تعيش مدينة حلب من دون مياه منذ حوالي ثمانية أيام، مما ينبئ بكارثة إنسانية كبيرة، يتبادل فيها أطراف النزاع الاتهامات من دون أن تتمكن جهات مستقلة من تحديد المسؤول المباشر عن قطع المياه.

ولجأ المدنيون إلى مياه الآبار والمياه الجوفية، واصطفوا في صفوف طويلة من أجل الحصول على المياه التي يُخشى أن تكون ملوثة وغير صالحه للشرب، بحسب تحذيرات “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، مما يهدد بانتشار الأوبئة بشكل واسع بين المدنيين، ويشكل خطراً حقيقياً في ظل تردي الخدمة الطبية في أنحاء المدينة.

ويوجه الناشطون أصابع الاتهام إلى “جبهة النصرة”، ويتهمونها بتعمد قطع المياه من إحدى محطات ضخ المياه في حي “سليمان الحلبي” التابع لسيطرة المعارضة، وبعرقلة عمليات إصلاح شبكات المياه المتضررة نتيجة قصف قوات الأسد.

وعلى الطرف الآخر، أصدرت “الهيئة الشرعية” – التي تشكل “جبهة النصرة” إحدى أركانها الأساسية – بياناً قالت فيه إنها أصلحت شبكات المياه إلا أن منسوبها كان منخفضاً، ووجهت اتهاماً لـ”داعش” بقطع المياه من داخل مدينة منبج.

وتسيطر داعش على مدينة منبج الواقعة شمالي شرقي البلاد، وتحوي المدينة على محطة ضخ للمياه في بلدة “الخفسة”، وهو ما استندت عليه “جبهة النصرة” في تبرئه نفسها من الاتهامات، بحجة أن الخفسة لا تقع تحت سيطرتها.

وتشمل المناطق المحرومة من المياه على مدينة حلب كاملة، بجزأيها المحرر والخاضع لسيطرة المعارضة، والمناطق المحتلة الخاضعة لسيطرة النظام.
ويبدو النظام هو المستفيد الأكبر من قطع المياه عن حلب، ومن عدم القدرة على تحديد الجهة المسؤولة عن ذلك.
حملة “حلب عطشى”

بدأ الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة باسم “حلب عطشى” تهدف إلى لفت نظر العالم إلى المعاناة التي يعانيها سكان حلب والتحذير من الكارثة الإنسانية.

وتنشر الحملة تدويناتها على الهاشتاغ #‎Aleppo_Is_Thirsty‬، ويصف “حسان حلبي” مدير صفحة “شاهد عيان حلب” وأحد القائمين على الحملة الوضع في المناطق المحتلة بقوله: “يستغل النظام انقطاع المياه عن المدينة، يسمح لشبيحته بالسيطرة على عملية الاتجار بالمياه، يصطف الناس بالمئات من أجل الحصول على المياه ويدفعون مبالغ كبيرة من أجلها”.

ويضيف لـ”العربية.نت”: “كل شخص يحاول أن يساعد في توزيع المياه على المواطنين بعيداً عن الشبيحة مهدد بالاعتقال أو مصادرة سوتير المياه حتى الليل”.
ولا يستبعد ناشطون أن يكون النظام هو من تسبب أصلاً بقطع المياه عن المدينة ولو بشكل غير مباشر، فهو يحد من حركة “الهلال الأحمر” والمنظمات الدولية من أجل تحديد المسؤول عن الجريمة، ويبدو قادراً على التنسيق مع “داعش” من أجل قطع المياه من المضخات التي تسيطر عليها.

ووسط تبادل الاتهامات وعجز منظمات المجتمع المدني عن تحديد المسؤول، يتذمر المدنيون بينما يقفون بذل في طوابير طويلة للحصول على المياه، ويصرخ أحدهم متذمراً في حي “بستان القصر” الواقع تحت سيطرة المعارضة: “لا يهمني من المسؤول، أريد مياهاً يغتسل بها طفلي حتى لا يمرض أو يموت، ألا يكفي أننا نموت تحت القصف وسط صمت العالم!؟”.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *