زالت تعطي الأولوية للحل السياسي، وتحاول إقناع روسيا وإيران والصين وحتى بشار الأسد.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *