١/
الديمقراطية .. هذه الكلمة الكاذبة التي أهداها الغرب للعالم الإسلامي ، فبها أصبحت سوريا ملعب تتضارب فيه حسب أهواء اللاعبين ، كما أصبحت العراق ميدان لحوار حربي تملكه أمريكا وتسعى تركيا وإيران في إثبات أحقيتهم في تملك جزءاً منها ، حيث تزعم تركيا أن الموصل كانت تابعة لها وتخلت عنها تحت ضغط بريطاني في معاهدة ”لوزان” التي كانت في عام 1923م ، وتزعم إيران أن الإرهاب الذي يحدث في العراق يهدد أمنها ، وحاولوا تصديق ذلك إن استطعتم !..
ولكثرة المشاكل التي تجتاح العالم الإسلامي بقصد ، لم تعد الأمة العربية والعالم بأمكانه سوى النظر في آخر الأوراق وترك ما قبلها ، لهذا لا تسألني لماذا لم تعد القضية الفلسطينية محل حوار ؟!…
٢/
جائت مصر – خيراتها وسنواتها – في رؤيا الملك بإنها سبع بقرات (سمان وعجاف) تلك البقرات التي – ربما من 7 آلاف سنة تُنهب ولا تُفنى – تأكل نفسها وخيراتها بأيدي حكامها وضباطها وأبنائها وغير أبنائها وتحولت لبقرات عجاف ومع ذلك يتواصل الأكل الذاتي وكأنه لا فناء ..!
تلك البقرات التي عرف (الأُمي) محمد علي والذي لم يكن مصرياً بقيمتها فعمل على حلبها بالترغيب تارة وبالترهيب تارة من أجل بناء امبراطوريته وكاد أن يقترب كثيراً وبالتعاون مع الفرنسيين من عمل أمبراطورية عصرية متطورة ربما تُغير – وقد غيرت فعلاً – خريطة المنطقة وربما العالم ، وكان سيرث محمد علي السلطنة العثمانية ، لولا أن تحالفت ضده الدول الأوروبية من روسيا شرقاً إلى بريطانيا غرباً وهي المختلفة بشدة فيما بينها ، بل وساندوا الدولة العثمانية حتى لا تسقط ، أو وقفوا مع “الخلافة” كما يسميها المسلمون المتعاطفون حتى لا تسقط في يد محمد علي ، ثم حطموه وحجموه ومات ( وربما تخلصوا منه هو وابنه إبراهيم ) ، لكنه ترك برغم سلبياته آثار نهضة في مصر إلى يومنا هذا بعد قرون قضتها في ظل عهد الغيبوبة العثمانية ، وكأن مصر استفاقت في عهده ولو كان ذلك مصاحباً ببعض اللطمات الجانبية ..!
٣/
“الخلافة” ذلك المصطلح الذي وهبه الله لنبيه داوود عليه السلام ، والمصطلح الذي رددته الألسنة من بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا ولا نجد تعريفاً محدداً له حتى عند السلفيين المتمسكين بالأحاديث ، فألسنتهم تتلو الأحاديث ” كالخلافة 30 سنة بعد النبي” أو أحاديث ”خلافة منهاج النبوة” وغيرها بينما قلوبهم وعقولهم وألسنتهم وأيديهم أيضاً تهديها لزيد وعبيد ، وكأنك يا أبو زيد ما قريت ..!
٤/
الدولة العثمانية أو “الخلافة” التي يتباكى بعض المسلمين المتحمسين على سقوطها الطبيعي بأيدي أبنائها وبأيدي عرب ومسلمين وغير مسلمين ، بطريقة موسى والخضر والسفينة ، وربما إذا لم تسقط الدولة العثمانية في 1924 لن يجدوا الإخوان المسلمون وغيرهم من المسلمين اليوم تركيا القوية العلمانية الحديثة التي تكتب باللاتينية وترقص التانجو والتي يحتمون بها ويمجدونها في سعيها المبطن لاستعادة “الخلافة” العثمانية أو مجدها الإمبراطوري المفقود ..!
فتأملوا بأنفسكم التناقض ..
٥/
جاء في كل هذا التاريخ – تاريخنا وتاريخ البشرية عامة – العديد من الخروجات والغزوات والفتوحات والاحتلالات ، من يقول ويردد تلك الجملة المستهلكة : ” لا خروج على الحاكم ” ، هكذا رددها ببساطة .. ثم إذا فاز الحاكم الجديد بالضربة القاضية ، ربما كان أول من هناه ويصطف في صفه ثم يمنع الخروج عليه أيضاً بالأدلة العقلية والنقلية ، وهكذا في تناقض مضحك ..!
والحقيقة تؤكد أن هذا الأمر لا يفعله السلفيون فقط أو علماء السنة أو الشيعة ، ولن أبالغ إن قلت الجميع بما فيهم غير الإسلاميين ، إنه فقه الواقع المُختلط بنظرية الأنا ، نظرية (الأنا) التي تعني أنك أنت لو في الحكم ولم تعجبني فأنا أرى لنفسي الحق والمبرر الكافي للخروج عليك ويكون هذا حلالاًُ حلالا ًُ حلال أما لو كنت أنا في الحكم فالخروج علي حراماًُ حراماًُُ حرام ويحق لي وقتها فرم الخارجين وإبادتهم دون أن تهتز شعرة في شعري وبنفسً مطمئنة وسألقى الله وضميري راضي ونفسي راضيةً مرضية ، وفي كلا الحالتين ، لدي التبريرات والأسانيد الشرعية وعندي من يبصمون عليها بالعشره ، أما من جهة العقل كذلك وفقه الواقع فعندي المبررارت والحجج المنطقية ، وهكذا الواقع عادةً يرتبط بالقدرة والغلبة بغض النظر عن النظريات .. فالأقوى نطيعه فهذا واقع الواقع ولو قسم ظهرك وفعل فيك الأفاعيل ، ويحرم الخروج عليه إسلاميين وعلمانيين ورجال جيش وشعب عادي ونشجب وندين ونندد ونبرأ إلى الله من أي خروج عليه أو تحريض .. ثم بيننا وبين أنفسنا إذا شعرنا بسوء الوضع ننتظر سراً ذلك المخلص (المهدي المنتظر) بالبلدي : اللي هيشيل الليلة .. أن كان في شخصاً وسنتخيله في صورة المهدي المنتظر الذي سيقوم بانقلاب ، أو كانوا جماعة نافذة تتحول لدولة وتضاهيها كما فعل العباسيون .. فإذا اهتزت صورة الحاكم الحالي كفرد أو نظام وبدت أمارات نهايته وبدأ السقوط والهروب ، أسرع وقال إسلاميين وعلمانيين وعسكريين وعامة الشعب : الله أكبر ، يجوز الخروج على الحاكم الساقط المتهاوي ..! اطحنوا وجه هذا الحاكم تخلو لكم وجه الدنيا وتروق الحياة وتحلو ..! ( رغم أنه قد لا يروق أي شيء في الدنيا ولا يحلو وتلك قصة أخرى ) ، أو على الأقل ليفعلها غيرنا بأيديه وليجعل عزيزنا الحاكم المتهاوي ذليل المهم أننا لو صمتنا فإننا قد لا ننكر هذا (الخروج) عليه حتى بقلوبنا ولن نفعل بعدها أكثر من تأييد المُتغلب الجديد وتحريم الخروج عليه وهلم جرا في تسلسل وسند تاريخي متصل ، والصوفية كذلك يفعلون ..! ربما لأن الحكمة التاريخية العملية والواقعية بعيداً عن الفلسفات والتنظير تقول ببساطة : الناس مع من غلب ..! أو كما قال قوم فرعون قديماً : ( لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين ) ..!

ولا تقلق فلدينا إمكانيات على توفيق كل شيء بشكل ديني وعقلاني وستجد دائماً من يتقمص منا دور الفقيه الشيخ الحكيم العالم ببواطن الأمور والذي عارك الحياة ليقول : الإسلام دين عملي ، بالآيات والأحاديث والعقل والنقل وسنسبك وندبج ثم ننام بضمير مستريح ودون أن يساورنا شك أن دين الإسلام العظيم يتحول لدين فوتوشوب وقص ولصق وثني آيات وعمليات تجميل وتقبيح ولي أعناق نصوص ولت وعجن ولوغاريتمات وأطنان من أسفار التراث وأسماء فخمة لرجال صالحين ورجال طالحين حولناهم بوعي أو دون وعي إلى اللات والعزه ..!
تحول من دين يُسر نزل لجميع البشر لا العرب فقط أو فطاحل العربية منهم وتم مع بعثة ووفاة النبي محمد إلى دين مجمد يقدم مع بوست فيس أو تغاريد تويتر لا تشعر بأي شيء معه أو تشعر بانقباض ..! كأنه يباع في سوق الفضائيات والإنترنت والأبليكيشن بعد تجاوز مرحلة الكاسيت .
٦/
بعيداً عن فخ التعميم والذي لا أقصده .. سيظل هناك مخلصون ومن كل المذاهب والفرق والجماعات المتناثرة المتفرقة على ما بينهم من تضارب واضح وهناك أناس مجتهدون في بحثهم عن أصل الشجرة ليتمسكوا بجذور الدين كما نزل وينالوا ثماره ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها .. ولكنك إن لم تكن كيساً فطناً وحذراً من البداية ، فبعد تجاربك في الحياة وبعد أن تلسع من نتائج وآراء هذا وتلدغ من سماع أفكار ذاك وترى تأثير ذلك على الناس والمجتمع والحياة حولك قد تجد أنك تتحسس تلقائيا رأسك – كما يفعل جوبلز مع مسدسه من كلمة الثقافة – من كل داعية بل ومن كل ما يسمى (شيخ) أو (رجل دين) وربما من كل ذي لحية .. ولأنك لا يجب أن تُلدغ مرتين ستنفخ احتياطا في منتجاتهم وتبحث بنفسك ولو كان الأمر عويصاً عليك وربما تنعزل بأي شكل ما نتيجة لذلك وقد يكون لذلك ثمن وعواقب ، لكنك في جنة عزلتك ستتذكر الدرس الأول من الله لآدم ولبني آدم .. أن إبليس كان شيخً عالم عابد زاهد وملاك بين الملائكة ، وأن ما أخرج آدم الطيب وزوجه من الجنة كان سماعه لإبليس الذي أقسم أنه الناصح الأمين ونسيانه تحذير الله ..! وأن المسيح الدجال لن يأتي بلسانه ليقول أنه المسيح الدجال وأنه كاذب ومُضل وملعون ..! بل سيأتي على أنه رجل مصلح مهندم محترم ناصح أمين ومخلص أو نبي .. لا وشوف يا مؤمن ، معه جنة ونار وموتى يبعثون ..!

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

  1. كالعادة لازم اقرأ لك مرتين حتى افهم … تكتفي بافكار عامة تلخص منظورك للامور دون الخوض في تفاصيل تزيد الموضوع أهمية و تزيد القاري فهم و ادراك ..

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *