أظهر وزير الخراجية الأمريكي، جون كيري، دعما قويا لحكومة الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، في القاهرة، الأربعاء، في محاولة واضحة لإصلاح الخلاف العلني بين الدولتين حول قضايا حقوق الإنسان.

إذ قال كيري إن مصر “تلعب دورا حساسا لضمان أمن وسلام” المنطقة، وإن أمريكا تريد مساعدة مصر لإنجاح جهودها الرامية إلى التغلب على “التحديات الصعبة” التي تواجهها اقتصاديا وفي مجال مكافحة الإرهاب في شبه جزيرة سيناء، حيث يُشكل تنظيم “داعش” تهديدا محليا هناك. ووعد كيري بالعودة إلى القاهرة بأفكار للمساعدة في تنشيط الاقتصاد المصري ولمساعدة مصر في حملتها ضد “داعش.”

وأضاف كيري: “تحدثنا عن الطرق التي يمكننا بها حل بعض الخلافات والقضايا التي برزت حول السياسة والإجراءات الداخلية لشعب مصر،” وكان ذلك إشارة ضمنية إلى ما وصفته عدد من منظمات حقوق الإنسان العالمية بتدهور حقوق الإنسان، التي كانت مصدرا للتوترات المتزايدة بين الحليفين القديمين وأثارت جدلا واسع النطاق في واشنطن حول المساعدات الاقتصادية الأمريكية.

إذ كان قد أعرب كيري، الشهر الماضي، عن “قلقه البالغ” بشأن الاتجاهات الديمقراطية المتفاقمة في مصر، بما في ذلك قرار الحكومة لإنعاش التحقيق في قضية اثنين من الناشطين البارزين في مجال حقوق الإنسان اللذان اتهما بتلقي تمويل أجنبي بصورة غير مشروعة من منظمات غير الحكومية.

وعلّق كيري أن القرار جاء على “خلفية واسعة من الاعتقالات وتخويف المعارضة السياسية والصحفيين ونشطاء المجتمع المدني والشخصيات الثقافية.” ما أثار رد فعل حاد من وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الذي قال إن مصر ترفض “الوصاية” حول حقوق الإنسان من البلدان الأخرى.

لكن شكري كان أكثر تفاؤلا بكثير، الأربعاء، قائلا إن المحادثات مع كيري كانت “ودية وبناءة” و”عالجت رغبات الدولتين لتحسين هذه العلاقة،” وأخبر شبكة CNN بأن “مصر تقدر بشدة المساعدات الأمريكية وسعيدة بسعي الولايات المتحدة لمواصلة دعمها في هذا الوقت الحرج.”

وأضاف شكري أن كيري والسيسى ناقشا المناخ السياسي في مصر و”طرق كيفية إنشاء أفضل مناخ يساعد على ازدهار مصر اقتصاديا، مع الاعتراف بالمخاطر التي تواجهها وحاجتها إلى خلق حالة من الاستقرار.” في حين يقول مسؤولون أمريكيون ومشرّعون إنه من دون تحسن جدي في حالة حقوق الإنسان في مصر قد تضطر أمريكا إلى إعادة النظر في بعض من مساعداتها الاقتصادية.

ويُذكر أن الولايات المتحدة تمنح مصر 150 مليون دولار سنويا كمساعدات اقتصادية، فضلا عن تراكم مئات الملايين من الدولارات لتمويل برامج تعزيز الديمقراطية والتنمية الاقتصادية التي تم تخصيصها من قبل الكونغرس ولكن لم يتم بعد تسليمها.

وعلّق المسؤولون الأمريكيون على ما وصفوه بـ”حملة القمع التي شنتها الحكومة المصرية على المجتمع المدني والقيود المفروضة على المنظمات غير الحكومية” تُصّعب على نحو متزايد، إن لم تجعل من المستحيل، تنفيذ تلك البرامج.

إذ قال السيناتور الديمقراطي، باتريك ليهي، وعضو رفيع المستوى في وزارة الخارجية واللجنة الفرعية للعمليات الخارجية في الاعتمادات، إن “الحكومة المصرية تغلق المجال أمام وجهات النظر البديلة وتستخدم التهديد والسجن لمنع المجتمع المدني من العمل.. ما يترك لواشنطن عددا محدودا من الخيارات.”

وطلب ليهي مؤخرا من كيري التحقيق في “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” من قبل القوات المصرية، في حملة يقودها السيناتور من الأصوات المتزايدة في الكونغرس التي تريد إعادة تعيين أموال الدعم الاقتصادي المخصصة لمصر إلى دول أخرى بسبب عدم دعم الحكومة لتلك البرامج السياسية.

وأخبر ليهي شبكة CNN أن “حكومة السيسى تسير في الاتجاه الخاطئ، بشن حملة على الصحفيين وحظر المنظمات غير الحكومية وسجن المعارضين السياسيين.. وإذا لم نتمكن من إيجاد سبل لتنفيذ برامج المساعدة في مصر، هناك العديد من البلدان الأخرى التي تُعتبر حكوماتها شركاءً أفضل حيث يمكننا استخدام هذه الأموال بشكل فعال.”

وقال شكري إن “العقبات البيروقراطية” تمثل تحديات بشأن المساعدات، إلا أن كيري والسيسي ناقشا سبل التغلب عليها وقال إن الحكومة المصرية ستلتزم بالقيام بذلك.

لكن إريك تراغر، وهو زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، يعتقد أن المساعدات الاقتصادية الأميركية تثير الشكوك المصرية حول التمويل الأجنبي الذي يُهدد بقاء النظام نفسه. إذ قال: “هذا النظام غير قادر على الإصلاح السياسي لأنه يعتبره انتحارا، وتعتقد هذه الحكومة أن الاضطراب السياسي هو مؤامرة خارجية يقودها التمويل الأجنبي، وليس مدفوعا من داخل المجتمع المصري.”

ورغم المناقشات الأمريكية حول ما إذا كان ينبغي قطع بعض المساعدات الاقتصادية عن مصر، إلا أن الإدارة الأميركية والكونغرس ملتزمان بثبات بدعم القاهرة بـ1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية.

شارك الخبر:

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *