في أول حوار له مع وسيلة إعلام عربية بعد أن خرج أخيراً إلى العلن ليضع حدا لما يزيد عن خمس سنوات من “السرية”، كشف قناص “تاركيست”، الشهير بلقب “روبين هود” المغربي، في حديث مع العربية نت بأنه لا يزال يملك أشرطة تُورِّط مسؤولين أمنيين في قضايا رشوة وفساد، غير أنه لا ينوي نشرها حاليا.
وكان منير أكزناي، وهو الاسم الحقيقي لقناص “تاركيست”، وهي مدينة تقع في قلب الريف بالشمال الشرقي للبلاد، قد أقام الدنيا ولم يُقعدها منذ خمس سنوات بعد بثه عبر اليوتوب فيديوهات حققت أرقام مشاهدات قياسية، تُظهِر رجال أمن ودَرَك في مدينته وهم يتناولون رشاوى، فتمت معاقبتهم سريعا خاصة أن تلك الصور تناقلتها حينئذ عدد من وسائل الإعلام الدولية.
واختار القناص الشاب، 26 عاما، أن يخرج إلى العلن ويبتعد عن السرية التي أحاطت بعمله الذي وجَّهه لمحاربة الفساد في مدينته، بطريقته الخاصة، عندما كشفت مجلة “هسبريس” الأسبوعية المغربية في أحد أعدادها الأخيرة عن هويته الحقيقية، ونشرت صورته بعد أن دوخ بعض أجهزة الأمن مدة تفوق الخمس سنوات.
لا أريد شهرة
وقال قناص تاركيست، في حوار مع العربية نت، إن لديه أشرطة جديدة تكشف عن بعض مظاهر الفساد وانتشار الرشاوى في تعاملات بعض رجال الأمن في منطقته التي ينتسب إليها، فالمتهور من يحرق جميع أوراقه، مضيفا بأنه “لا يرغب في نشرها لأنه لا يريد أن يخسر إنسانيته وآدميته، فرجال الأمن الذين قد يزج بهم في السجن فيهم من يعيل أسرا، ومنهم من يعيل أيتاما”.
وجوابا على سؤال يتعلق بالفوارق النفسية والاجتماعية التي يشعر بها القناص بعد خروجه للعلن مؤخرا، أفاد أكزناي بأنه “يحس بأن أيام الإحباط واليأس من واقع الظلم والتهميش الذي تعاني منه مدينته الصغيرة قد انقضت”، لافتا إلى أنه “رغم ذلك فتحركاته محسوبة وتتوزع بين العمل والبيت، وتعامله مع الناس صار مطبوعا بالحيطة والحذر”.

morocco
وتابع القناص المثير للجدل قائلا: “الشُّهرة باتت تُشعره بالخجل أحيانا والحزن أحيانا أخرى، فلست أرغب فيها ولم أكن يوما من مريديها، فأنا أريد أن أحيي حياة طبيعية بعيدا عن همز ولمز الناس، وبعيدا عن عدسات الكاميرا ومقالات الصحفيين، وكذلك بعيدا عن أصابعهم حتى لو كانت تشير إلي بالخير”.
الناس معادن
وبخصوص تعامل أسرته الصغيرة مع واقع كشفه عن هويته، أجاب قناص “تاركيست” بأن الخبر انتشر في مدينته انتشار النار في الهشيم، فبدأ كلام الناس الذي كان يحمل الكثير من التخويف والتهويل يجتاح منزل عائلته، ووصل إلى مسمع الأهل، فما كان منه إلا أن أقنعهم بأنه إذا كان قدَره السجن أو الانتقام فسيكون ذلك من أجل قضية آمن بها ودافع عنها؛ ألا وهي محاربة الفساد ومجابهة الظلم الذي تعيشه منطقته.
واستطرد منير متحدثا عن الطريقة التي استقبله بها أبناء مدينته تاركيست بعد إفصاحه عن حقيقته، حيث إن “الأغلبية الساحقة رأوا فيه الابن البار للمدينة التي تعاني من حيف اجتماعي فادح، ومن تسلط مسؤولين تولّوا تسييرها عبر عقود من الزمن، واعتبره آخرون مفخرة للمنطقة بعد ان كانت مجهولة في الريف العميق”.
واسترسل المتحدث بالقول إن “آخرين من ساكنة مدينته، خاصة ممن شربوا من كأس الذل والهوان، رأوا فيه شابا مزعجا لا تأتي من ورائه سوى المشاكل، وذلك خوفا على لقمة عيشهم الوحيدة التي منبعها زراعة الكيف السائدة في المنطقة”، بحسب تعبير قناص تاركيست.
وحول تقييمه لطريقته في محاربة الرشوة والفساد عبر تسجيلات مرئية، وهل أتت أُكلها وحققت ما كان يصبو إليه، قال منير أكزناي إنه راض نسبيا عن ذلك، فقد “أصبح السكان يلامسون تعاملا مغايرا من طرف الأجهزة الأمنية قائما على الاحترام المتبادل”، مشيرا إلى أن “السكان ليسوا بتلك المطية ليتم الركوب على ظهورهم وتُستباح كرامتهم”.
أنا والإسلاميون
ويفكر القناص في خوض غمار المجال الإعلامي، فمن خلاله “أستطيع ان أقدم الكثير للمنطقة التي ينتسب إليها، عن طريق صياغة تقارير وتحقيقات كتابة أو صوتا وصورة، بهدف رفع الحيف والتهميش عن أهلها”، مردفا بأنه “يفكر أيضا في الانخراط في المجال الحقوقي للدفاع عن قضايا السكان العادلة: الحق في العيش بكرامة، والحق في التنمية” يورد أكزناي.
ولم يفُت قناص تاركيست أن يدلي برأيه في حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية بالمغرب، والذي انخرط فيه وتقدم باسمه في الانتخابات البرلمانية السابقة، حيث قال إن “مشروع الحزب ليس بقرآن مقدس، كما أن وزراءه وقيادييه ليسوا برسل مرسلين أو ملائكة منزلين”.
وتابع قائلا “تدبير هذا الحزب للشأن العام قد تتخلله بعض الأخطاء والهفوات، وخمسون سنة من التهميش وسوء التدبير التي شهدتها البلاد لا يمكن أن تُعالَج أو تستقيم في سنة أو سنتين، لأن حزب “الإسلاميين” لا يمتلك عصى موسى السحرية”، وفق تعبير منير أكزناي في ختام حواره للعربية نت.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *