كتبت كلير شكر في صحيفة السفير اللبنانية

إذا أردت أن تعرف دفة السفينة السورية، فعليك أن تعرف ماذا يخبّئ وليد جنبلاط في جعبته من زيارته الروسية.

لم يحط الرجل رحاله في “العاصمة البيضاء”، إلا ليخرج منها محمّلاً بالمعطيات التي تسمح له بإدارة بوصلته وفق الرياح الدولية. لن يعاكسها أبداً، ولن يخالف تقلباتها إذا حصلت، أو تموجاتها إذا وقعت. المفاوضات العابرة للمحيطات هي التي ستحسم مصير الكباش الدولي على الأرض السورية. تخطّت اللعبة قواعد “الربيع العربي” وساحاته، وحتى إفرازاته. صارت حرباً أهلية، بكل ما للكلمة من معنى. تلك التي تخوّف من وقوعها “البيك” منذ أكثر من عام وحذر من الانزلاق إلى وحولها.

في موسكو، الملف السوري “محشو” بـ”الداتا”. معارك بلاد الأمويين صارت الخبز اليومي لفلاديمير بوتين، وممره الإلزامي من الكرملين إلى المياه الدافئة، التي لن يتخلى عنها بسهولة. أما باراك أوباما بنسخته الثانية، فيحاذر الوقوع في شرك التورط العسكري من جديد، وهو الذي لم تمض أشهر بعد على توديعه العسكري لبلاد ما بين النهرين ويستعد لتوديع جبال “تورا بورا” بعدما لاحق أسامة بن لادن حتى حتفه الأخير.

في موسكو، كان لقاء الضيف اللبناني مع المسؤولين الروس ودّياً، على خلاف الجلسات التي عقدها في المكاتب ذاتها، منذ نحو عام. يومها بدا النقاش جامداً، لا بل قاسياً كصقيع تلك البلاد. هذه المرة اختلف الوضع. طرأت ليونة ما على الحديث. الطبق السوري تصدّر قائمة النقاش. الكل متفق على الحل السياسي ومؤتمر جنيف، ولكن كيف يمكن تطبيقه؟ التوافق يشمل أيضاً المرحلة الانتقالية، ولكن من يحدد شروطها؟
قال “أبو تيمور” لمضيفيه إنّ مدخل الحلّ السياسي يتمثّل بحكومة انتقالية تُحمّل كامل الصلاحيات التنفيذية اذا كان الأسد ليس في وارد التخلي عن الرئاسة. يردّ الروس بأنّ بشار الأسد مستعد لتسليم صلاحياته في المرحلة الانتقالية. ولكن وليد جنبلاط غير مقتنع بهذا السيناريو.. ولو انه لم يفقد الأمل به، خاصة أن بديله هو المجهول القاتم السواد.

يسأل عن الأسباب التي تحول دون استضافة الرئيس السوري في روسيا. يجيبه محاوروه أن موسكو غير مستعدة للقيام بهذه الخطوة، كما أنّ الأسد لا يثق بأي ضمانات خارجية قد تُعطى له. إجابات عدة لتفسير واحد، وفق القراءة الجنبلاطية: بشار الأسد باق، باق، باق… وسوريا هي التي تدفع الثمن.

في هذه الأثناء، يلملم الرئيس الأميركي المجدّدة ولايته، إدارته الجديدة، وسط تحديات عدة، أبرزها المفاوضات مع إيران حول السلاح النووي، التحذير “التاريخي” الذي وجهه إلى بنيامين نتنياهو، وتحوّل بلاد “العم سام” في وقت غير بعيد، إلى دولة مصدّرة للنفط والغاز.

ماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك، وفق نظرة جنبلاط، أنّ واشنطن قد تستغني قريباً عن النفط الخليجي، الذي تُسيّل أمواله، أسلحةً تكدّس في المخازن من دون أي وظيفة، ومشاريع “همايونية” سرعان ما تذوب في الرمال، في حين تكفي حفنة من هذه الدنانير لمحو الأمية.

يعني أيضاً، أن الإدارة الأميركية غير مبالية لما يحصل في دمشق وريفها، وفي بقية المدن والقرى السورية. كما يعني أنّ “أصدقاء سوريا”، مكتفون بالبهرجة الإعلامية، والمؤتمرات الصحافية الرنانة، التي تنقل المعارضات السورية من تجمّع إلى تحالف، إلى ائتلاف… ولكن أين الحكومة الانتقالية (المعارضة) التي يفترض أن تتحمّل مسؤولية خزانة التمويل بدلاً من توزيع المال يمنة ويسرة؟

باختصار، كلّها مؤشرات على أن الحرب الأهلية التي دخلت سوريا نفقها، طويلة، لا بل طويلة جداً، على ما يقول “أبو تيمور”، لا سيما أنّ ضابط الإيقاع الذي يفترض أن يرعى الحلّ السلمي، “مفقود.. مفقود”.

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫12 تعليق

  1. اعتقد ان كثير من فضائح المعارضة واستهدافها للمدن الامنة التى ترفض العسكرة جعل جزء كبير من الشعب السورى يلتف مجددا حول جيشه وقيادته خاصة ان البلاد اصبحت ملئية بالجهاديين المزعومين الذين اتوا من كل اصقاع الارض وما يجعل الموقف الروسى مفضلا دائما للحل السياسى لكنه يتعامل مع معارضة غير مسؤولة في جزء كبير منها وعميلة في الجزء الصغير المفروض على سوريا كجماعة الدوحة واسطنبول ………………..الجزائر

  2. بشار الأسد باق، باق، باق… وسوريا هي التي تدفع الثمن.
    ————————————————————————————
    شخصياً هذه قناعتي و قد كتبت منذ سنة تقريباً مقالة بهذا الخصوص في نورت و الكل إستهجنها وقتها لكن منطق الأمور يقول هذا و على المعارضة ان تأخذ الظروف العالمية بعين الإعتبار و إلا ستكون المعارضة السورية نفسها مسؤلة بقدر النظام عن خراب سوريا الحاضر و المستقبلي
    كنت اتمنى لو كنت على خطأ

  3. بشار راحل راحل راحل
    واذا بشار مانفع وياها الربيع راح ينفع وياها الحصاد لن ماكو ارادة اقوى من ارادت الشعوب

    1. الأسد باق باق باق باق باق باق باق باق باق باق باق باق ولا تتعبوا حالكم بالتفكير الأسد يرحل….ليلى

    2. يسلم كلامك الطيب يا الزيدي يا ابن العراق جارنا الكبير

  4. الأيام بتفرجينا شو رح يصير…يا خبر بفلوس بكرا بصير ببلاش..
    كيفك لولو؟؟؟

    1. هلا مودي كيفك كيفك ياقمر اليوم قال شو راحل هههههههه والله ليرحلوا وهو قاعد….ليلى

  5. متى سيبدأ القوم بالتفكير بعيداً عن عواطفهم
    مصير الأسد لم يحسم نهائياً لكن إذا حدثت إتفاقية بين امريكا و إيران ضد سوريا اي مقاومة سورية داخلية لن تحسم الوضع السياسي الداخلي

    1. يا نهى , حصلت اتفاقات أخيرة بالتعاون الإقتصادي بين سوريا و إيران , هادي اتفاقية جديدة حصلت في هاد الشهر على ما اعتقد , و كمان روسيا بعثت سلاح جديد
      رد الله كيدهم في نحرهم

  6. اخ سليمان صباح الخير اولاً
    الأتفاقيات اللي ممكن تصير بين امريكا و إيران ضد مصلحة الشعب السوري هي الأهم و الأخطر لأنها ممكن ان تحسم سلباً المشكلة السورية بكل تداعياتها السلبية لذلك الله يستر

  7. الأسد مدعوم من قبل الكثير من شعبه , على عكس ما تروج له الكثير من المنابر الإعلامية و الفضائيات التي تمارس نوعا من الحرب النفسية على الشعب السوري, الأسد هو ضمانة لمنع تقسيم سوريا , كما أنه ضمانة للتعايش السلمي بين الطوائف المتعددة , هذه قناعتي الشخصية لكن بالنهاية سيتحقق ما يريده الشعب السوري

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *